كم صورة خارج الإطار؟
لماذا هذه الصور بالذات؟
هل هي صور تحمل ذكريات أليمة في حياتنا؟
بعض الصور نجعلها أمام أعيننا دوماً، صورة علم الوطن، صورة الوطن، صورة الأب، صورة الأم، صورة الزوج، صورة الأبناء، صورة الأحباب، ولكن كم صورة نضعها داخل الدرج، ولا نخرجها حتّى لا نجرح بها مشاعرنا التي انجرحت في يوم من الأيام.
إذا كانت الصورة خارج الإطار، وداخل ذلك الدُّرج، إذاً الصورة تؤلم الفؤاد كلّما خرجت ونظرنا اليها، ونحاول نسيانها وعدم تذكّرها بمحاولة رميها أو إخفائها عن أعيننا، وعبثاً نحاول، فما ان نغلق المقلتين، حتى تظهر الصور، وتتدفّق الذكريات، ويرجع الماضي كالشلاّل غير المنتهي.
الصور تتبعها ذكريات، سواء جميلة أو مؤلمة، وصورة الإطار أخفّ وطأً من الصور التي تكون خارج الإطار، فالثانية غير معلنة، وموجودة في الظلام، في مكان بارد، حتى لا تمس أحاسيسنا الدافئة، وبالتالي يرجع الألم مرّة ثانية، ولكن هذه المرّة، الألم أشد من سابقه.
غريب أمرنا، لا نريد الألم لكنّه موجود داخلنا وفي مجريات حياتنا، إذا أخذنا صوراً كثيرة للبحرين قبل الأحداث وأثناء الأحداث وبعد الأحداث، ووضعنا بعضها في الإطار، وأخرى دفنّاها في أدراج الذكريات حتى لا تعود، ومهما حاولنا فهي باقية فينا، وغيّرت كثيراً من أمورنا، بل وغيّرتنا أنفسنا.
هل نستطيع إعادة الصور إلى الإطار؟، نعم نستطيع، فليس من الصعب إعادة الصور، فبقاؤها داخل الدرج، يجعلها باقية وبإصرار أكبر، وعليه نستطيع اجتياز الأزمة بإظهار الصور، والمرور حولها، حتى لا تخنقنا بذكرياتها.
لا نتكلّم اليوم عن الشاعرية والحبِّ فقط، بل نتكلّم عن اجتياز الأزمات بمواجهتها، فوضع الصورة في إطارها، هو اعتراف بوجود أزمة مَّا، ورؤيتها هي محاولة منّا لحل مشكلاتنا وأزماتنا، ومن خلال المرور بها ذهاباً وإياباً، سنجد ما لم نلاحظه من قبل، وسنستطيع تفسيره ومعرفة أسبابه ومواجهته، وتعتبر هذه أبسط الحلول لكثير من الأزمات.
فنحن لن نتخلّص من هذه الأزمة المريرة في المجتمع البحريني، ما دمنا نقول ليست هناك مشكلة - وهذه مأساة في حد ذاتها -، لكننا نستطيع القول إن هناك مشكلة وسنعالجها حتى لا تتفاقم وتزداد، ويكون المردود سيّئاً في النهاية.
لنا نظرة مشرقة في مستقبل البحرين السياسي، فمبادرة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله، هي أوّل الغيث، وستستمر النظرة المشرقة، حتى يرجع النسيج البحريني كما كان أو أفضل من قبل، إذ إنّ هذا النسيج هو نسق اجتماعي فُطِرَ عليه الخلق، ولا يستطيعون الحياد عنه، وسنواصل المسير حتى يتحقّق في أرضنا وبين أفراد مجتمعنا.
نريد للبحرين أن تشرق بمستقبل اقتصادي قوي، ومستقبل اجتماعي أقوى، ولن يتم ذلك الاّ عن طريق المصارحة والحوار الجدِّي، ولنكتفِ بما خسرناه، ولنراجع حساباتنا، حتى لا نقع في شرك ومتاهات المطالب التي لن تتحقّق، والتي يكون الخاسر فيها هو الوطن!
الوطن أوّلا، ومن ثمّ نحن، وما مشروع الفورمولا 1 إلاّ لهذا الوطن ولنا، فهل نخسر هذا المشروع، أم نمضي فيه؟ ولنتذكّر أنّ الوطن غالٍ على نفوسنا جميعاً، ولا نريد خسارته، لأنّ خسارته من خسارتنا بالطبع.
لنجعل بعض الصور في الإطار، ولنتقدّم بعلمنا ورؤيتنا ومطالبنا الشرعية، من دون شروط تعجيزية، أو أخرى خاطئة، فنحن في النّهاية نجتمع جميعاً على حب البحرين، وعلى التعايش الطبيعي في ظل دولة المؤسسات، ولنعلم بأنّ الصور التي توضع في الإطار هي تلك الصور البرّاقة في مكانها الطبيعي، فلا تظل شائبة في قلوبنا نحاول دفنها وهي حيّة، لكي لا تستيقظ في يوم ما، جرّاء الكبت داخل الدرج
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 3194 - الأحد 05 يونيو 2011م الموافق 04 رجب 1432هـ