كشف عالم الدين البحريني الشيخ محمود العالي عن وجود نية لعرض مسودة "الأحوال الأسرية" التي أعدتها مجموعة من العلماء من بينهم الشيخ حميد المبارك والشيخ ناصر العصفور على المرجع الشيعي السيدعلي السيستاني قريبا لمعرفة رأيه في المسودة. وذكر العالي أن المسودة باركتها مجموعة من الفقهاء في الحوزة العلمية في قم المقدسة من بينهم السيدمحمد مفتي الشيعة والشيخ يوسف الصانعي وغيرهما. وذكر العالي ان نسخا من المسودة كانت قد سلمت إلى عدد من العلماء الفاعلين على الساحة من بينهم الشيخ عيسى قاسم والسيدعبدالله الغريفي والشيخ حسين النجاتي "ولانزال في انتظار ملاحظات العلماء". العالي روى في حوار شامل مع "الوسط" تفاصيل إعداد هذه المسودة والتي يشاع على نطاق واسع أنها ستعتمد من قبل الدولة لتدوين أحكام الأسرة طبقا للمذهب الجعفري، ودعا العالي الحكومة إلى "الدخول في حوار جدي ومعمق مع العلماء، ومنح الضمانات الدستورية الكافية للتوافق على القانون".
عالي-حيدر محمد
كشف عالم الدين البحريني الشيخ محمود العالي عن وجود نية لعرض مسودة "الأحوال الأسرية" التي أعدها مجموعة من العلماء من بينهم الشيخ حميد المبارك على المرجع الشيعي الأعلى السيدعلي السيستاني قريبا لمعرفة رأي سماحته في المسودة. وروى العالي في حوار شامل مع "الوسط" تفاصيل إعداد هذه المسودة والتي يشاع أنها ستعتمد من قبل الدولة لتدوين أحكام الأسرة طبقا لأحكام المذهب الجعفري، ودعا العالي الحكومة إلى "الدخول في حوار جدي ومعمق مع العلماء، ومنح الضمانات الدستورية للتوافق على القانون". ومن جانب آخر، أكد العالي أن "مشروع قانون الأحوال الشخصية سيمثل خطوة تحتسب لتطوير القضاء الشرعي في البحرين، لكن لا يجب أن ندعي أن مشكلات القضاء ستحل عبر هذا القانون، فغياب التقنين هو جزء من المشكلة وليس كلها، لان مشكلات القضاء في البحرين كثيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: عدم تعدد دوائر المحاكم الجعفرية، عدم وجود الإصلاح الأسري وآلية تعيين القضاة". وشرح العالي تفاصيل إعداد المسودة التي أعدت قبل عامين من الآن قائلا: "لقد أخبرني الشيخ حميد المبارك - وكان حينها عضوا في محكمة الاستئناف - بأن الجهات الرسمية في الدولة لديها رغبة لتقنين الأحكام الأسرية في المحاكم الشرعية. وكان رد الشيخ المبارك على الطلب الرسمي أن هذه المسألة لا تمس القضاة وحدهم، بل هي مرتبطة بشأن الطائفة ككل، ولذلك لابد من مشاورة المشائخ والعلماء فيها". وأضاف العالي: "بالفعل تم الاتصال بسماحة السيدجواد الوداعي، وأنا شخصيا تحدثت مع سماحته، وأخبرته عن الاحتمالات المطروحة على الساحة حول هذه القضية، وهي إصدار قانون موحد للطائفتين قد يلغي الخصوصية المذهبية أو قانونين منفصلين. وموقف السيد الوداعي كان قويا وحازما وهو الإصرار على أن يكون للمحاكم الجعفرية قانونها المستقل بها، والتأكيد على عدم إلغاء خصوصية أي مذهب من المذاهب". وذكر العالي "أن عددا من العلماء على رأسهم الشيخ حميد والشيخ علي المبارك والشيخ ناصر العصفور شاركوا في إعداد المسودة "..." وبدأنا مهمة كتابة مسودة مشروع قانون الأحوال الشخصية في العام .2003 وقد طلبنا من الشيخ محمد صنقور بحكم علاقاتنا الشخصية به، ومعرفتنا بمستواه العلمي أن يساهم معنا في صوغ المسودة، ولم يكن المجلس العلمائي قد تأسس بعد". وكان الهدف من إعداد هذه المسودة - يضيف العالي - هي الاستعداد لمواجهة أي مفاجأة من قبل الدولة حول هذه القضية، وعملنا بشكل متواصل بالاستعانة بطاقم من الكفاءات العلمية، وكنا نعمل بجد لساعات متأخرة من الليل، ولم يكن للدولة دور في تحديد أي سقف زمني للانتهاء من المشروع. وأشار العالي إلى أن موقف كبار علماء البحرين بشأن هذا القانون مرحل بمراحل ثلاث: "المرحلة الأولى هي الرفض المطلق لمبدأ التقنين استنادا إلى الرأي الفقهي الذي يوجب أن يكون القاضي أما مجتهدا فله صلاحية أن يقضي بما يستنبطه من الحكم الشرعي، أو أن يكون مقلدا فيقضي وفق تقليده، وفي هذه الفترة صدر بيان سباعي وقع عليه سبعة من كبار العلماء في هذا الخصوص. والمرحلة الثانية هي قبول كبار العلماء بمبدأ التقنين بعد محاولات واتصالات داخلية فيما بينهم، وتزامن ذلك مع وجود رغبة ملحة جدا من جانب الجهة الرسمية ممثلة في المجلس الأعلى للمرأة وتحرك بعض الناشطات النسائيات، وكان من الواضح إصرار الدولة على المضي قدما في طريق إصدار القانون". وأشار العالي إلى وجود توافق خلال تلك الفترة على تشكيل لجنة تضم ممثلين عن القضاة وعالمين من طرف الشيخ عيسى قاسم هما الشيخ عبدالجليل المقداد والشيخ محمد صنقور لمتابعة الموضوع "وذهبت أنا مع الشيخ حميد المبارك في زيارة الشيخ صنقور في منزله لمناقشته في هذه القضية. ومع الأسف دخلنا في بعض القضايا الجزئية التي لا علاقة لها بشكل مباشر بالموضوع، وفي النتيجة اعتذر المقداد وصنقور عن حضور اجتماعات اللجنة، فيما حضر بعض الجلسات الشيخ عبدالحسين العريبي". وعن المدة التي استغرقتها صياغة المشروع قال العالي: "أنجزت المسودة خلال سبعة اشهر هي نتاج عمل دؤوب ومتواصل، وكنا نتبنى في المسودة الرأي المشهور بين عموم الفقهاء، وفي حال تعدد الآراء واختلافها كنا نتبنى رأي المرجع الديني الأعلى السيدعلي السيستاني". وذكر العالي أن نسخا من المسودة سلمت إلى عدد من العلماء الفاعلين على الساحة من بينهم الشيخ عيسى قاسم والسيد عبدالله الغريفي وآخرين لإبداء ملاحظاتهم عليها. ولم يصلنا رد بالموافقة أو الممانعة، وعرضناها كذلك على عدد من القانونيين وعرضت على مجموعة من كبار العلماء الفضلاء في الحوزة العلمية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية من أمثال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي والشيخ نور الهمداني والسيدمحمد مفتي الشيعة والشيخ هادي آل راضي والشيخ جعفر السبحاني والشيخ يوسف الصانعي والشيخ باقر الايرواني". كاشفا النقاب عن النية في عرض المسودة على المرجع الديني الأعلى السيدعلي السيستاني قريبا لإصدار حكم بالموافقة أو الممانعة عليها. وبخصوص توجس عدد من العلماء من تقنين الأحوال الشخصية قال العالي: "في الحقيقة أن هذا التوجس في محله خصوصا في مسألة توافر الضمانات الكافية لعدم التعدي على شرع الله وأحكامه، ولكن يجب أن يناقش هذا التوجس، فهل من المتوقع "مثلا" أن يحدث تعديل في المدى المنظور أو بعد عشرات السنين أو بعد مئة عام من الآن، ووضع الحلول التي تكفل التصدي لذلك". واستدرك العالي قائلا: "ولكن يجب الأخذ في الاعتبار المستوى العالي من الوعي والتدين الذي يتمتع به أبناء هذا الشعب المسلم، وما يعرف عنه من غيرة مخلصة على دين الله وأحكامه، والتي هي الضمانة الأولى مع توافر الضمانات الدستورية الضرورية التي لا غنى عنها، ومن الضروري جدا العمل بما تفضل به بعض العلماء الأجلاء من ضرورة عرض القانون وأي تعديل أو تغيير فيه حاضرا ومستقبلا على المرجعية الشيعية العليا". وعن رأيه في الحملة الإعلامية للمجلس الأعلى للمرأة والحملة المناهضة من المجلس العلمائي قال العالي: "إذا كانت الحملة الإعلامية للجهة الرسمية تريد تمرير المشروع من دون ضمانة، فهذا أمر خاطئ ولا اعتقد أن من مصلحة الجميع الإقدام عليه، وأما بخصوص حملة المجلس العلمائي فأرى من الضروري توعية وتنوير الناس بهذا القانون، وممارسة حق التعبير المكفولة دستوريا بمختلف أشكالها، ولا أرى أن المجلس العلمائي تعدى الدستور أو القانون في حملته الأخيرة، وان كنت أرى أن من الأهمية بمكان الدخول في آلية الحوار وتوسيع قاعدة التشاور حول هذه المسألة بين مختلف التوجهات العلمائية المختلفة". ودعا العالي إلى بدء حملة تثقيفية شاملة "لتوعية الناس، وخصوصا أن عددا كبيرا من المواطنين لديهم نوع من التشويش في هذا الموضوع، فليس صحيحا ما يشيعه البعض أن هذا القانون يحلل الإباحية ويشرع الزنا، فنحن بحاجة إلى تنظيم المحاكم الشرعية وذلك لخدمة القاضي والمتقاضي والمحامي". وأوضح العالي أن العلماء المشاركين في صوغ المسودة بحثوا جميع احتمالات طرق المصادقة على القانون، والاحتمال الأول هو عرضها على المجلس الوطني عبر التصويت البرلماني، ولتكن مسألة نكاح المتعة "مثالا" عند المذهب الشيعي الجعفري فربما صوت غالبية النواب من المذاهب الأخرى برفض هذا التشريع الإلهي، فيمثل ذلك تعديا على شرع الله، وهذا لن نقبل به. والاحتمال الثاني أن تكون مجرد لائحة داخلية للمحاكم، وهذا الخيار حذر منه رجال القانون لأنه قد يؤدي إلى عدم الاعتراف بها مستقبلا، والخيار الثالث هو عرضها على جلالة الملك بوصفه شريكا في السلطة التشريعية، وهذا هو الخيار المرجح لدينا". وردا على سؤال عما أشيع أخيرا عن رغبة الدولة في إصدار قانون للأحوال الشخصية للمذهب السني فقط أجاب العالي قائلا: "ليس صحيحا أن تلجأ الدولة إلى هذا الخيار، وهذا يمثل نوعا من المجازفة بحقوق جزء كبير من المواطنين، وأعتقد أن الدولة عليها التوافق وتبديد مخاوف المتوجسين من القانون". وبخصوص دعوة الحوار التي وجهتها الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة لولوة العوضي: "إذا كان المقصود من هذه الدعوة الدخول في حوار جدي ومعمق ويهدف إلى التوافق في نهاية المطاف، فسيكون أمرا مرحبا وباعثا على السرور، أما إذا كانت الدعوة من اجل إحراج العلماء والاستهلاك الإعلامي فقط فهذا أمر لا نرتضيه". وعن تعليقه على وجود مسودات أخرى لعلماء آخرين في الموضوع ذاته شدد العالي على ضرورة "التعاون مع القضاة في المحاكم الشرعية باعتبارهم المعنيين أساسا بالقانون، ونرى أن من الغبن والإجحاف تجاهل المسودة التي شاركنا في صوغها مع مجموعة من العلماء الأفاضل". وأردف قائلا:
العدد 1157 - السبت 05 نوفمبر 2005م الموافق 03 شوال 1426هـ