العدد 1157 - السبت 05 نوفمبر 2005م الموافق 03 شوال 1426هـ

قبيلة رئيس "2"

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

مضى على التعديل الدستوري والتمديد للرئيس اكثر من سنة. وبقي من مدة الولاية النصفية الثانية أقل من سنتين. وما حصل خلال سنة واحدة فاق كل التوقعات. وينتظر ان يحصل في السنتين المقبلتين الكثير من المتغيرات. ولهذه الاسباب المجتمعة يمكن ان نفهم التبدلات السياسية التي طرأت على مواقف الطوائف اللبنانية. فبعد ان كانت الطوائف الرئيسية متوافقة على رفض التعديل والتمديد باتت الآن متفاهمة على الصمت وترك المسألة تأخذ مجراها الزمني بذريعة ان الطوائف "القبائل" لا تريد التدخل في شئون ابناء "القبيلة" التي ينتمي إليها الرئيس. ماذا يعني السكوت وما سره السياسي؟ هذا الامر يمكن ان نقرأ تفصيلاته بما حدث. وانطلاقا مما حدث نستطيع ان نتوقع الكثير من التحولات التي يمكن ان نشاهد بعض ملامحها على امتداد المشهد الاقليمي. التعديل والتمديد وما رافقهما من تشنجات امنية واستنفار للعصبيات السياسية "الطائفية في لبنان" دفعت البلاد نحو "الفوضى البناءة" كما تقول الاستراتيجية الاميركية. وهذه "الفوضى البناءة" اثمرت الكثير من الايجابيات السياسية في دائرة استراتيجية تقويض الاستقرار في المنطقة. منذ التعديل والتمديد حصلت تحولات خطيرة قلبت موازين القوى وأسست لتبدلات كبيرة لن تقتصر مفاعيلها على الساحة اللبنانية بل انها اخذت تمتد افقيا واقليميا ويرجح ان تستكمل اشواطها في حال تواصل الضغط الدولي على سورية. الازمة بدأت بمسألة وانتهت بطرح اشكالات كبيرة تتجاوز حدود الدستور والرئاسة. فالتعديل والتمديد مجرد "ذريعة" للدول الكبرى الثلاث "أميركا، بريطانيا، وفرنسا" لزيادة جرعة التدخل ودفع المسألة اللبنانية نحو التدويل. ومن هذه الذريعة تم الاختراق وبدأ العبث بالتوازنات المحلية والاقليمية التي استقرت في لبنان منذ توقيع اتفاق الطائف. لماذا اذا العجلة في ازالة "الذريعة" وابعادها من القصر الرئاسي؟ فالتعديل والتمديد وما بينهما كانت مجموعة وسائل "قانونية" بررت التدخل الدولي وأعطت غطاء لتلك السياسة التقويضية. صحيح ان الدول الكبرى كانت تتربص وتتحين الفرص للايقاع بالطريدة ولكن الصحيح ايضا ان ذاك الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته السياسة السورية في لبنان شكل "شماعة" لتعليق كل الاهداف عليها. و"غلطة الشاطر" كما يقول المثل تحسب بالف غلطة. والآن بدأت دمشق مهددة بالعقاب في وقت لاتزال "الذريعة" باقية في القصر تستكمل المدة المتبقية من الولاية النصفية. فالتمديد شكل "نعمة" للدول الكبرى و"نقمة" على الدور السوري في لبنان. المشكلة ان مفاعيل ازمة التعديل والتمديد لم تنحل في وقت بدت الطوائف اللبنانية المعنية بالمسألة متفاهمة على الصمت وترك المسألة تأخذ مجراها الزمني والدستوري. فالذريعة ضرورية لاستكمال ما تبقى من برنامج "الفوضى البناءة" ولذلك لماذا العجلة في ازاحتها ما دامت تعطي تلك الثمار السياسية وتشكل رافعة ضرورية للانقلاب الاستراتيجي المتوقع حصوله في السنتين المقبلتين. نظرة سريعة إلى ما حصل في لبنان في سنة واحدة تعطي فكرة عن تلك الاحتمالات المتوقع حصولها في الفترة المتبقية من التعديل والتمديد. والدول الكبرى الثلاث لا يعنيها كثيرا موضوع الصيغة اللبنانية واحترام الدستور. فهذه ذرائع بدليل ان مئات المخالفات تحصل سنويا في كل بقاع العالم ولا تتحرك عواصم القرار للدفاع عن القوانين واحترام الدساتير. ما حصل في لبنان خلال السنة الأولى من التعديل والتمديد يكشف الكثير من "اسرار" مهنة الطوائف اللبنانية ويعطي بعض الاشارات عن معنى ذاك التوافق الاخلاقي الذي اعربت عنه في تصريحات وبيانات. فالتوافق يشوبه الحذر ولكنه يتميز بدلالات سياسية في هذه الفترة القلقة. واللبيب يفترض منه ان يفهم اللعبة ويلتقط معنى الاشارات ولغتها السحرية. "سر" الصمت والاجماع على السكوت واحترام مشاعر الطوائف وعدم التدخل في شئون القبيلة خوفا من تحرك الحساسيات والعصبيات... كلها تصب في دائرة السؤال: لماذا الغاء الذريعة ما دامت النتائج جيدة ولاتزال هناك الكثير من النقاط العالقة في المعادلات المحلية والأقليمية؟ ومن انتظر اكثر من سنة يستطيع ان ينتظر اقل من سنتين.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1157 - السبت 05 نوفمبر 2005م الموافق 03 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً