أثارت الصحف العبرية مسألة الكتل الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية وتوسيعها وتخوفت من تعارض أميركي "إسرائيلي" بشأن هذا الملف كما تخوف البعض من عودة العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فكيف نطلب من الفلسطينيين وقف "الارهاب" ولا نقوم بالتزاماتنا نحوهم؟! لكن التعليقات أجمعت على ان رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون أو "البلدوزر" ينتصر فهو حقق نجاحا في "الكنيست" وسيحقق نجاحا في تنفيذ خطة الانفصال عن غزة. أما النجاح الأبرز فهو ما سيحققه في واشنطن خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي جورج بوش، إذ توقع له المراقبون الإسرائيليون أن يحصد المزيد من الدعم لمستوطنات الضفة الغربية!!. فشارون مازال يؤمن بأن "البلدوزر" والوحدات الاستيطانية، بمساعدة الأميركيين، هما اللذان سيرسمان حدود "إسرائيل". وعزا أحد أبرز المهتمين بملف الشرق الأوسط، نجاح شارون إلى ان القوى المعادية للسلام في الكونغرس وضعت عراقيل في وجه أي تحرك باتجاه تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية. في أي حال، تهرب وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز في حديث إلى "نيويورك تايمز" من الالتزامات تجاه الفلسطينيين بعد أن اتهمهم بتهريب صواريخ محمولة على الكتف ومضادة للطائرات من نوع "ستريلا" إلى قطاع غزة. كما نكث الفلسطينيون بوعودهم بنزع سلاح 71 مطلوبا في أريحا و53 في طولكرم كذلك قلل من شأن السلطة الفلسطينية وتماسكها نظرا إلى الخلافات والتباين بين رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الوزراء أحمد قريع، وغياب القرار الواحد على الجانب الفلسطيني ورد موفاز على الشكاوى الفلسطينية بشأن توسيع البناء في المستوطنات، بأن الإسرائيليين لبوا مطالب عباس، والشعب الفلسطيني يلمس بعض التغيير في سلوك الإسرائيليين غير أن هؤلاء لا يلمسون أي تغيير على صعيد مكافحة الأجهزة الأمنية الفلسطينية للإرهاب!. وكتبت "هآرتس" مقالا تحت عنوان: "استفزاز في معاليه أدوميم" عبرت خلاله عن رفضها القاطع لبناء 0053 وحدة سكنية جديدة بين مستوطنة "معاليه أدوميم" في الضفة الغربية والقدس الشرقية لأن من شأن ذلك أن يعوق التواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية العتيدة. وأكدت انه على رغم رغبتها القوية في دعم شارون في هذه المرحلة وتأجيل الجدل بشأن مستقبل المستوطنات إلى مرحلة أخرى فإنه من الصعب الموافقة على توسيع البناء بين القدس الشرقية وكبرى مستوطنات الضفة. وحذرت من أن هذا المخطط يمهد لنزاع جديد بين "إسرائيل" والولايات المتحدة وبين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية. وحذرت أيضا من ان الموافقة على خطط البناء قد تلبد الأجواء بين "إسرائيل" والسلطة وتشكل شرارة لموجة جديدة من العنف. وشددت على انه سيكون من المستحيل الطلب من الفلسطينيين مكافحة "الإرهاب" عندما ترفض "إسرائيل" الوفاء بالتزاماتها بوقف النشاط الاستيطاني. وختمت بالقول انه كان يجدر بـ "إسرائيل" ان تقدم على خطوات من شأنها أن تساعد الفلسطينيين في هذه المرحلة الحساسة بدلا من العمل على ضم المزيد من الأراضي إلى "إسرائيل". وعلق يوئيل ماركوس في "هآرتس" على رفض الكنيست إجراء استفتاء شعبي بشأن خطة فك الارتباط، فاعتبر ان هذا القرار يشكل امتحانا آخر لأعصاب شارون الفولاذية. وذكر ماركوس، انه منذ يوم إعلان خطة فك الارتباط، لم يمر يوم واحد من دون أن يحاول أحد تقويض هذه الخطة، غير ان شارون حافظ على رباطة جأشه. وأشار إلى ان شارون نجح في تخطي العقبات التي وضعها متمردو "ليكود" في وجهه وخرج من كل المعارك منتصرا. حتى انه من المرجح أن يخرج منتصرا من اختبار صعب وهو اختبار الموازنة. وذكر أن سقوط الموازنة يعني سقوط الحكومة وبالتالي انهيار خطة فك الارتباط. ولاحظ انه في الوقت الذي يشهد تكتل "ليكود" حال تمرد، وبينما يتحضر المستوطنون واليمين المتطرف لإعلان الحرب على خطة فك الارتباط، ظهر عدو جديد لشارون لم يكن في الحسبان وهو حزب "شينوي". لافتا إلى ان هذا الأخير أعلن رفضه التصويت على الموازنة طالما ان شارون متمسك بتقديم مساعدات مالية تبلغ 092 مليون شيكل إلى حزب "يهدوت هتوراة" الديني المتطرف. واتهم المعلق رئيس حزب "شينوي" طومي لبيد، بأنه سجين جنون العظمة وبأن ذلك يمنعه من الإدراك بأن الحرب ضد الأحزاب اليهودية الأرثوذكسية يجب ألا تشكل سقف تحركات حزبه إلى الأبد. غير ان ماركوس، لاحظ ان شارون خرج منتصرا من معركة الموازنة أيضا بعد أن أعلن حزب "شينوي" انه سيوافق على التصويت لصالح الموازنة "وذلك بعد أن تعهد شارون بتقديم مبلغ 008 مليون شيكل لمصلحة الجامعيين". واعتبر ماركوس، ساخرا ان لبيد فقد "عذريته السياسية" وتحول إلى نسخة أخرى عن حزب "شاس" الذي يبيع مواقفه مقابل المال. وخلص إلى انه لم يبق أمام شارون سوى اختبار تنفيذ خطة الفصل، مبديا تفاؤله بأن ينجح رئيس الوزراء الإسرائيلي من جديد في الفوز في هذا الاختبار. وكتب ألوف بن في "هآرتس" مقالا تحت عنوان: "البلدوزر ينتصر" على خلفية رفض "الكنيست" الإسرائيلي إجراء استفتاء شعبي بشأن خطة فك الارتباط وإعلان حزب "شينوي" موافقته على التصويت لصالح الموازنة، وعلى هامش الزيارة التي من المقرر أن يقوم بها شارون للولايات المتحدة في 11 إبريل/ نيسان الجاري، كتب بن، ان شارون سيذهب إلى مزرعة بوش في تكساس للاحتفال بالانتصارات التي حققها حديثا، بدءا بانتصاره على المتمردين في تكتل "ليكود" الذين حاولوا الوقوف في وجه خطة فك الارتباط لكنهم فشلوا، مرورا بانتصاره على المشككين في سلطته، كما فوزه على اليسار الذي طالما كان يتربص به بينما ينظم اليوم تظاهرات باسمه، وصولا إلى انتصاره على طومي لبيد "رئيس حزب "شينوي"" الذي حاول أن يعزز سلطته السياسية ولكنه فشل مرتين. غير ان بن، اعتبر أن الأهم من ذلك هو ان شارون سيحتفل في تكساس، بانتصار "البلدوزر". وأوضح مرجحا أن يناقش شارون مع بوش كيفية تأكيد التفاهمات المتعلقة باحتفاظ "إسرائيل" بالتكتلات الاستيطانية في الضفة الغربية "في إشارة إلى رسالة التفاهمات التي قدمها بوش إلى شارون في إبريل الماضي والتي اعترف خلالها بحق "إسرائيل" في الاحتفاظ بالمستوطنات التي أشار إليها في حينه بـ "الحقائق المفروضة على الأرض"". وأضاف ان شارون يريد أن يحول الموافقة الأميركية على ضم "إسرائيل" التكتلات الاستيطانية إلى إذن بمواصلة البناء في هذه التكتلات مقابل إخلاء مستوطنات غزة وشمال الضفة. وأوضح بن، ان شارون يضحي بمستوطنة "غوش قطيف" "كبرى مستوطنات غزة" من أجل تحقيق هدفين: الأول تعزيز نفوذه في الداخل من خلال تعهده بالخروج من غزة، وثانيا توسيع الحدود الشرقية لـ "إسرائيل". وأكد ان الذين اعتقدوا في يوم من الأيام ان شارون أصبح يساريا وبدأ يشعر بالقلق على حقوق الفلسطينيين، مخطئون جدا. مشددا على ان شارون ما زال يؤمن بأن البلدوزر والوحدات السكنية، بمساعدة الأميركيين، هما اللذان سيرسمان حدود "إسرائيل". ورجح في الختام أن يكون لقاء شارون - بوش فرصة ليحصل رئيس الوزراء الإسرائيلي على المزيد من الدعم لمخططاته الاستيطانية
العدد 940 - السبت 02 أبريل 2005م الموافق 22 صفر 1426هـ