توقّف عند حدّك أيّها الأب المسيء إلى ابنك... ولا تضربه... هذه الضربات الموجعة مسّت الجسد والروح معاً، لن ينساها ابنك أبداً... تستطيع أن تقوّمه وتعدّل من اعوجاج سلوكه، ولكن ضربك المبرح له، سيرجع عليك في يوم من الأيام بأسوأ المعاملة، ولن يرحمك هذا الابن، لأنّه بصراحة لم يجد الرحمة في حضنك والحنان والرحمة في قلبك!
هناك بعض الآباء من يظنّون أنّ الضرب المبرح والشتم السيئ القذر، هما أفضل وسيلة لتربية الأبناء وخاصة الأولاد، إذ يعتقدون بأنّهم يربّون رجالاً، ولكن للأسف في كثير من الأحيان لا يربّون إلاّ جيلاً مهزوماً ليس لديه شخصية، أو جيلاً حاقداً غاضباً لا يعرف كيف يتعامل مع غضبه.
وقد يكون ضرب الأطفال إسقاطاً من قبل الآباء بسبب إحباطاتهم المتواصلة في الحياة، فقد يظنّون لا شعورياً أنّ زواجهم لم يكن عادلاً، وأسرتهم سبباً في عدم الوصول إلى طموحهم، وقد يكون فشلهم في التربية سبباً في الضرب المبرح... تعدّدت الأسباب والضرب واحد، لا خلاص منه لدى الأطفال إلا عند حدوث الطلاق أو موت الآباء الذين يضربون أو الهروب من المنزل.
قبل ضرب أبنائنا لنعلم بأنّ لا حول لهم ولا قوّة لضربنا بالمثل، فهم أصغر وأضعف، وهم أمانة من الله في أعناقنا، ولا يرضى الله عن هذه التصرّفات المشينة في حق الأبناء، فالتربية والتعنيف شتّان في المصطلح والمعنى!
نفسية الطفل المضروب لا تعرف طعم الثقة، عندما يخرج إلى المجتمع المحلّي، وخاصة حينما تلاحظ آثار الضرب في وجهه أو كتفه، فتسأله من فعل بك هذا؟! تجده لا يجيب أو يُجيب بعد مدّة بأنّ والده من قام بهذا الفعل، فهو لا يعلم لماذا يُضرب بهذه الطريقة، وهل يستحق فعله كل هذا الضرب، ولكن اعلم بأنّه يحبّك سيحبّك، لأنّك والده ولا يعرف والداً غيرك، حتى يكبر ويفهم ويكره ما كنت تصنعه في حقّه.
لننتبه إلى قضيّة مهمّة، وهي عملية بناء الأبناء ليواجهوا المجتمع عملية صعبة ومعقّدة جداً جداً، فمهما حدث ومهما عملوا، لا يجب أن ننسى بأنّهم في طور النمو، سواء النفسي أو الاجتماعي أو الجنسي، ومهما كانت أخطاؤهم، فإنّهم ينتظرون منا تعديل السلوك لا زيادته أو حرمانهم من حق التعلّم.
ولكن البعض يغفل بأنّه كان في يوم من الأيام طفلاً تعرّض لبعض المواقف، وأخطأ في بعض الأحيان، ووجّهه والده إمّا بكلمات حنونة تقويه ليصنع الخير، أو بتعنيف مشين جعله يضرب ابنه من باب «أنّ الابن سرُّ أبيه»!
لا تعوّدوا أبناءكم على الكره والذل، بل عوّدوهم على الحب وازرعوا الثقة فيهم، فما تزرعه ستحصده في يوم من الأيّام، وكن خير مثال لأبنائك الذين سيكونون آباء وأمّهات بعد حين، ليذكروكم بذكرى طيّبة يحدّثون أبناءهم عنها
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 3190 - الأربعاء 01 يونيو 2011م الموافق 29 جمادى الآخرة 1432هـ