العدد 1124 - الإثنين 03 أكتوبر 2005م الموافق 29 شعبان 1426هـ

سنة العراق وشيعة البحرين... ما بين العنب والناطور

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

طموحي الفكري في هذه الحياة أن أكون من المساهمين فكريا في نقل الوعي الشيعي من ثقافة المقاطعة إلى ثقافة المشاركة مع الأنظمة العربية والخليجية، والعمل الجاد للتنظير إلى ذلك، واعتماد كل الأدوات العلمية والمعرفية للتصالح الشيعي الخليجي مع مؤسسات الحكم الخليجية، التصالح القائم على الاحترام المتبادل والعمل المشترك المؤسس لأرضية مشتركة قائمة على الثقة المتبادلة لتأسيس مستقبل تنموي إصلاحي للأجيال القادمة. التصالح لا يعني عدم النقد، والنقد الذاتي ظاهرة صحية لعدم تفاقم مادة الكوليسترول على مفاصل وعي السلطة. النقد الذاتي يأتي وفق الإطار القانوني ويعتمد أسلوب الحوار الحضاري والمنهج السلمي، ويجب أن نشجع كل المبادرات التي تصب في خدمة الإقليم الخليجي، وذلك لا يكون إلا بالتماسك الداخلي السياسي والأمني والاقتصادي. لهذا، أنا الآن في طور كتابة كتاب سأسميه "الشيعة في الخليج... من المواجهة إلى المراجعة"، أستعرض من خلاله الأثر الإيجابي للقاء الوطني والعمل الوطني المشترك. إن نظرية التصحيح من الداخل والمرافعة عن ملفات المواطنين والسعي إلى إصلاحها بالأسلوب السلمي، أثبتت التجربة إيجابياتها وأنها أفضل ألف مرة من أي خيار آخر. يقول عبدالله النفيسي في كتابه "الدور السياسي لشيعة العراق" بشأن تشكيل الحكومة العراقية في مطلع عشرينات القرن الماضي: "لم يكن متوافرا في صفوف الشيعة سوى أشخاص قلائل مؤهلين لتسلم مناصب حكومية رفيعة، والسبب في ذلك يعود إلى أن الشيعة "الطائفة" كانت دوما تقاطع الاشتراك في الحكومة التركية وتمتنع عن إرسال أولادها إلى المدارس التركية المهنية. أضف إلى هذا، أن الاتراك الرسميين أنفسهم لم يشجعوا الشيعة على الدخول في الخدمة المدنية وسلك التعليم" "ص: 176". لو تأملنا مواقف العراق نجد أن بعضا من العلماء راح يفتي الناس بعدم دخول المجلس التأسيسي في ذلك الوقت، فماذا حدث بعد المقاطعة؟ تهميش وضياع. جمع من العلماء رفضوا كل شيء، وارتكبوا خطأ استراتيجيا وأصروا على هجرة جماعية "18 عالما" إلى إيران ظنا بأن ذلك "الدخول" سيسبب حدوث أزمة، ثم اكتشفوا خطأ الموقف لاحقا، ثم عادوا بعد الهجرة وبشروط مقيدة. السيدهبة الدين الشهرستاني قام بمغامرة وأصبح وزيرا للمعارف في أوائل العهد الملكي، فأصبح في عزلة لسنوات طويلة - لأنه قبل المشاركة في الدولة - من قبل عدد كبير من الشيعة، وألقيت عليه الحجارة، ثم اكتشف المجتمع الشيعي بعد 80 عاما من الضياع الخطأ الاستراتيجي في ثقافة المقاطعة التي رسخت في عقول الناس. أما آية الله العظمى محمد اليزدي فقد كان من القلائل الذين دعوا إلى ثقافة التصحيح من الداخل، وكان يصر على التصالح مع الدولة والمطالبة بالحقوق وفق منهج وطني للجميع، ودعي إلى الدخول في سلك التعليم والقضاء. يقول الرهيمي "صاحب كتاب "تاريخ الحركة الإسلامية في العراق" ص: 107"، وهو يصف خطأ موقف بعض العلماء: "... وفي خطوة غير مدروسة وخاطئة، هدد بعض العلماء بهجرة جماعية إلى إيران، احتجاجا على إبعاد الخالصي". لكن، بعد الهجرة لم يحدث شيء. قناعتي عدم تكرار الأخطاء التاريخية، ويجب الاستفادة من الماضي. يجب على المجتمع المشاركة في البرلمان، وفي الصحافة، وفي النقابات، وفي كل شيء، لخلق تماسك وطني يصب في صالح الجميع. خوفي يزداد من تكرار سنة العراق خطأ شيعة العراق ما قبل 80 عاما، وهو الإحجام عن المشاركة في التصويت على الدستور الجديد ومن ثم البرلمان الجديد، إذ إن ذلك سيؤدي بهم إلى الوقوع في الحفرة ذاتها التي سقط فيها الشيعة قبل 80 عاما، والحفرة ذاتها التي سقطت فيها جبهة العمل الإسلامي في الأردن عندما قاطعت الانتخابات النيابية قبل عدة سنوات، فملأ الكأس بالمتمصلحين. الموقف ذاته ارتكبه الشيخ صبحي الطفيلي، عندما هاجم حزب الله لأنه شارك في انتخابات الدولة "العلمانية" الدولة اللبنانية، وهو المؤمل في دولة "إسلامية". الحركات الإسلامية مدعوة إلى الطرح الوطني والتصحيح من الداخل، فالإخوان المسلمون أخطأوا في سورية، والحوثي أخطأ في اليمن عندما التجأ إلى السلاح، وحركة التكفير والهجرة أخطأت في مصر. الحل هو التعامل "سنة وشيعة" في دعم الدولة المدنية المتمثلة في الدول الخليجية، ورص الصفوف لصالح الأجندة الوطنية، وتقوية الجبهة الداخلية في دعم الوطن ومصالح الناس لمنع أي اختراق خارجي، والمنهج السلمي يجب أن يكون خيارا للجميع

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1124 - الإثنين 03 أكتوبر 2005م الموافق 29 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً