في مدينة نيويورك وتحديدا في "تايمز سكوير" أو ميدان تايمز تتمركز أهم المؤسسات الاعلامية من صحافة وتلفزيون إلى وكالات أنباء وغيرها التي صفت صفا مع المحال التجارية والمطاعم بمختلف أصنافها وجنسياتها من شتى بقاع العالم من السوشي الياباني إلى الشاورما اللبنانية والبريتو المكسيكي اضافة إلى مسارح البرودوي وروائعها المسرحية من "ماما ميا" و"شيكاغو" التي تنافس اعلاناتها مع اعلانات برامج ومذيعي المحطات الاميركية وحتى بالنسبة إلى إعلانات صور المارينز الاميركي تنافس هذه الاعلانات وهي في أحسن حلتها التي لا تخلو من الاثارة الهوليوودية وذلك من خلال تصوير الحرب بصورة جميلة لجذب الشباب الاميركي على المشاركة في حرب العراق. هذه الاجواء عدا صور المارينز ذكرتني بمدينتي المفضلة أيام الدراسة الجامعية والعملية بالتسعينات في لندن... فالتجول متعة في هذا الميدان فما بال لو مارست العمل الصحافي في مدينة مثل نيويورك تضم في جعبتها الكثير من الاخبار والوفود الرسمية التي تتوافد عليها يوميا من مختلف دول العالم كونها تحتضن مقر الامم المتحدة وايضا الكثير والكثير من الوسائل المختلفة والادوات التي لا يستطيع الصحافي العاشق لمهنته ان يتجاهلها بسبب اجواء المنافسة الكبيرة المترامية هنا وهناك التي كانت لي فرصة لممارستها. فصحافيو نيويورك ممن التقيتهم خلال زيارتي للولايات المتحدة الاخيرة هم من طراز آخر اذ انهم أكثر انفتاحا واطلاعا بحكم طبيعة المدينة التي يعيشون فيها المتعددة الثقافات والاثنيات اي "كوزموبوليتن". وجدتهم أكثر صحافيي ولاية اميركية مهتمة بشئون وثقافة منطقة الشرق الاوسط... اهتمامهم الكبير كما حدثني بعضهم من مجلة "ذي نيوركر" جاء كنتيجة طبيعية من بعد حوادث سبتمبر/ ايلول التي قلبت الموازين والامور لسكان نيويورك الذين وجدوا ضرورة التعرف عن قرب لثقافة العرب والمسلمين إلى اهمية محاربة الارهاب والامعان اكثر في مستقبل العراق لان استقراره من استقرار المنطقة. غير ان البعض منهم مازال يجد مشكلة في فهم ثقافة الاسلام كدين لغالبية العرب وعدم التعامل معه بصورة منفصلة، أي علمانية على غرار ما يحدث في تركيا او في الغرب الذي من وجهة نظرهم قد يكون حلا لكثير من سياسات المنطقة الخاطئة. اضافة إلى اقتناع البعض منهم بان الحرب على العراق كانت ضرورة لازالة اسلحة الدمار التي لم تكتشف حتى الآن ونشر الديمقراطية في العراق والمنطقة على رغم وجود فئة أخرى ترى أن ما يحدث في العراق هو صورة مكررة لحرب فيتنام. وجدت في طرح وجهات النظر المختلفة ايا كانت صحيحة ام مشوشة او خاطئة بداية أميركية قد تكون ايجابية لاكتشاف عالم العرب والاسلام وهو ما لم ألمسه خلال زيارتي قبل خمس سنوات لتغطية الانتخابات الاولية في الولايات المتحدة... ففتح باب الحوار وتبادل وجهات النظر هو الطريق الامثل لطرح القضايا والانفتاح على الطرف الآخر
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1138 - الإثنين 17 أكتوبر 2005م الموافق 14 رمضان 1426هـ