العدد 3196 - الثلثاء 07 يونيو 2011م الموافق 06 رجب 1432هـ

أبعاد قرار «تمديد اليوم الدِّراسي بالمرحلة الثانوية»

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

تمديد اليوم الدراسي هو أحد مشروعات تحسين أداء المدارس، ففي 2 يونيو/ حزيران 2011م كلَّف نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس لجنة تطوير التعليم والتدريب سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة وزارة التربية والتعليم اتخاذ الخطوات الكفيلة تطبيق مشروع تمديد اليوم الدراسي في المرحلة الثانوية، بعد التشاور مع أولياء أمور الطلبة، ورصد الموازنة المطلوبة، وبالشكل الذي يسهم في الارتقاء بأداء المدارس.

هذا التوجه يأتي ضمن مبادرات المشروع الوطني لتطوير التعليم والتدريب، وبعد الوقوف على نتائج التقرير الذي تم إعداده بالتَّعاون مع مجلس التنمية الاقتصادية وبيوت الخبرة العالمية من خلال نظام العمل الجزئي، لكي تمنح لأعضاء الهيئتين الإدارية والتعليمية الساعات الإضافية المناسبة لما أدوه من عمل إضافي ناجم عن مدِّ العمل في هذه المدرسة إلى الساعة الثانية والربع بدلاً من الواحدة والنصف.

نقرأ في المادة الرابعة من القانون رقم (27) للعام 2005 بشأن التعليم أن «الوزارة هي الجهة المسئولة عن توجيه النظام التعليمي في البلاد، ورسم سياسته داخل الإطار الذي تحدده المملكة».

كما تشير المادة الخامسة من القانون نفسه إلى أنه «توجّه إمكانات الوزارة البشرية ومواردها المادية لتحقيق أهداف السياسة التعليمية والتوجهات المستقبلية لتطوير التعليم، وتباشر مسئولياتها على الوجه الآتي: وضع الخطط التربوية للنُّهوض بالنظام التعليمي بنوعيه العام والفني ضمن إطار السياسة العامة للمملكة وفلسفتها التربوية والارتقاء بنوعية التعليم وكفاءته وفاعليته في تحقيق أهداف المجتمع وملاءمته للاحتياجات الراهنة والمستقبلية».

على مستوى التطبيقات والممارسات تُطرح مدرسة المحرق الثانوية للبنات على رأس النماذج الناجحة في مشروع تمديد اليوم الدراسي، فهي من المدارس المنضوية تحت برنامج تحسين أداء المدارس منذ العام الدراسي 2009/2008م، وساهم مشروع تمديد اليوم الدراسي فيها في رفع مستوى التحصيل الدراسي بالمدرسة، بانتقال المدرسة من تقدير جيد إلى تقدير ممتاز في جميع جوانب عملها من قِبل هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب، وتحسن نتائج الطالبات بالمدرسة في 13 مادة دراسية في امتحانات نهاية العام الدراسي 2010/2009م.

يميل المؤيدون لقرار تمديد اليوم الدراسي إلى أنه حاجة ملحة لمتطلبات المرحلة، ولذلك فإن مدة الحصة الدراسية والمتمثلة في 45 دقيقة قد تكون غير كافية لتحقيق أعلى درجات الكفاءة التعليمية للطلبة بوجه عام، ولا تلبي الاستراتيجيات والطرق التدريسية الحديثة، والتمديد إنما هو زيادة الوقت المحدد لكل حصة بواقع 15 دقيقة فقط لا غير، ليتم استغلالها في تنفيذ أسس ومقومات الحصة النموذجية أو الناجحة، المرتكزة على الأنشطة الاستهلالية والمقدمة والأهداف للدرس وطرق التدريس الفاعلة، وتقييم عمليات التعلم وخاتمة للدروس، على أساس التمايز ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين.

قرار التمديد ربما يمكِّن الأقسام التعليمية بالمدارس من تنفيذ خططها المعدة مسبقاً وفقاً لأيام التمدرس، من دون الخشية من انتهاء الحصة الدراسية والانتهاء من المناهج التعليمية في مفهومها الواسع (المنهج هو الحياة)، والتي لا تقوم فقط على إتمام المقررات الدراسية فحسب، وإنما في تنمية الاتجاهات السليمة لدى الطلبة، والقائمة على قيم المواطنة وحقوق الإنسان والتسامح والعيش المشترك وما إلى ذلك، لذلك فإن التمديد يتيح الوقت الكافي للتكيف والمرونة عبر تنفيذ الأنشطة المتعددة، وتحويل المواقف الصفية إلى حوارات فكرية وأنشطة متعددة تعزز أهداف التعلم، بحيث يتم الانتهاء من الدروس في الحصة نفسها، وعدم تأجيلها إلى يوم آخر.

تؤكد بعض الدراسات والأبحاث الميدانية أن أداء الطلبة الذين تلقوا دروساً علاجية أو تقوية داخل مدارسهم وصفوفهم الدراسية هم أكثر تحسناً في الأداء من أولئك الذين درسوا في معاهد أو بيوت أو حتى مع مدرسين آخرين وفي مدارس أخرى، ما يقطع الطريق أمام الدروس الخصوصية التي يضج منها كثير من الأسر البحرينية من ذوي الدخل المحدود.

يرى البعض في التمديد فرصة للتفكير في العمل بالتوقيت الصيفي (من شهر أبريل/ نيسان إلى آخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول)، حيث غياب قرص الشمس في هذه الأيام حوالي الساعة السادسة والنصف مساءً، في الوقت الذي يُرفع أذان الفجر عند الساعة الثالثة والربع صباحاً، ومن المهم الاستفادة من هذا الوقت الطويل نسبيّاً.

رأي وزارة التربية والتعليم أنها تبنت مشروع تمديد اليوم الدراسي بعد استطلاع آراء أولياء أمور الطلبة، باعتبارهم عنصراً مهمّاً ومكملاً لمنظومة التربية والتعليم، وتحقيقاً لمبدأ الشراكة المجتمعية التي تسير عليها الوزارة، فقد قامت بتوزيع الاستطلاع على الطلبة الذين بدورهم يأخذونه إلى أولياء أمورهم، ليختاروا وقتاً بين اثنين، إما تمديد زمن اليوم الدراسي إلى الثانية والربع ظهراً، أو البقاء على التوقيت الحالي، أي إلى الواحدة والنصف ظهراً بالنسبة إلى المرحلة الثانوية.

كما أن التمديد ـ بحسب رأي الوزارة ـ يمنح امتيازات مالية للكادر التعليمي، فطبقاً لقانون ديوان الخدمة المدنية؛ فإن التعويض يأتي منسجماً مع المادة رقم (27) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية للعام 2006 والمتصلة بالتعويض، على أن يتم تعويض أعضاء الهيئتين الإدارية والتعليمية بواقع (91) يوم عمل في الفصل الدراسي الأول و(96) يوم عمل في الفصل الدراسي الثاني، ضمن الاعتمادات المالية للوزارة.

وفي المقابل يطالب البعض من المتحفظين أو المعارضين لقرار التمديد ـ في حال تعميمه ـ باحتساب زيادة 100 دينار ضمن الراتب الأساسي لا على أساس أنها مكافأة، وأنه (أي التمديد) يتسبب في إرهاق المعلمين بوجه عام، والمعلمات بوجه خاص، لذلك، فإن البعض منهم قد يلجأ للنقل إلى مدارس أخرى لا تطبق مشروع التمديد.

في الوقت الذي يعتبرون فيه أن القرار يخلق نوعاً من النفور والملل في أوساط المعلمين والطلبة (الذكور تحديداً) وقدرتهم الاستيعابية، وخصوصاً إذا لم يتم الأخذ بآرائهم، والاكتفاء فقط باستطلاع رأي أولياء أمورهم، ما قد يشجع على الهروب والتسرب.

هذا فضلاً عن أن قرار التمديد قد يطول العلاقات الاجتماعية والأسرية، لأن الطلبة عندما يتأخرون في المدارس، إنما يحرمون من تناول وجبة الغداء مع أسرهم.

نرى أهمية الحوار على أساس تبني آلية ثلاثية توافقية تضم (المعلمين والطلبة وأولياء الأمور) للتشاور بخصوص تمديد اليوم الدراسي بالنسبة إلى المرحلة الثانوية، من خلال اللقاءات المباشرة معهم، واستطلاع رأيهم، وعدم الاقتصار على رأي أعضاء مجالس الآباء بالمدارس، لأنهم لا يعبرون بالضرورة عن شريحة واسعة منهم.

وطبقاً لتصريح وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة خلال جلسة مجلس النواب في مايو/ أيار 2011، والتي تم فيها إقرار مشروع قانون اعتماد الموازنة العامة للدولة للسنتين الماليتين 2011 و2012 (أكبر موازنة في تاريخ مملكة البحرين)، إذ تم تخصيص مبلغ 660 مليون دينار لقطاع التعليم، بواقع 325 مليون دينار في موازنة السنة المالية 2011 و335 مليون دينار في موازنة السنة المالية 2012، وذلك لتنفيذ عدد من المشاريع والمبادرات المهمة، ومن ضمنها برامج تحسين أداء المدارس، ويتفرع منها (تمديد اليوم الدراسي).

صحيح أن نصيب الخدمات كالإسكان والتعليم والصحة هو الأكبر في الموازنة العامة للدولة، لكنني أتحفظ على توصيف مسمى «خدمات» على قطاع التعليم، لأنني أؤمن بأن التعليم هو استثمار في الأجيال المقبلة.

ثمة مقولة رائعة «ابنوا أبناءكم، لا تبنوا لهم»

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3196 - الثلثاء 07 يونيو 2011م الموافق 06 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً