كثير من دولنا العربية تبدد موازناتها على بناء الجيوش والأجهزة الامنية حتى أصبحت بحجم الديناصورات لكنها في النهاية تكتشف ان ذلك اصبح على حساب البنى التحتية وما اضاع الدول الديكتاتورية شيء أكبر من هذه المؤسسات. .. ليس معنى ذلك أن أجهزة الأمن ليس لها أهمية... الكلام يجب ان لا نتخمها أموالا وصلاحيات فتفسدها كثرة الأموال إلى ان تتحول إلى مافيات تعمل لأجل حسابات شخصانية والعقلية العسكرية أو المخابراتية لا تفهم توازنات أو رؤى مستقبلية... تقرأ السياسة يا أسود يا أبيض... ليس هناك مناطق رمادية... ولعل قتل الحريري يدخل في هذا السياق بغض النظر عن هوية المخابرات التي قتلته اكانت عربية أو اقليمية "إسرائيل" أو غير "إسرائيل". أنا أؤمن ان انفتاح الجمعيات الحقوقية على وزارات الداخلية لتثقيفهم في الحقوق عملية ايجابية يجب تشجيعها لذلك لا بد من الشد على ساعد جمعية حقوق الانسان البحرينية على هذا التواصل الثقافي الحقوقي مع وزارة الداخلية. ومهما تكن الملاحظات يبقى ان البحرين اليوم - وبفضل الانفتاح السياسي في البلاد - يمر على رجل الأمن أو على وزارة الداخلية ولا يستشعر الخوف وليس مطلوبا منه ان يرفع قبعته منحنيا ليقدم التحية مخافة الاعتقال، وكم يفرح الانسان عندما يمر على أية وزارة بحرينية ويجد على ابوابها شرطة بحرينيين يبدون له التحية والسلام بابتسامة وطنية... نحن يجب ان نشجع الدولة في تزريق المؤسسات بالبحرينيين في شرطة المجتمع وفي غيرها ويجب ان نخلق اجواء لترطيب العلاقة. ان مثلث النهوض بالأمة ثلاثة عناصر: 1- المؤسسات. 2- الافكار. 3- الاشخاص. لا استطيع ان ابني مجتمعا ديمقراطيا حضاريا على فرد أو خمسة أو عشرة... المؤسسات هي الباقية والافراد ترحل مهما تكن عظمتها. رجل التجارة أو رجل الدين أو رجل السياسة مهما تكن كارزمية وشعبية هؤلاء ولو عجنت خلقتهم من أرواح الملائكة وعقولهم استوردت من العالم الآخر... كل ذلك لا ينفع. برحيلهم ينتهون إلا قليلا والذي يبقيهم مؤسساتهم. اما عن الافكار فلا يمكن ان نغير واقعا سياسيا من دون العمل على تغيير ثقافة السلطة وثقافة المجتمع لأن الثقافة هي التي تحرك نحو الحياة الحقيقية أو نحو الانتحار. والعنصر الآخر الافراد... نحن نبحث عن عقول استراتيجية. الآن في الغرب هناك دراسات علمية تكتب وخطط عن ما بعد 30 عاما كيف سيكون وضع العالم ونحن في الشرق مازلنا نناقش دوران الأرض. وهذا يدخلني إلى نقطة طالما ركزت عليها... هي الطموح... ينقل التاريخ ان كافور الاخشيدي ادخل إلى مصر هو ورفيق له مقيدين بالحديد... عبيد تركلهم الأرجل... مرا على مكان يبيع اللحم المشوي صاحب كافور قال: يا رب امنيتي ان اعمل بياعا في هذا المحل... اما كافور فقال: يا رب ان امنيتي أن احكم مصر وحكم مصر هذا العبد أيام عهد المماليك... ليس هنالك مستحيل على الانسان... الحريري كان مجرد محاسب مغمور في مكتب صغير ولكن الطموح والعصامية والحظ والقدرة الإلهية اوصلته إلى ما وصل إليه... شبابنا يجب ان يتطلع إلى الحصول على أعلى الشهادات ومن افضل الجامعات، أهم مسألة ان يقوي الإرادة ويضع له استراتيجية في الحياة... "انك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه" "الانشقاق: 6"... سوق البحرين مفتوحة للتجارة... ولو اننا علمنا ابناءنا أهمية التجارة سينجحون أكثر... اعرف شابا في مقتبل العمر كان مجرد موظف مطمور تحت رحمة مديره المتعجرف... الشاب فكر في مصدر آخر من مصادر الرزق وقال في نفسه: لماذا ابقى كالعبد اقضي طيلة عمري على راتب 300 دينار؟... لماذا لا ادخل مع شابين في تأسيس مشروع صغير مدروس عبارة عن مطعم... بدأوا بمطعم صغير والآن تفرغ إلى خمسة مطاعم... وهكذا... القضية ليس ان تؤسس مطعما أي كلام بل يجب ان تفكر في الموقع والزمن والكلفة والإدارة و... وهكذا في كل مشروع. أنا اوصي شبابنا البحريني بعدم الاقتصار على راتب الوظيفة يجب أن يفكر في عدة موارد من الرزق الحلال، ولو قرأتم روايات الرسول "ص" التي تشير إلى العمل، وسأتكلم عن ذلك لاحقا عن. الدنيا ليست "سجن المؤمن" و"جنة المنافق"، ان تبقى طيلة عمرك فقيرا كل همك السياسة أو ثقافة الموت. أبدا، الدنيا سجن المؤمن في إباحيتها وفي ضياع أخلاقها وإلا فالحديث يقول: "الدنيا أولى بها أبرارها لا فجارها". يجب على الأب أن يتعب نفسه على تربية اطفاله وتعليمهم وتوفير الحياة المريحة لهم... يجب الا ينهك زوجته بالانجاب السنوي، والإمام علي "ع" يقول: "قلة الأولاد أحد اليسارين". فكر كيف تطور من ثقافتك للحياة... كيف تنجب ابناء منتجين وكيف تبني أسرة مثالية. كيف تصنع أسرة قائمة على الحب والثقافة والوعي. دائما ما اسأل نفسي في السابق كان العرب الأوائل في انتاج المعرفة ثم تراجعنا كثيرا بسبب العواطف والشعارات وغياب الديمقراطية، لماذا مخترع الجاذبية الأرضية الانجليزي اسحق نيوتن ليس عربيا؟ وانظر إلى المخترعين مكتشف البنسلين اليكساندر، مكتشف الذرة جون دالتون، مخترع الطائرة الأخوان رايت، مخترع المصباح الكهربائي توماس اديسون، مخترع الهاتف الاميركي جراهام بل... اين العرب أين الكيميائي جابر بن حيان اليوم... أين ابن النفيس اليوم مكتشف الدورة الدموية الصغرى؟ اليابانيون كانوا اضعف الفرق في الرياضة فأرسلوا ابناءهم إلى البرازيل أو الأرجنتين للتعلم وها هم يتألقون... ماليزيا وضعت خطة كبرى سنة 1996م رمزت لها بـ "VISI ON 0202" نصت على انضمامها بحلول 2020 إلى مصاف الدول المتقدمة في العام ،1999 كانت هناك اكثر من 90 في المئة من المدارس الماليزية قد تحولت إلى مدارس ذكية تطبق المفاهيم التقنية في تعلمها وترتبط بالانترنت