جاءت فكرة إنشاء محكمة دولية لمحاكمة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية وفقا لفكرة قديمة أفرزتها أنهار الدماء التي سالت عبر العالم منذ الحرب العالمية إلى نهاية القرن الواحد والعشرين والتي راح ضحيتها ملايين من الأبرياء، كما جاءت مكملة للمحاكم الخاصة مثل محكمة "نورنبرورغ" ورواندا ويوغسلافيا. أما الإعلان الرسمي عن هذه المحكمة فجاء في مؤتمر روما للجمعية العامة للأمم المتحدة العام 1998 عندما أعلن عن معاهدة إنشائها ووضع أسسها، ويراد لهذه المحكمة أن تكون سلطة قضائية فوق كل الدول. كما أنها لا تتبع الأمم المتحدة إذ تتمتع بالاستقلالية الكاملة بالإضافة إلى أنها ستحل محل المحاكم الخاصة المذكورة آنفا سواء لمحاكمة مجرمي النازية أو مجرمي الحرب في يوغسلافيا أو رواندا. وبعد أن تولت مسئولية اعتقال ومحاكمة مجرمي الحرب في رواندا والذين تسببوا في مقتل الآلاف من التوتسي والهوتو واعتقال ومحاكمة مجرمي حرب البوسنة من الصرب وعلى رأسهم سلوبودان ميلوسيفتش بات في حكم المؤكد أن تكون المرحلة الثالثة لهذه المحكمة هي محاكمة المسئولين والعسكريين السودانيين الذين تسببوا وساهموا في مقتل الآلاف في إقليم دارفور بغرب البلاد. حاولت الحكومة السودانية العمل على تفادي هذه الخطوة المحرجة والتي ستسبب لها الكثير من المشكلات وتسقط ورقة التوت التي ظلت تتوارى بها، عندما أعلنت من جهتها عن اعتقال العشرات من العسكريين والسياسيين الأقل رتبة لمحاكمتهم بجريمة التسبب في قتل الأبرياء في دارفور لكن هذه الخطوة لم تفت على مجلس الأمن الذي حشد قواه خلف مشروع قرار فرنسي تحاول الولايات المتحدة تعديله لحماية مواطنيها من المساءلة. لكن يبقي من الواضح أن سيف العدل الدولي سيسقط رقاب الذي سفكوا الدماء دون مراعاة أي وازع ديني أو أخلاقي
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 938 - الخميس 31 مارس 2005م الموافق 20 صفر 1426هـ