بعد اختيار مؤسسي تجمع الوحدة الوطنية أمس الأول (11 يونيو/ حزيران 2011) الذهاب إلى طاولة الحوار الوطني كجمعية سياسية تنتظر الولادة الرسمية، والتي لن تكون بعيدة، فقد بات من المؤكد أن عدداً من قيادات أكبر جمعيتين سياسيتين في الشارع السني باتت قاب قوسين أو أدنى من مغادرة معاقلها في «الأصالة» (سلف)، والمنبر الإسلامي (إخوان مسلمون).
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع انتقال عضويات رقم لا بأس به من جماهير من الجمعيتين اللتين أنشئتا بعد تدشين ميثاق العمل الوطني قبل 10 سنوات، من البسيتين والمحرق حيث مقري الجمعيتين إلى عراد، المقر المتوقع لاحتضان الجمعية السياسية الجديدة.
وعلى رغم أن الاستقالة المتوقعة لعددٍ من قيادات جمعيتي «الأصالة» و «المنبر» تبدو أمراً محسوماً في ظل تنامي شعبية «التجمع» في الشارع السني ووجود هذه القيادات ضمن مظلة مؤسسي التجمع التي أقرت تحوله إلى جمعية سياسية، فإن ذلك سيلقي بظلاله على جماهيرية الجمعيتين اللتين ظلتا على مدى عقدٍ من الزمان أقرب ما تكونان إلى الشارع الذي تمثلانه، وهو ما كان ينعكس خلال الانتخابات في حصادهما لأكبر كتلتين هناك، إذا استثنينا «انتخابات 2010»، إذ تسبب عدم نجاح الجمعيتين في التنسيق بينهما إلى تقليص نفوذهما في الشارع السني لصالح «المستقلين».
ولعل هواجس «الأصالة» تحديداً من تنامي جماهيرية «تجمع الوحدة» بعد تحوله إلى جمعية سياسية، هي أكثر مما تخشاه «المنبر الإسلامي» على نفسها، وهو أمرٌ يبدو قابلاً للتفسير، إذ إن رئيس تجمع الوحدة الوطنية يبدو أكثر قرباً «أيديولوجيا» إلى «الإخوان المسلمين» منه إلى «السلف»، ما يعني أن «الأصالة» ربما لن تقترب كثيراً من الدائرة الأقرب إلى صنع القرار في الجمعية الوليدة.
ولعل هذا الأمر هو الذي دفع «الأصالة» إلى المجاهرة صراحة بأنها كانت تفضل «أن يظل التجمع مظلة للجمعيات والقوى الوطنية وألا يختزل في جمعية سياسية بتسجيله رسمياً ضمن قانون الجمعيات».
وفي المقابل، لا يبدو أن انتقال عدد من منتسبي وقياديي «المنبر الإسلامي» إلى مظلة «التجمع» أمراً يمكن أن يمر عليه المنبريون دون التفات، وخاصة بعد أن شهدت الانتخابات النيابية السابقة خسارة موجعة لها، وبدرجة أكثر قسوة مما حدث للأصالة.
ففي الوقت الذي كانت «المنبر الإسلامي» آخذة في لملمة صفوفها مجدداً بعد تداعيات الانتخابات الأخيرة، بات عليها أن تعيد هيكلة صفوف قيادتها ومنتسبيها مجدداً، إثر الدعوة إلى تحول «التجمع» إلى جمعية سياسية، وهو ما استدعى منها استخدام مواقف متريثة تحاول فيها التوفيق بين هواجسها وتطلعات الجمهور والشارع السياسي الذي أخذ يسلط المزيد من الأضواء على «التجمع» خلال الشهرين الماضيين.
وأياً تكن حسابات «المنبر الإسلامي» و «الأصالة» ومواقفهما بشأن تحول «التجمع» إلى جمعية سياسية، فإن كلا الجمعيتين ستستقطعان جزءا من قيادتهما، وجزءاً آخر من جماهيرهما لصالح الأخير، وهو ما يعني إذا ما استمر وهج «التجمع» على قوته، أننا لن نكون إلا مع لاعب سياسي واحد في الشارع السني، في حين قد تتماهى التيارات الأخرى وتتضاءل مع المد والنفوذ المتزايد له.
يشار إلى أن 126 شخصية من مؤسسي تجمع الوحدة الوطنية حسموا أمس الأول خيار التحول إلى جمعية سياسية من بين 183 شخصية تداعت للتصويت، منهين بذلك جدلاً استمر أسابيع بشأن مصير الكيان الناشئ الذي أعلن تشكيله في 20 فبراير/ شباط 2011، إثر اندلاع الأحداث التي شهدتها البلاد في 14 من الشهر نفسه.
وأخذ تجمع الوحدة الوطنية الذي كان عبارة عن ائتلاف ضم نسيجاً متداخلاً من الجمعيات السياسية والاجتماعية والدينية السنية يلعب دوراً متنامياً في الشارع البحريني بعد أن أقام لقاءين حاشدين في ساحة مسجد الفاتح بالجفير في 21 فبراير/ شباط، و3 مارس/ آذار الماضيين، أعلن خلالهما تمحور حراكه حول جملة من المطالب، تتعلق بإطلاق جميع سجناء الرأي، وإجراء التعديلات الدستورية بما يصب في مصلحة الوطن بعيداً عن التجاذبات، ومكافحة الظواهر غير الأخلاقية ومنها منع المسكرات والتصدي للدعارة، ورفع الأجور وتحسين مستوى معيشة المواطنين، ومكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين
العدد 3201 - الأحد 12 يونيو 2011م الموافق 11 رجب 1432هـ