في شهر يوليو/ تموز من العام ،2004 تم الإعلان عن ولادة مفهوم الموهوبية لدى العالم الأميركي ذائع الصيت روبرت ستيرنبيرغ الذي يدير حاليا أحد المراكز البحثية المهمة في جامعة "ييل". وحظي مفهوم ستيرنبيرغ باهتمام خاص من قبل المجلة العلمية المحكمة التي يصدرها المجلس الأوروبي للموهوبين. وانقسم المتخصصون بين مؤيد ومعارض لمفهوم الموهوبية الجديد كما طرحه ستيرنبيرغ.

ينظر ستيرنبيرغ إلى الموهوبية من خلال القيادية، وهو يرى أن الموهوبية تتشكل من تجمع ثلاثة عناصر متآلفة ومتكاملة ومتناغمة، وهي: الذكاء، الإبداع والحكمة. واستخدم الاختصار WICS للدلالة على ذلك، إذ يشير الحرف الأول إلى الحكمة، بينما يشير الحرف الثاني إلى الذكاء ويشير الحرف الثالث إلى الإبداع، أما الحرف الرابع فهو يشير إلى طبيعة العلاقة القائمة بين العناصر الثلاثة السابقة، والتي يصفها ستيرنبيرغ بأنها علاقة تآلف وتكامل وتناغم.

ويعتقد ستيرنبيرغ أن الشخص الموهوب الذي يتمتع بقدرات عقلية عالية، ومستوى رفيع من الإبداع والحكمة ولكن يفتقر إلى هذا التآلف والتناغم بين العناصر الثلاثة سيكون في مقدوره الاسهام في تطور المجتمع. ولكن، لن يتمكن من الوصول إلى حدود العظمة.

وعند مناقشة عناصر نظرية ستيرنبيرغ يجب أن نبدأ المعالجة بمناقشة الذكاء بوصفه قاعدة الإبداع والحكمة، ثم نقوم بمناقشة الإبداع بوصفه ضرورة من ضرورات الحكمة. وتنتهي المناقشة بالعنصر الثالث وهو الحكمة التي تنبني على الذكاء والإبداع.

وبحسب وجهة نظر ستيرنبيرغ فالذكاء العملي يشير إلى:

- قدرة الفرد على تحقيق أهداف حياته في سياقها الاجتماعي الثقافي.

- الاستثمار في جوانب القوة والعمل على تصحيح جوانب الضعف والتعويض عنها.

- التكيف مع البيئة وتهيئتها أو انتخاب ما يناسبه منها، ويعد التكيف مع البيئة من المؤشرات التي تدلل على الذكاء، وهي مسألة مهمة في الحياة.

- توظيف توليفة من القدرات التحليلية والإبداعية والعملية.

أما العنصر الثاني، وهو الإبداع فالمقصود منه بحسب وجهة نظر ستيرنبيرغ هو السؤال المنظم الجريء بشأن الافتراضات، وحث الآخرين على القيام بذلك والمشاركة فيه أيضا، والقيام بذلك في إطار التفكير التحليلي الذي يندرج في سياق الإبداع. فعندما اقترح كوبرنيكس أن الأرض تدور حول الشمس رأى كثيرون أن هذه مجرد خرافة، لأن الجميع اعتقدوا حينذاك أن الشمس تدور حول الأرض. كما أن أفكار غاليلو غاليلي كانت سببا من أسباب محاربته ومعاقبته. وقد ينتظر المجتمع أعواما وأعواما قبل إدراك وفهم ماهية الافتراضات أو الأفكار المبدعة، لأنها لا تبيع نفسها وليست سهلة التسويق، وعادة ما ينظر المجتمع إلى المبدع بعين الريبة والشك.

أما العنصر الثالث، الحكمة فقد تحدث ستيرنبيرغ عن الحكمة بوصفها تطبيقا للذكاء والإبداع، وذلك في إطار مصفوفة قيم الفرد ذات العلاقة بالعمل والأداء والتحصيل في إطار من التوازن في العلاقة بين ما هو شخصي وبين ما هو عام، ويندرج في إطار اهتماماته في بيئة من البيئات التي يختارها ويتكيف معها. ويشير ستيرنبيرغ في هذا السياق إلى أن الذكاء العملي يدفع الشخص إلى البحث عن نهايات جيدة ونافعة ومفيدة له وللآخرين. ويرى ستيرنبيرغ أن في مقدورنا قياس العنصر الثالث من خلال سيناريوهات تحاكي الواقع