حولت الحكومة مشروعين بقانونين لتنفيذ الاصلاحات التي تحدثت عنها ندوة مجلس التنمية الاقتصادية في 23 سبتمبر/ ايلول الماضي. حينها ثارت ضجة كبيرة بشأن الارقام التي نشرتها الدراسة التي أعدتها مؤسسة "ماكينزي" وأشارت فيها الى ان البحرين بحاجة إلى أن تخلق مئة الف فرصة عمل بمستوى معيشة لائق خلال العشر سنوات المقبلة، وان الوضع سيصل الى حافة الخطر اذا استمرت السياسات والممارسات على ما هي عليه. وتنبأت الدراسة أن ستين ألفا من المواطنين سيصبحون عاطلين عن العمل اذا لم تتخذ اجراءات حاسمة. كما تنبأت بأن ينخفض متوسط الدخل مقارنة مع الماضي لان سياسة استقدام العمالة الاجنبية الحالية تتجه بالبحرين نحو مصير مجهول. الارقام التي صدرت بعد ورشة سبتمبر تؤكد ما تم التطرق إليه من ان القطاع العام قد تشبع من الموظفين وأن ما هو موجود أكثر من المطلوب، وان القطاع الخاص توسع كثيرا. وقد اجتذب القطاع الخاص نحو 99 في المئة الذين دخلوا سوق العمل خلال الربع الثالث من العام الماضي 2004 وعددهم الاجمالي 9723 شخصا، ما يؤكد أن القطاع الخاص هو الوحيد القادر على خلق فرص عمل جديدة. ولكن السؤال: اي نوع من الفرص، واي مستوى من الدخل؟ أرقام مؤسسة نقد البحرين تقول ان أكثر من مئة شخص يلتحقون بسوق العمل يوميا من بينهم 20 بحرينيا وأكثر من 80 أجنبيا. ويبلغ عدد القوى العاملة نحو 275 ألف شخص، بينهم 239 ألفا يعملون في القطاع الخاص. وتقول الارقام الرسمية ان الربع الثالث من العام الماضي شهد مزيدا من الانخفاض في متوسط الأجور في القطاع الخاص بنسبة 1,8 في المئة من 221 دينارا بحرينيا في الربع الثاني الى 217 دينارا بحرينيا في الربع الثالث، وكان متوسط الأجور قد شهد انخفاضا مماثلا خلال الربع الثاني مقارنة بالربع السابق، ما يعطي مؤشرا على أن القطاع الخاص يواصل توليد الوظائف منخفضة الدخل. دراسة ماكينزي قالت ان متوسط الاجور كان 420 دينارا في العام ،1990 وانخفض بنسبة 16 في المئة في العام 2002 الى 352 دينارا، واذا استمر الوضع على ما هو عليه سينخفض متوسط الدخل للافراد في العام 2013 بنسبة 11 في المئة الى نحو 315 دينارا. كل هذه الارقام أصبحت معروفة ومقبولة نوعا ما، ولكن الحوارات اشتدت حرارتها عندما اقترح مجلس التنمية حزمة من الحلول تضمنت زيادة رسوم دخول الاجانب الى 600 دينار بحريني، وزيادة الاجر "عبر ضريبة تأخذها الدولة عن كل اجنبي" بحيث تتدرج من 2006 الى 2009 لتصل الى 75 دينارا لكل فرد. واقترحت الدراسة تجميد نسب البحرنة في القطاعات المختلفة حاليا على ان تلغى في العام 2009 بعد ان تصبح كلفة الاجنبي أكثر من كلفة المواطن. كما اقترحت الدراسة السماح للعمال الاجانب بحرية التنقل من شركة الى أخرى والغاء نظام الكفيل، وتسهيل عملية فصل البحرينيين "اذا لم يكونوا منتجين"، مع الالتزام بمعايير منظمة العمل الدولية. مشروع القانون الذي حولته الحكومة الى البرلمان غير الخطة، إذ ازال قيمة الرسوم وتركها للقرارات الادارية، كما ازال الانتقال التلقائي من مرحلة الى اخرى وربط ذلك بدراسة الوضع ثم اتخاذ القرار بالانتقال. مشروع الحكومة استثنى ايضا عدة فئات من القانون، ووعد بمعاملة خاصة للخدم، ولم يتحدث بوضوح عن فترات زمنية او عن مواصفات المنفذين للقانون. فقد كانت هناك خشية - ومازالت - من امرين، الاول هو المحتوى والمضمون، والثاني هو الآليات والاشخاص الذين سينفذون الاصلاحات. اننا بحاجة الى مزيد من الحوارات لكي نكون نصل الى قناعات وارادة مشتركة، والا فان "التمييع" قد يكون مصير حزمة الاصلاحات
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 939 - الجمعة 01 أبريل 2005م الموافق 21 صفر 1426هـ