ما إن يقترب شعب البحرين وقيادته من إحدى محطات الاتفاق فيما بينهما، حتى يفاجأ الاثنان ببروز من يحاول أن يضع العصي في دواليب العربة التي ستقلهما نحو تلك المحطة. يسيطر هذا الشعور على المواطن، وهو يشاهد العقبات التي يحاول البعض أن يضعها في طريق الحوار الوطني الذي دعا إليه جلاله الملك، وباشر في وضع آلياته سمو رئيس الوزراء، بالتعاون مع رئيسي مجلسي الشورى والنواب.
نورد ذلك كي ندعو القوى السياسية البحرينية أن تعي، ما تعنيه هذه المحطة في مسيرة تجديد المشروع الإصلاحي، التي ستمده بجرعة جديدة تزوده بالطاقة الإضافية التي يحتاج إليها بعد عشر سنوات على انطلاقته، من أجل الاستمرار والتطور. فالحوار لا يمكن أن يعني شيئاً آخر سوى ذلك. ومن ثم فليست هناك فرصة أفضل يمكن أن تتاح لمن يريد أن يساهم في تعزيز مشاركة المواطن في آليات صنع القرار من طاولة الحوار الوطني الذي ستنطلق أعماله في مطلع يوليو/ تموز المقبل.
نأمل أن لا يجد المواطن نفسه أمام تساؤلات بيزنطية من نمط «أيهما يسبق الآخر: الحوار أم تهيئة الأجواء من أجل إنجاح الحوار؟»، مع إدراكنا للتعقيدات التي تواجهها القوى السياسية بما فيها غياب بعض رموزها السياسية عن الساحة. لكن لا ينبغي أن يكون ذلك سبباً في عزوفها عن المشاركة في الحوار؛ لأن في غيابها، خسارة لا يمكن تعويضها في المرحلة الحالية أو تلك اللاحقة.
ليس خافياً على أحد أنه إن كان هناك من جهة أجنبية، غير محلية لها مصلحة في عدم استقرار المنطقة، فلن تكون أخرى غير واشنطن، التي تتلاقى مصالحها في هذه المرحلة مع زعزعة الاستقرار في المنطقة، فهذا سيمكنها، في حال نجحت استراتيجيتها وتم تغيير التوازنات القائمة في المنطقة، من فرض شروطها على القوى المحلية لرسم خريطة الشرق الأوسط الكبير وفقاً للمشروع الأميركي، دون سواه. الأمر الثاني، أنه بقدر ما تضعف الأنظمة الخليجية، بقدر ما بوسع الولايات المتحدة فرض شروطها السياسية والاقتصادية عليها، وعلى وجه الخصوص منها تلك المتعلقة بضمان استمرار تحكمها في نفط المنطقة.
هذا لا يعني إطلاقاً أن الأصابع الأميركية السوداء هي التي تحرك القوى السياسية المحلية، ففي مثل هذا الطرح الكثير من التسطيح والسذاجة، لكنه وبالقدر ذاته، تساهم القوى - بوعي أو بدون وعي - التي تصر على استمرار عدم الاستقرار، في حال رفضها الجلوس إلى طاولة الحوار، والتوصل بشكل سلمي تطويري، لنيل مكاسب تطالب بها الجماهير، في طاحونة المشروع الأميركي المعادي لمشروعات تطور المنطقة وتقدمها، تأسيساً على استقرارها.
لذا يناشد المواطن قواه السياسية المترددة بشأن المشاركة في الحوار، ولكي لا تقع في مصيدة المشروع الأميركي المتربص، ليس بالبحرين فحسب، وإنما بكامل المنطقة، أن تعضّ على جراحها، وتبادر إلى إعلان عزمها على المشاركة في الحوار، الذي متى ما وصلت إلى طاولته، فليس هناك سقف للموضوعات التي يمكن أن تطرحها على بساط البحث، وليست هناك أية حدود، يمكن أن تجردها من حقها، بل واجبها أن ترفع سقف مطالبها التي توسع من هامش مشاركة المواطن في صنع القرار، وخصوصاً في القضايا الاستراتيجية
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3194 - الأحد 05 يونيو 2011م الموافق 04 رجب 1432هـ