العدد 1138 - الإثنين 17 أكتوبر 2005م الموافق 14 رمضان 1426هـ

إعادة توزيع الأراضي خطوة أساسية للإصلاح

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في شهر مارس / آذار الماضي بدأت الحكومة الفنزويلية بتنفيذ قانون أصدرته العام 2001 يقضي باعادة الاراضي "التي استحوذت عليها الفئة المتنفذة" الى الملكية العامة. وبحسب القانون، فان الحكومة ستسترجع ملكية اراض شاسعة تبلغ نحو مئة الف هكتار من دون ان تدفع شيئا لمن استملكها من قبل، ومن ثم ستوزع مساحات منها على نحو 130 الف عائلة تستحق الحصول على اراض في وطنها. فنزويلا ليست هي الدولة الوحيدة التي قامت أو تقوم بمثل هذا الامر، فكل الدول المتقدمة فعلت الأمر ذاته، وبريطانيا كانت قد أعادت كل غرب لندن ومساحات شاسعة جدا في مختلف المناطق للملكية العامة. أما اليابان، فان الحاكم العسكري الاميركي دوغلاس ماك آرثر سحب كل الاراضي التي كانت لدى المتنفذين بعد احتلال اليابان في 1945 ووزعها على عامة الشعب الياباني، بحيث انه عندما انتهت فترته في مطلع الخمسينات من القرن الماضي خرج اليابانيون يبكون في وداعه، على رغم انه كان احد المسئولين عن القاء قنبلتين نوويتين عليهم. في العام ،1953 وعندما قام رئيس الوزراء محمد مصدق بإزاحة شاه ايران، سارعت اميركا وبريطانيا إلى هندسة انقلاب أعاده الى السلطة. وكان من بين النصائح التي حصل عليها الشاه هو ان يقوم بإعادة أجزاء كبيرة من الأراضي التي استحوذ عليها المتنفذون للملكية العامة، وفعلا قام الشاه بخطوة في هذا الاتجاه وأعاد توزيع أراض شاسعة على الناس، ولكنه شوهها بخطوات اخرى قلبت عليه الموازين لاحقا. وفي السنوات الاخيرة، شرعت عدة دول افريقية في إعادة الاراضي الشاسعة التي تم الاستحواذ عليها الى الملكية العامة سعيا لخلق حال من الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية الشاملة. ولكن هناك دولا اساءت في هذا المجال، وهو ما يحدث في زيمبابوي، اذ حول الرئيس روبرت موغابي الامر الى وسيلة للبقاء في الحكم وقام بتدمير الاراضي وتحويل كثير مما استرجعه الى العسكريين/ المحاربين الذين يعتمد عليهم للبقاء في الحكم. غير أن هناك التجارب الصحيحة في عدد من الدول الاخرى، من بينها إعادة غابات ومساحات كبيرة يستحوذ عليها القلة في جزيرة "موريشيوس" الى الدولة من اجل ان تنتفع بها البلاد. وفي العام ،1997 وعندما أراد الحكم في "هاييتي" أن يستقر قامت الحكومة باعادة نحو 1600 هكتار وأعادت توزيعها على العائلات المحرومة التي لا تملك شيئا، وبما أنها لا تملك شيئا فإنها على استعداد للثورة وإثارة القلاقل والاضطرابات، ولذا فان الاستقرار يتطلب اعادة شيء من التوازن. وهكذا فإن القائمة طويلة لو أردنا احصاء البلدان وكيف تسعى لتحقيق الاستقرار بعيد المدى عبر اعادة الاراضي الى الملكية العامة ومن ثم توزيع اجزاء كبيرة منها الى العائلات المحتاجة. سواء تأخر الحديث عن هذا الموضوع أو تقدم، فإن البحرين بحاجة الى خطوة اصلاحية من هذا النوع، وستعتبر أكبر خطوة اصلاحية على الاطلاق اذا اشتملت على إعادة الاراضي والبحار والسواحل والجزر الى الملكية العامة من دون ان تدفع الدولة شيئا إذا كان الاستملاك قد تم عبر الطرق المجانية التي أدت الى ان تتحول البحرين الى ارض اقطاعية ينظر اليها المواطن بالحسرة والندامة، بينما تتمتع اقلية صغيرة بخيرات الأرض التي وهبها الله لكل اهالي البحرين. وستتطلب الخطوة التوقف عن توزيع هدايا مجانية "قطع أرض" على أي شخص أو جهة، لأن أي هدية من الملكية العامة تتطلب موافقة الملاك الاساسيين "شعب البحرين"، وهذا لا يتم إلا عبر تشريع برلماني من خلال ممثلي الشعب. البحرين بانتظار هذه الخطوة التي ان تحققت، فإن البحرين ستلحق وربما تسبق دول الجوار، بما في ذلك دبي، لأن فيها من الخيرات ما يكفي لأن تعود كما كانت "لؤلؤة الخليج العربي"

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1138 - الإثنين 17 أكتوبر 2005م الموافق 14 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً