في ذروة الإكتظاظ ستجد الفراغ، وفي عمق الإنشغال ستجد التنبلة، وفي أوج التخطيط ستجد أجندات جاهزة من الركام والفوضى!. لا شيء يمكن الترويج له إلا من خلال النقيض. إذ يتم الترويج إلى الشفافية فيما الواقع متخم بغلبة الرشوة والفساد، ويتم الترويج لـ "حسن الجوار" فيما "سوء الحوار" هو اللغة المتفق عليها بين مجموعتين مختلفتين أساسا. يتم الترويج للعدالة الإجتماعية ، ولن يكلفك شيء لترى صور المظالم شاهرة إضباراتها وانكسارها المتراكم والفائض عن حاجة أمة، فيما يغص بها بضعة آلاف. يتم الترويج لمشروعات يقال انها ستقي الناس الحاجة والتكدس في صور مهينة أمام مكاتب العلاقات العامة، وشئون التوظيف، فيما هي لزيادة شحم آخرين يكسرون ضجرهم بارتياد منتجعات للحديث عن آخر تقليعات الأندية الليلية وحتى النهارية! وللتندر على مواطن بسيط التقط كسرة خبز من الأرض وقبلها قبل أن يضعها جانبا اتقاء لأحذية المارة! لأي دولة في العالم حق ترتأيه هي للترويج للأمل والتفاؤل، وبلغة لا تختلف كثيرا عن أية فقرة اعلانية ترويجية لمزيل البقع، ولكن في المقابل من حق أي مواطن أيضا، أن يرفع صوته حين يرى ذات الدولة تصادر حقه في اليأس والإحباط والتشاؤم، وما يحدث الآن - عربيا- أن ذلك الحق بات واحدا من الممنوعات التي تجند لها الكلاب البوليسية وأجهزة الكشف تحت الأشعة الحمراء والبنفسجية وربما مستقبلا البرتقالية!. وسيكون من باب التعريض بالدولة وأجهزتها لو تسلل مواطن الى قمة أحد الأبراج، وأطلق صرخة تكفي لانهيار وتداعي البرج ذاته. هل يمكن عقد مقارنة هنا بين حق اليأس والتشاؤم من صور بتفصيلاتها، وبين أمل مصطنع تحت تأثير أكثر من مخدر، يبدو ان كثيرين لن يصحوا منه طالما أنه بالمجان ولا يكلف الخزينة إلا راتب واصفه؟!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 938 - الخميس 31 مارس 2005م الموافق 20 صفر 1426هـ