العدد 998 - الإثنين 30 مايو 2005م الموافق 21 ربيع الثاني 1426هـ

بول ريكور... استعادة في معرض الغياب

"أوان" في عددها التاسع

بالتزامن مع وفاة الفيلسوف الفرنسي بول ريكور يصدر العدد الجديد "التاسع" من مجلة "أوان" التي تعنى بمراجعات وعروض الكتب وتصدر عن كلية الآداب بجامعة البحرين مخصصا محور العدد لترجمات ودراسات عن الفيلسوف الراحل. وجاء في مقدمة العدد: "ان العودة إلى بول ريكور عودة إلى أفق الأنثروبولوجيا الفلسفية، ولعل الاهتمام بهذا المفكر من خلال عقد المؤتمرات وتحرير المؤلفات والملفات ينطوي على رغبة في إعادة توجيه أسئلة الفلسفة، وفي القبض على لحظة فريدة تتجاور فيها الفلسفات الكبرى ضمن مشروع توفيقي طموح يجمع بين ميراث سقراط، أفلاطون، أرسطو، القديس، أوغسطين، شلايرماخر، فرويد، هوسرل وهايدغر... ونحن إذ نخصص ملف العدد لفيلسوف بحجم بول ريكور فمن أجل أن نحتفي من خلاله بقيمة التنوع الثري والخلاف في الفكر والفعل والوجود معا.

في هذا العدد يترجم طارق النعمان دراسة لبول ريكور بعنوان "العملية الاستعمارية بوصفها معرفة وخيالا وشعورا" وهي منشورة في "كريتيكل إنكوايري". خريف ،78 وفيها يتعرض ريكور للاشكالات القائمة بين مبحث الاستعارة وفق المرجعيات الدلالية، ومباحث الخيال والشعور، وفق المرجعيات السيكولوجية محاولا الافضاء إلى تركيب جديد يستوعب السيكولوجي ضمن الدلالي، ويتيح للمراهنة على إكمال نظرية دلالية للاستعارة ذات تقدير سليم لدور الخيال أن تأخذ موقعها في الدرس الفلسفي الحديث. إن هذه الدراسة تزعم أن ثمة تماثلا بنيويا بين المكونات المعرفية والتخييلية والانفعالية للفعل الاستعاري المكتمل وأن العملية الاستعارية تستمد تحققها واكتمالها من هذا التماثل البنيوي وهذا التشغيل التكاملي.

ويساهم سعيد الغانمي في ملف ريكور بنشر فصل من الجزء الثالث من كتاب "الزمان والسرد" الذي أكمل ترجمته بأجزائه الثلاثة، وهو سيصدر قريبا عن دار الجديد في بيروت. دراسة ريكور بعنوان: رحلة ختامية في الزمان والسرد، وفيها يبذل الفيلسوف الفرنسي جملة من الاستنتاجات التي يرى أن مشروعه الفكري يصوب إليها. ولعل أهم ما يلفت في ذلك هو الاستخلاص الذي يدلي به ريكور، بالكثير من الاطمئنان، والمتعلق بوصاية السرد على الزمان مادام الزمان لا يمكن التفكير فيه من دون زمان مروي. وعلى رغم وجود التباسات كثيرة تكتنف فكرة الزمان وتتسبب في اخفاق تمثيلها "وريكور يستفيض في بيان هذه النقطة" فإن الفيلسوف يبدو أميل إلى القول بأن فكرة الهوية السردية يمكن أن توفر حلا لهذا الالتباس بما تسمح به من نسج حبكات مختلفة ودينامية لتفاعل السرد والتاريخ.

ويترجم مصطفى النحال دراسة لريكور بعنوان "البلاغة، الشعرية، الهرمنيوطيقا"، وهي دراسة تنصب على حوارية المباحث الثلاثة المذكورة آنفا وحدود هيمنة أو تطاول أحدهما على القسمين الآخرين. ويخلص بول ريكور، بعد استقصاءات ألمعية وحاذقة، إلى المناداة بتعايش هذه المباحث لأنها "مقبلة من أمكنة ولادة غير قابلة لاختزال أحدها في الآخر". ومن ثم لا يوجد أي مبحث متفوق بإمكانه تعميم الحقل التام الذي تغطيه البلاغة الشعرية والتأويل. وفي غياب هذا التعميم المستحيل لا يسعنا إلا أن نرصد نقط التقاطع القابلة للملاحظة بين المباحث الثلاثة. فالبلاغة تظل فنا للحجاج يهدف إلى اقناع الجمهور بأفضلية رأي ما على آخر منافس له. وتظل الشعرية فنا لبناء الحبكات بهدف توسيع المتخيل الفردي والجماعي. في حين تظل الهرمنيوطيقا فنا لتأويل النصوص في سياق مخالف لسياق مؤلفها وجمهورها الأول بهدف اكتشاف أبعاد جديدة للواقع





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً