قال رئيس جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر، زكريا الكاظم، إن أعضاء مجلسي الشورى والنواب، أغفلوا حقوق 18 ألف مريض بالسكلر في البحرين، ولم يسعوا خلال عملهم طوال السنوات الثماني الماضية، إلى إقرار أية قوانين أو مشاريع تصب في صالح مرضى السكلر، في الوقت الذي تحركوا على قوانين لحماية الطفل، وأخرى للمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة... ورأى الكاظم في تصريح لـ «الوسط»، بمناسبة اليوم العالمي للسكلر، الذي يصادف يوم الـ (19 يونيو/ حزيران) من كل عام، ضرورة أن يتبنى النواب برامج وخططاً تعطي هذه الشريحة الكبيرة من المجتمع، حقوقهم الصحية والمعيشية، معتبراً أن «النواب انتخبهم المواطنون، ولابد أن يتحركوا على الملفات المهمة، وتخدم أكبر شريحة في المجتمع».
وذكر الكاظم أن «أقل المشكلات التي يواجهها مرضى السكلر، هي المشكلة الصحية، بينما توجد مشكلات معيشية أخرى، من بينها الوظائف، إذ لا يحصلون على وظائف مناسبة لوضعهم الصحي، كما أنهم يتعرضون إلى الإقالات بسبب إصابتهم بهذا المرض».
وقال: «نعذر المسئولين أنهم لم يتواصلوا معنا في الفترة السابقة، بسبب ما مرت به البحرين من أحداث مؤسفة، لكننا لا نعذرهم في الفترة المقبلة، إذا لم يتواصلوا ويلتقوا بنا».
ولم يغفل الكاظم الحوار الوطني الذي دعا له جلالة الملك نهاية شهر مايو/ أيار الماضي، وأكد أنه «لابد من أن تُشرك جميع الجهات في هذا الحوار، وألا تقتصر على المؤسسات الرسمية والسياسية، بل لابد من إشراك المؤسسات والجهات الخدمية، وأن يؤخذ في الاعتبار عدد المصابين بمرض السكلر في البحرين».
وبيَّن ضرورة وجود حوار بين مؤسسات المجتمع المدني، والوزارات الخدمية، معتبراً أن الخدمات جزء من المشكلة التي يعاني منها المواطنون.
وأكد أن «ملف السكلر لا يمكن أن نحله بعيداً عن أية جهة، سواءً كانت حكومية أو أهلية، وبالتالي لابد من تعاون جميع الأطراف، من أجل الوصول إلى نموذج أمثل، يحد من هذا المرض».
وشدد رئيس جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر، على «ضرورة أن يُدرج مرض السكلر في مناهج وزارة التربية والتعليم، ويتم تعليم الطلبة منذ المرحلة الابتدائية، وتوعيتهم بالمرض، ويمكن علاجه، وعدم تسجيل مصابين جدد به»، لافتاً إلى أن «وزارة التنمية الاجتماعية لديها الكثير من الأنشطة والبرامج لخدمة مرضى السكلر، إلا أنه لا يمكنها أن تنجر كل شيء لوحدها».
وأشار إلى أن «التلفزيون معني أيضاً بمساندة هذه المؤسسات، وعمل برامج توعوية بمرض السكلر، وخصوصاً أنه أحد الأمراض الأكثر انتشاراً في البحرين».
وقال الكاظم: «في اليوم العالمي للسكلر، نشكر ونعتب في آن واحد، نعتب عتاب محبة على المسئولين الذين لم يدركوا حتى الآن، حجم المصابين بمرضى السكلر، ولم يسعوا لمساندتهم، ونشيد أيضاً بما تقوم به وزارة الصحة من خطوات، من أجل تقديم العلاج المناسب للمرضى، وكذلك تخصيصها مركز خليل إبراهيم كانو الاجتماعي، لعلاج المرضى».
وأضاف «كما نشكر حملات التبرع بالدم، والتي بسببها لم تعد البحرين تستورد أية كميات دم من الخارج، وهذا نعتبره إنجازاً كبيراً لبحريننا، ونأمل أن تتواصل الجهود والعمل، من أجل استمرار إقامة حملات التبرع بالدم، والتي أصبحت غالبيتها يتعاونون معنا، ويشركوننا معهم في التنظيم».
وقال الكاظم: هناك «تعاون بيننا وبين حملات التبرع بالدم، وهذا كان له أثر كبير في نفوس مرضى السكلر، والمتبرعين بالدم أنفسهم، وقد أطلقنا على كل متبرع، اسم مناصري مرضى السكلر، ويتلقى الشكر على تبرعه بدمه من المرضى أنفسهم».
العلاج بمركز كانو الصحي والاجتماعي
وتحدث رئيس جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر، عن مركز إبراهيم خليل كانو الصحي والاجتماعي، وعن نقل مرضى السكلر للعلاج في المركز. وأفاد بأنه «في منتصف شهر يناير/ كانون الثاني الماضي (2011)، تم تخصيص المركز لعلاج مرضى السكلر، وذلك من أجل أن يقل الضغط على مرضى السكلر، وعلى قسم الحوادث والطوارئ في مجمع السلمانية الطبي».
وقال «في السابق كان عدد مرضى السكلر الذين ينتظرون أسرَّة في السلمانية، يصل إلى 40 مريضاً يومياً، وتحويلهم للعلاج في مركز كانو، كان أحد الحلول لتخفيف هذا الضغط».
وتابع «عندما بدأ العلاج في المركز، كان الكادر الطبي متكاملاً، يوجد اختصاصيون نفسيون، واختصاصيو علاج تدخين، ورجُل دين سني وآخر شيعي، وكنا متفائلين جداً بهذا التكامل في العلاج».
وأوضح «كنا نطمح أن يكون هذا المركز نموذجاً لعلاج مرضى السكلر خلال 6 أشهر، وندعو المؤسسات الطبية من خارج البحرين، لزيارة المركز، وإطلاعهم على الإجراءات التي تتخذها، فنعتبر هذا موطناً من مواطن القوة لوزارة الصحة، ولابد أن نشيد به، إلا أنه وبعد شهر فقط من بدء علاج مرضى السكلر في المركز، وقعت الأحداث المؤسفة التي شهدتها البحرين في منتصف شهر فبراير/ شباط الماضي، وأصبح من الصعب وصول المرضى إلى المركز، فضلاً عن تخوُّف الكثير منهم، لوجود نقاط التفتيش، والتشديد على الاقتراب من محيط مجمع السلمانية الطبي».
وأضاف: «فضلاً عن ذلك، كان هناك من المسئولين من لا يريد أن يستمر هذا البروتوكول وهذا النوع من العلاج لمرضى السكلر، إلى أن صدر قرار من إدارة المركز، بمنع دخول مريض السكلر مرتين في اليوم إلى المركز، حتى وإن كان في حاجة إلى العلاج».
واعتبر الكاظم «هذا القرار غير مبرر، ولا يوجد أي مؤسسة صحية في العالم، تتبع هذا المنهج، فمن حق المريض أن يتلقى العلاج في أي وقت، وهذا حق إنساني مكفول للجميع»، مطالباً بأن «يعود المركز إلى النهج السابق في علاج مرضى السكلر، فهو في نظرنا مركز نموذجي، ولابد أن يعاد تطبيق برنامج العلاج السابق».
وأضاف «لا ننكر أن أدوية السكلر يمكن أن تسبب إدماناً، وقد يسيء البعض استخدامها، لكن في المقابل لا يمكن أن نمنعها، على أساس أنها قد تتسبب في مضاعفات»، مؤكداً أن «الغالبية العظمى من المرضى لديهم وعي بمرض السكلر، وطرق علاجه، وهذا يستحق الإشادة والشكر لهم».
وأردف قائلاً: «كما لا ننكر وجود بعض الأخطاء من المرضى، لكن لا يعني أن يمارس العقاب على جميع المرضى».
توجيهات مجلس الوزراء
لمرضى السكلر
وفي حديثه عن التوجيهات التي صدرت من مجلس الوزراء بشأن مرضى السكلر، ذكر الكاظم أنه «منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2008، كان هناك قرار باحتساب 40 في المئة من الراتب الأساسي، كراتب تقاعدي لمرضى السكلر، وألا تحتسب إجازاتهم المرضية ضمن الإجازات السنوية، إلا أن هذه القرارات لم تطبق حتى الآن».
ولفت إلى أن «إقالات مرضى السكلر من وظائفهم مازالت مستمرة، ولا يوجد أي تشريع أو قانون يحميهم من ذلك، ونحن في الوقت الذي نشيد فيه بتعاون بعض الجهات مع مرضى السكلر، وتعاطفها معهم، ندعو الجهات الأخرى إلى احترام مريض السكلر، وعدم فصله من عمله بسبب المرض فقط».
طموحات المستقبل
وعما يطمح لتحقيقه في المستقبل، تطلع الكاظم إلى أن تتبنى جائزة البحرين لسباقات البحرين للسيارات (فورملا 1)، شعار «بحريننا بلا سكلر»، ويكون مع انطلاق السباقات في موسم العام المقبل، موضحاً أن «السباقات والمسابقات العالمية، يكون على هامشها شعار يخدم أكبر شريحة من الناس، ويتم السعي لتحقيق هذا الشعار، من خلال الأعداد الكبيرة التي تستقطبها هذه المسابقة، ونحن نطمح إلى أن يتبنى القائمون على جائزة البحرين لسباقات الفورملا 1 هذه المشكلة».
وأكد «نحن نسعى دائماً إلى أن نجعل مريض السكلر، فرداً مشاركاً في المجتمع، ويساهم في عمليات البناء التي تشهدها البحرين، كل بحسب عمله ووظيفته، وكلنا أمل في أن نحقق الهدف الذي حملناه قبل فترة، أن يكون العام المقبل (2012)، عام مواليد بلا سكلر، أي لا نسجل أي مواليد جددا حاملين لهذا المرض، ونعمل جاهدين لتحقيق هذا الهدف».
وختم الكاظم تصريحه بالقول: «كنا نأمل في إقامة حفل بمناسبة اليوم العالمي للسكلر، إلا أننا احترمنا المرحلة التي تمر بها البحرين حالياً، والاستعدادات التي تسبق مرحلة الحوار الوطني، الذي دعا له عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وقد تقرر إقامة الحفل في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل (2011)».
حصد مرض فقر الدم المنجلي (السكلر)، أرواح 83 مريضاً ومريضة بحرينيين، وذلك خلال الأعوام الثلاثة الماضية (2008، 2009، 2010). وتشير الإحصاءات المعلنة، إلى أن العام 2008، سجل وفاة نحو 35 مريضاً بالسكلر، في حين أن العدد ارتفع إلى 25 ضحية سكر، خلال العام 2009. وسجل العام الماضي (2010)، زيادة ملحوظة في أعداد ضحايا السكلر، إذ وصل عدد ضحايا المرض إلى 35. وسجل مجمع السلمانية الطبي في مطلع شهر أغسطس/ آب من العام الماضي (2010)، ثلاث وفيات من جراء مضاعفات مرض السكلر لشابين وشابة في مقتبل أعمارهم، وهو الأمر الذي يعد الأول من نوعه، إذ لم يسبق أن وقعت 3 ضحايا بالسكلر خلال يوم واحد.
ويلاحظ الزيادة المستمرة في عدد المتوفين بسبب مرض السكلر، في حين أن وزارة الصحة تسعى لتقديم خدمات علاج متطورة للمرضى. ومع إعلان وفاة أي مريض بالسكلر، تطالب جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر، بإجراء تحقيق في أسباب الوفاة، وخصوصاً إذا كان المتوفى يرقد في المستشفى، ويدعي أهله أنه فارق الحياة بسبب قصور في حصوله على الخدمات العلاجية المطلوبة.
وتحاول وزارة الصحة التخفيف من أعداد ضحايا السكلر، وقد اتخذت خطوة نحو ذلك، عندما خصصت مركز إبراهيم خليل كانو الصحي والاجتماعي، لعلاج مرضى السكلر، كمركز مؤقت، وذلك بعد أن زادت شكاوى المسكلرين، من عدم حصولهم على الأسرَّة في مجمع السلمانية الطبي، وانتظارهم ساعات طويلة، حتى يحصلوا على الخدمات الطبية والعلاجية.
وفي خطوات متطورة، عممت وزارة الصحة في العام الماضي (2010)، بروتوكولاً علاجياً على جميع المراكز الصحية، وذلك حتى يتمكن مريض السكلر من تلقي العلاج في المركز الصحي التابع له. وقد لقيت هذه الخطوة استحساناً من المرضى، وخصوصاً أنها وفرت عليهم عناء التوجه لمجمع السلمانية الطبي، أو مركز إبراهيم خليل كانو الصحي والاجتماعي. وتعقد الوزارة اجتماعات متواصلة مع جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر، من أجل الوقوف على كل القضايا، واتخاذ أفضل السبل لتقديم العلاج المطلوب لمرضى السكلر.
مضت 3 أعوام على صدور قرار من مجلس الوزراء، بعدم احتساب الإجازات المرضية لمرضى السكلر، ضمن الإجازات، ولم يفعل القرار حتى الآن.
وعلى رغم مطالبات جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر، بتطبيق القرار، من قبل ديوان الخدمة المدنية، فإنه لم يفعل، وفقد الكثير من مرضى السكلر وظائفهم، بسبب عدم تفعيل القرار، وخصوصاً أولئك الذين يتعرضون إلى نوبات سكلر حادة بصورة مستمرة.
ففي يوم الاثنين (17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2008)، أصدر مجلس الوزراء قراراً جاء فيه، «دعما من الحكومة لمرضى السكلر والفشل الكلوي، وحرصا منها على مساعدة المصابين بهذين المرضين وخصوصا فيما يتعلق بوضعهم الوظيفي والتشجيع على توظفيهم وممارسة حياتهم الطبيعية بكل سهولة ويسر، فقد قرر مجلس الوزراء عدم احتساب الإجازات المرضية لمرضى السكلر والفشل الكلوي ضمن رصيد الإجازات السنوية بعد استنفاد رصيد إجازاتهم المرضية، على ألا يزيد عدد الأيام المستنفدة عن 30 يوما، وفي حال تجاوزها يتم احتسابها إجازة من دون راتب، وقرر المجلس اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لذلك.
كما قرر المجلس في حال تقاعدهم المبكر - بناء على قرار اللجنة الطبية - أن يحتسب لمريض السكلر أو الفشل الكلوي 40 في المئة من الراتب الأخير لذوي الحالات الشديدة أيا كانت مدة خدمته المحسوبة في التقاعد أو منحه المعاش المنصوص عليه في المادة (20) من القانون رقم (13) لسنة 1975 أيهما أكبر، ولتشجيع توظيف مرضى السكلر والفشل الكلوي في القطاع الخاص فقد قرر المجلس اعتبار توظيف كل حالة بمثابة حالتين للاستفادة من رفع نسبة البحرنة لدى الشركات أو المؤسسات التي تقوم بتوظيفهم».
ولم يقتصر اهتمام الحكومة بمرضى السكلر، على هذا القرار، إذ أصدرت توجيهات عدة، لتقديم أفضل الخدمات الطبية والعلاجية لمرضى السكلر، كان آخرها يوم الاثنين الماضي (13 يونيو/ حزيران 2011)، إذ وجه سمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وزارة الصحة إلى «وضع خطط علاجية فعالة لمواجهة مرض السكلر، وتبني الخطوات التي تساهم في خفض نسب الإصابة به، وأن تتم الاستعانة بذلك بخبرات الدول المتقدمة في هذا المجال وكبريات المؤسسات الطبية في العالم، وذلك حرصاً من الحكومة على حصول المواطن على أفضل الخدمات الطبية والعلاجية وضمن جهودها في مواجهة الأمراض المزمنة ومساعدة المصابين بها ورعايتهم.
وفي جلسته المنعقدة في 22 أغسطس/ آب من العام الماضي (2010)، قرر مجلس الوزراء، برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، وضع خطة وطنية وعلمية لمواجهة مرض السكلر وكلف وزير الصحة بالتنسيق مع وزير العدل والشئون الإسلامية بإعداد هذه الخطة التي تفضي إلى مواجهة هذا المرض طبياً وتشريعياً وشرعياً وأن يتم التنسيق في هذا الإطار مع الجهات ذات الاختصاص.
ودعا سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة إلى إحاطة المجلس علماً بجهود الوزارة في التعامل مع مرضى السكلر، حيث عرض وزير الصحة الإجراءات العلاجية التي تتخذها الوزارة لتقديم أفضل مستوى لعلاج مرضى السكلر والعناية بهم وببرامجها التوعوية في هذا المجال
العدد 3207 - السبت 18 يونيو 2011م الموافق 16 رجب 1432هـ