العدد 998 - الإثنين 30 مايو 2005م الموافق 21 ربيع الثاني 1426هـ

السطح الأملس والعمق الذي يموج

اختتام ملتقى القصة... دورة محمد زفزاف

الرباط - المصطفى العسري 

تحديث: 12 مايو 2017

تحت شعار "من أجل عمل جمعوي حداثي ومستقل" أسدل الستار حديثا على الملتقى الثاني للقصة القصيرة "دورة الراحل محمد زفزاف"، الذي احتضنته بلدة مشرع بلقصري - إلى الشمال من الرباط - والذي نظمته جمعية النجم الأحمر للتربية والثقافة والتنمية الاجتماعية بالإعلان عن نتائج جائزة الأديب أحمد بوزفور لناشئة القصة القصيرة وتوزيع الجوائز على الفائزين. وقد حصل على الجائزة الأولى صهيب جدير من مدينة طنجة عن قصته "رجولة"، وحصلت على الجائزة الثانية فتيحة خلفي من الدار البيضاعن قصتها "صرخة من هناك"، أما الجائزة الثالثة فقد فاز بها مناصفة عبد الله الحناتي الادريسي من فاس عن قصته "الحياة والأشباح"، وخديجة برادة من برشيد عن قصة "سيدة الرصيف".

وجاء في الكلمة الختامية للملتقى، أن جائزة بوزفور للقصة القصيرة عرفت خلال هذه الدورة تطورا ملحوظا، إذ ارتفع عدد المشاركين مقارنة مع السنة الماضية، كما أن المشاركات جاءت من مختلف مناطق المغرب.

وتخللت حفل توزيع الجوائز لوحات فنية إحداها تحت عنوان "الحلم العربي" والأخرى "الهجرة السرية" والأخيرة "الانتفاضة". ومنحت لجنة التحكيم جائزة أحسن أداء لقصة "جيلالي" وجائزة اللغة لقصة "جبل الأحلام" وجائزة الموضوع القصصي لـ "الكبار يستغفلوننا" و"لصان لن يثوبا" وجائزة البداية لقصة "السنبلة والعصفور" والنهاية لـ "الكتب الجديدة" وجائزة العنوان لـ "لأننا طبعا بالمغرب" والخيال القصصي لـ "جزاء العمة الشريرة" وجائزة الشخصية القصصية لقصة "الملتقى".

وكانت أشغال الملتقى الثاني للقصة القصيرة "دورة الراحل محمد زفزاف"، قد تميزت بمداخلات وضعت الكاتب الراحل في سياقه التاريخي، مشيرة إلى ميزاته الإنسانية وعلاقته بمحمد شكري وإدريس الخوري.

واعتبر المشاركون "أن زفزاف جاء وريثا لجيل الستينات وممثلا لجيل السبعينات الذي عمل على تحديث القصة القصيرة وضخ دماء جديدة فيها، موضحين أن أسلوبه كان شبيها بأسلوب همنغواي الذي اصطلح عليه الدارسون بـ "الجليد العائم" بمعنى "السطح الأملس والعمق الذي يموج". وأوضحوا أن المحتفى به، الذي اشتغل بالأدب على مدى أربعة عقود، عمل على انتقاء موضوعات قصصه من الهوامش المجتمعية، إذ تتبدى الشخوص مضطهدة مسحوقة "حمالون، مومسات..." معتبرين أن هذه القصص هي أساس شهرة زفزاف وطنيا وعربيا وعالميا.

وأبرزوا أن محمد زفزاف الذي نشر أول قصة له العام 1962 في مجلة الأطلس المعروفة آنذاك وهو لم يتجاوز قسم التاسع إعدادي، يقدم صورة نموذجية للكاتب العصامي "ناسك الكلمة وراهبها المتوحد".

واعتبروا أن ذكاء محمد زفزاف جعله ينفلت من "مأزق الايديولوجيا الذي كان سائدا في زمنه والذي يمجد الجماعة ويحتقر الفرد"، مضيفين أن صوت "هذا الكاتب الليبرالي" كان مليئا بالتناقضات الخلاقة. فـ "في الوقت الذي يكتب فيه عن الموت بشكل متشائم، يحتفي بالحياة".

يذكر أن محمد زفزاف ولد العام 1945 بضواحي مدينة مشرع بلقصيري، ثم انتقل برفقة والديه إلى مدينة القنيطرة قبل أن يشتغل بالتعليم بالدار البيضاء إلى أن وافته المنية، وكانت قد انعقدت قبل ذلك جلسة بشأن "الدارجة في القصة المغربية"، طارحة الكثير من الأسئلة مثل كيفية التجلي الفني للمغربية في العربية، وماذا تضيف إلى العربية الفصيحة وماذا تأخذ منها، مشيرة إلى أن لغة الكاتبات تختلف عن لغة الكتاب وأن استعمال الدارجة عند أولئك تختلف عنها عند هؤلاء.

وأشار المشاركون في الندوة إلى أن تجربة القصة عرفت مرحلتين أساسيتين تميزت الأولى بمحاولة تخليص القصة من الدارجة على اعتبار أن الفصحى هي لغة الوحي ولغة الكتابة بينما دعت الثانية إلى فكرة التهجين اللغوي بالنظر إلى عدم استساغة أن يتكلم الفلاح الأمي مثلا بالعربية الفصحى.

وفي مقارنة مع رواد القصة في المغرب اعتبر المشاركون أن محمد زفزاف تميز باستعمال الدارجة في سياقها، وغالبا ما يلجأ إلى تفصيحها واعتمد محمد شكري العامية للدلالة على الهامش.

وميز المشاركون بين مستويين في الكتابة يتمثلان في الكتابة القصصية بالدارجة المغربية ومستوى توظيف الدارجة المغربية في القصة المكتوبة بالفصحى. ودعا بعض المتدخلين إلى ضرورة التخلص من هذا "الإحساس السكيزوفريني" الذي يعيشه الكتاب من خلال علاقتهم بالدارجة التي تعد اللغة الأم ولغة التداول اليومي.

وأوضح المشاركون في هذه الندوة أن السؤال ليس هو لماذا نكتب بالدارجة ولكن كيف نكتب بها، مشيرين إلى أنها مستوى من مستويات اللغة تليها اللغة الفصيحة ثم الفصحى فالأفصح





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً