العدد 940 - السبت 02 أبريل 2005م الموافق 22 صفر 1426هـ

كيف نشرب أبناءنا حليب الوطنية وبسكويت التسامح

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

أفهم الإسلام حضارة تمشي على الأرض، وذوقا يتحرك في أمزجة الناس، ووسطية واعتدالا وتفهما للواقع مع العمل الجاد لتحقيق الجوانب المشتركة بين بني البشر وخصوصا في العيش. .. لا يحزنني أبدا أن يرشح المسيحيون البحرينيون أنفسهم في البرلمان فهذا جزء من حقوقهم على الوطن، وأجمل ما في الأوطان عندما يعملون جميعا تحت سقف القانون ومبدأ المواطنة لصالح وطنهم... ثقافة التسامح والتعايش الإنساني يجب أن نرسخها في عقول أبنائنا... أن نشربهم حليب الوطنية لا حليب الطائفية وكراهية الآخرين من بني البشر، وألا نرتكب إثم اليهود عندما ادعوا أنهم شعب الله المختار. صحيح أننا يوميا نزرع المشانق في حياتنا اليومية لنسب هتلر في ادعاء زرقة اللون الألماني وكل بقية الشعوب جهلة ومتخلفون، ولكننا قد نمارس تلك العقلية العصابية، بل في البيت الواحد يوجد ذلك الفرز وتلك الرؤى الدونية... على طريقة مظفر النواب: قتلتنا الردة يا مولاي قتلتنا إن الواحد منا يحمل في الداخل ضده "التخوين هو الطبق اليومي الذي نقدمه على موائدنا الاجتماعية، وقطعة البسكويت التي نقدمها لأطفالنا مع الحليب". نتصالح في دولنا الشرقية وكأمم شرقية، ولكن صلحنا عادة ما يكون في ثوب استئصالي. نحن مسلمين ولو تولى منا أحد سلطة إدارة مزرعة دواجن لقمع الناس. الآن مثلا في لبنان أكثر اللاعبين من موالاة ومعارضة يرفضون الجلوس على طاولة مستديرة، والكل يردد: ان الله حاور إبليس وحاور الملائكة وحاور الكفار والمشركين حتى أصبح الحوار ظاهرة قرآنية... لأجل الحوار كل شيء يهون، إلى درجة أن رسول الله "ص" قال: "من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن". هل تعلمون لماذا أصابع بيروت الآن بدأت تحترق مرة أخرى؟ لأن كل شخص يريد أن يبني لبنان على طريقته الخاصة بعيدا عن التوافق والتعاون فوصلوا إلى نتيجة واضحة هي انهيار الجميع. لا أحد يستطيع أن يعيش بعيدا عن أحد... السلطة في لبنان محتاجة إلى المعارضة والمعارضة محتاجة إلى السلطة، وليس هنالك في داخل أي وطن شيء اسمه "انتصار أو نصر". النصر عندما نفكر في الهم المشترك والتنازل المتبادل لكي نخلق شراكة وطنية، والمراجعة يجب أن تكون للجميع فلا ملائكية في السياسة ولا عصمة. بالأمس سعدت بالخبر الذي تصدر الصفحات الأولى لصحيفتي "الحياة" و"الشرق الأوسط" عن إصدار فتوى للسيدعلي السيستاني بدعم الأمن في العراق مع مراعاة الضوابط الشرعية، وفي الوقت ذاته أفتى 64 عالما سنيا بجواز انخراط العراقيين في صفوف الجيش والشرطة ووقع الفتوى أعضاء بارزون في هيئة علماء المسلمين والحزب الإسلامي العراقي أبرزهم الشيخ عبدالغفور السامرائي والشيخ أحمد حسن إمام وخطيب مسجد أبوحنيفة ورئيس الهيئة في سامراء. ""الحياة" السبت العدد .15341 و"الشرق الأوسط" بالتاريخ ذاته". لعل البعض يسأل لماذا سعدت بذلك؟ لإيماني بأن العراق لا يمكن أن ينجح بطائفة عراق المستقبل، يجب ألا يؤدلج لصالح أحد على أحد، يجب أن نستفيد من الدروس عبر التاريخ. لا نريد عراقا شيعيا لسنة مهمشين في المراكز أو في المواقع القيادية... نريد عراق الإنسان، عراق الكفاءة، عراق الأعراق والمذاهب والتنوع الذي يعكس الاختلاف المذهبي بين البشر.. اختلاف الرحمة... لا نريد عراقا محسوبا على أحد ولا على دولة ولا على حزب خاص... عراق يبنيه العراقيون ولا يبنيه الآخرون، عراق التعددية والديمقراطية التي تحترم خصوصية الفروقات بين بني البشر. نريد عراق اليابان في احترام المواطن العراقي... نريد عراق سنغافورة في التحضر والنظافة... نريد عراق الغرب في عبقرة التنظيم وليس الإباحية... نريد فوق كل ذلك عراق الإسلام. الإسلام الذي يعني التسامح والتعايش والاستفادة من إضاءات بني البشر. نريد حكومة عراقية تمثل كل الأطياف... نبحث عن نموذج شرقي يعيد لنا الأمل. الاحتلال لن يرحل بالميكروفونات والعواطف ولغات التخوين، العراق سيرحل إذا تحالفنا لكي نطرده بأقل الخسائر. أعود فأقول ان "لبننة" العراق أو "أمركته" وتدخل الأجانب في العراق سيخرب الطبخة، لأن كثرة الطباخين عادة ما يخرب الطبخة. في العمل السياسي يجب أن نضع رجيما للعواطف. السياسية ليست نفخ ريش وامتداد شارب مثل شارب شمشون الجبار "له شاربان يقف عليهما النسر". نابليون بونابرت كان يقول وهو في مصر "البرودة هي أكبر مزايا الرجل المؤهل للقيادة". حركة الحوثي في اليمن تدل على الغباء السياسي، وكذلك قتل الحريري يدل على الحماقة السياسية، واحتلال صدام للكويت يدل على أنه كان ديناصورا ولكن للأسف بعقل ذبابة. ليتنا كدول ومجتمعات عربية نستفيد من اليابان... اليابان خرجت من حرب مدمرة العام ،1950 ولكنها لم تثرثر في المجالس ولم تعمد إلى جلد الذات التي يعبر عنها في علم النفس بعقدة المازوشية. ولم يلعبوا لعبة السوط والحلاوة أو الجزرة والعصا. في الخمسينات قرروا أن يصبحوا الأمة الأولى في العالم في انتاج النسيج فبلغوا الهند، وفي العام 1960 قرروا أن يصبحوا الأمة الأولى في العالم في انتاج الفولاذ وحققوا ذلك بجمع المعدات من الخارج وتحقيق المعجزة في الداخل، وفي العام 1970 قرروا أن يكونوا الأمة الأولى في إنتاج السيارات فبلغوا الهدف، وفي العام 1980 قرروا أن يكونوا الأمة الأولى في إنتاج الالكترونيات والكمبيوتر وبلغوا الهدف. السؤال: لماذا هم "نعم"، ونحن "لا"؟ دعونا نزرع الأمل، فالذي أعطاهم عقولا أعطانا عقولا، وقديما قيل: "لا شيء يصير بنا عظماء كالألم العظيم"... هكذا تعامل اليابانيون مع بلادهم المحروقة

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 940 - السبت 02 أبريل 2005م الموافق 22 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً