الخطوة الجريئة التي أقدمت عليها الحكومة الإيرانية بشكل غير مسبوق بغية دحض المزاعم والاتهامات التي تطلقها الدول الغربية وخصوصا أميركا بشأن برنامجها النووي، ورفع طهران سقف العتمة أمام الصحافيين الأجانب للكشف عما تروج له الجهات الغربية بشأن إنتاج رؤوس نووية وصواريخ، يعد تحديا يجب أن تكمله الصحافة العالمية بصورة شفافة. جولة فوج من الإعلاميين لمنشاة نطنز في أصفهان برفقة الرئيس الإيراني محمد خاتمي التي اشرف عليها مكتب الرئاسة قوبلت بسخرية من واشنطن التي وصفتها بالمسرحية الإعلامية، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية آدم إيرلي إنه يتعين على إيران أن تثبت أنها لا تستغل برنامجها في إنتاج أسلحة ذرية بالامتثال لعمليات التفتيش التي تطالب بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. بالأمس كشفت لجنة شكلها الرئيس الأميركي جورج بوش - للوقوف على المعلومات الاستخباراتية التي اعتمدت عليها الإدارة الأميركية كذريعة للإطاحة بالنظام العراقي المخلوع- عن قصور وخطأ أجهزة الاستخبارات بشأن امتلاك بغداد أسلحة دمار شامل، وكلف بوش على أثر ذلك مستشاره للأمن الداخلي فران تاونسيند بمراجعة توصيات اللجنة لضمان اتخاذ الإجراءات اللازمة على أرض الواقع. إذا انتقدت اللجنة أسلوب أداء "سي آي ايه" في جمع المعلومات بشأن العراق قبل الحرب، مشيرة إلى أن تلك الأجهزة لم تدع أمام المحللين ما يكفي من المعلومات القيمة لتحليلها، وتحدث تقرير اللجنة أيضا عن حجم المعلومات التي تملكها أجهزة الاستخبارات بشأن ازدياد برامج التسلح غير التقليدية في دول عدة - منها إيران وكوريا الشمالية والصين وروسيا - لكنها رفضت مناقشة المعلومات على اعتبار أنها سرية. الرفض الذي تذرعت به اللجنة - للتعبير عن مدى صدقية المعلومات المستجمعة بشان برامج التسلح في إيران وغيرها - بحجة السرية ما هو إلى طريق يمهد إلى سيناريو آخر ضد إيران تعتزم الإدارة الأميركية على رسم صورته المتقنة لإعطاء الضوء الأخضر لإطلاق دفعة هجومية في أقرب وقت ممكن. وكان الأجدر والأصوب أن تستفيد واشنطن من الدرس وتراجع موقفها بالنسبة لإيران وكوريا الشمالية
إقرأ أيضا لـ "أنور الحايكي"العدد 940 - السبت 02 أبريل 2005م الموافق 22 صفر 1426هـ