قال الله تعالى: "يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير"، "الحجرات: 13". وقال الإمام علي "ع" في عهده لمالك الاشتر: "وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم فانهم صنفان اما اخ لك في الدين واما نظير لك في الخلق" "بحار الانوار - العلامة المجلسي ج 33 ص 600".
#القاعدة الأولى: أسس ثقافة التعايش مع الآخر ببدئه بالسلام#
فثقافة التعايش هي ثقافة السلام أولا وقبل كل شيء، وقد اورد صاحب "وسائل الشيعة في ج ،12 ص 55 - 58" عدة احاديث تدل على سعي الإسلام لتأصيل هذه الثقافة عبر نشر ثقافة السلام، نذكر منها الآتي: "عن أبي عبدالله "ع" قال: البادئ بالسلام أولى بالله ورسوله". "عن علي بن الحسين "ع" قال: من أخلاق المؤمن الانفاق على قدر الاقتار، والتوسع على قدر التوسع، وانصاف الناس، وابتداؤه اياهم بالسلام عليهم". "عن أبي عبدالله "ع" قال: قال رسول الله "ص" أولى الناس بالله وبرسوله من بدأ بالسلام". "قال رسول الله "ص": من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه، وقال: ابدؤا بالسلام قبل الكلام فمن بدأ بالكلام، قبل السلام فلا تجيبوه". "عن جابر، عن أبي عبدالله "ع" قال: ان ملكا مر برجل على باب فقال له: ما يقيمك على باب هذا الدار؟ فقال: اخ لي فيها أردت ان اسلم عليه، فقال له الملك: بينك وبينه قرابة أو نزعتك اليه حاجة؟ فقال: لا ما بيني وبينه قرابة ولا نزعتني إليه حاجة الا اخوة الإسلام وحرمته فانا أسلم عليه وأتعهده لله رب العالمين، فقال له الملك، أنا رسول الله إليك وهو يقرؤك السلام ويقول لك: إياي زرت، ولي تعاهدت، وقد أوجبت لك الجنة، واعفيتك من غضبي، وأجرتك من النار". "عن أبي عبدالله "ع" قال: قال رسول الله "ص": من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه قال: وقال "ع": لا تدع الى طعامك احدا حتى يسلم". "عن أبي عبدالله "ع" قال: رد جواب الكتاب واجب كوجوب رد السلام والبادي بالسلام أولى بالله وبرسوله". "عن معاوية بن وهب عن أبي عبدالله "ع" قال: إن الله عز وجل قال: البخيل من بخل بالسلام". "عن أبي عبدالله "ع" قال: قال رسول الله "ص": السلام تطوع، والرد فريضة".
قال تعالى: "وقولوا للناس حسنا" "البقرة: 83"، وقال تعالى مخاطبا موسى وهارون حينما أمرهما بالذهاب الى فرعون: "اذهبا على فرعون انه طغى، فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى" "طه: 43 - 44"، و"عن سفيان بن سعيد قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد الصادق "ع" - وكان والله صادقا كما سمي - يقول: يا سفيان عليك بالتقية فانها سنة ابراهيم الخليل "ع" وان الله عز وجل قال لموسى وهارون "ع": "اذهبا الى فرعون انه طغى، فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى" يقول الله عز وجل: "كنياه وقولا له: يا أبا مصعب" "البحار، المجلسي، ج ،12 ص 135". القاعدة الثالثة: تلطف في الاستماع وأحسن الاصغاء: قال الله تعالى: "والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها وانابوا الى الله لهم البشرى فبشر عباد، الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه أولئك الذين هدا هم الله واولئك هم أولوا الألباب" "الزمر: 17 - 18". وقال الإمام علي "ع": "إذا جلست الى عالم فكن على ان تسمع احرص منك على ان تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن القول ولا تقطع على احد حديثه" "الاختصاص، الشيخ المفيد، ص 245". وقال "ع": "من أحسن الاستماع تعجل الانتفاع" "عيون الحكم والمواعظ، الواسطي، ص 453".
قال تعالى مخاطبا نبيه الاكرم "ص" في شأن أهل الكهف: "سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي اعلم بعدتهم ما يعلمهم الا قليل فلا تمار فيهم الا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا" "الكهف: 22". وقال الرضا "ع": "لا تمارين العلماء فيرفضوك، ولا تمارين السفهاء فيجهلوا عليك" "الاختصاص، الشيخ المفيد، ص 245". وفي حوار النصراني مع الإمام الباقر "ع" قال النصراني للإمام "ع": "يا شيخ أمنا انت ام من الأمة المرحومة؟ فقال أبوجعفر "ع": بل من الأمة المرحومة، فقال: افمن علمائهم انت ام من جهالهم؟ فقال: لست من جهالهم فقال: النصراني أسألك أم تسألني؟ فقال أبوجعفر "ع": سلني، فقال النصراني: يا معشر النصارى رجل من امة محمد يقول: سلني ان هذا لمليء بالمسائل ثم قال: يا عبدالله اخبرني عن ساعة ما هي من الليل ولا من النهار أي ساعة هي؟ فقال أبوجعفر "ع": ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس، فقال النصراني: فاذا لم تكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أي الساعات هي؟ فقال أبوجعفر "ع": من ساعات الجنة وفيها تفيق مرضانا، فقال النصراني: فأسألك ام تسألني؟ فقال أبوجعفر "ع": سلني، فقال النصراني: يا معشر النصارى ان هذا لمليء بالمسائل اخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون اعطني مثلهم في الدنيا؟ فقال أبوجعفر "ع": هذا الجنين، في بطن امه يأكل مما تأكل أمه ولا يتغوط، فقال النصراني: ألم تقل: ما أنا من علمائهم؟ فقال أبوجعفر "ع": انما قلت لك: ما انا من جهالهم..." "الكافي، الشيخ الكليني، ج 8 ص 122".
حدثنا موسى بن اسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد "ع"، قال: "كان رجل جالس عند أبي فقال: اللهم أغننا عن جميع خلقك، فقال له أبي لا تقل هكذا، ولكن قل: اللهم أغننا عن شرار خلقك، فان المؤمن لا يستغني عن أخيه المؤمن". وعن علي "ع" قال: "قلت: اللهم لا تحوجني الى أحد من خلقك، فقال رسول الله "ص": يا علي لا تقولن هكذا، ما من احد الا وهو محتاج الى الناس، قال: فقلت: كيف اقول يا رسول الله؟ قال: قل اللهم لا تحوجني الى شرار خلقك، قلت: يا رسول الله ومن شرار خلقه؟ قال: الذين اذا اعطوا منوا، واذا منوا عابوا". و"واعلم ان بعض العلماء سمع رجلا يدعو الله يغنيه عن الناس، فقال: ان الناس لا يستغنون عن الناس، ولكن اغناك الله عن دناء الناس" مستدرك الوسائل - الميرزا النوري ج 5 ص 263 - .264
ففي الخبر عن أبي عبدالله محمد بن موسى بن نصر الرازي قال: سمعت أبي، يقول: قال رجل للرضا "ع": والله ما على وجه الأرض اشرف منك أبا، فقال: التقوى شرفهم وطاعة الله أحظتهم فقال له آخر: أنت والله خير الناس، فقال له: لا تحلف يا هذا خير مني من كان اتقى لله تعالى وأطوع له والله ما نسخت هذه الآية: "وجعلنا كم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، "عيون أخبار الرضا "ع"، الشيخ الصدوق، ج ،1 ص 261". وفي مصباح الشريعة: قال الصادق "ع": "حسن المعاشرة مع خلق الله تعالى في غير معصيته، من مزيد فضل الله تعالى عند عبده، ومن كان خاضعا لله تعالى في السر، كان حسن المعاشرة في العلانية، فعاشر الخلق لله تعالى، ولا تعاشرهم لنصيبك لأمر الدنيا، ولطلب الجاه، والرياء والسمعة، ولا تسقطن بسببها عن حدود الشريعة، من باب المماثلة والشهرة، فانهم لا يغنون عنك شيئا، وتفوتك الآخرة بلا فائدة، فاجعل من هو أكبر منك بمنزلة الأب، والأصغر بمنزلة الولد، والمثل بمنزلة الأخ، ولا تدع ما تعلم يقينا من نفسك، بما تشك فيه من غيرك، وكن رفيقا في أمرك بالمعروف، وشفيقا في نهيك عن المنكر، ولا تدع النصيحة في كل حال، قال الله تعالى: "وقولوا للناس حسنا"، "مستدرك الوسائل، الميرزا النوري ج ،8 ص 317"
إقرأ أيضا لـ ""العدد 938 - الخميس 31 مارس 2005م الموافق 20 صفر 1426هـ