تعاقبت على مسودة قانون الصحافة التي لم تقر إلى الآن ثلاثة مجالس نيابية (بين 2004 و2011)، وتوالت الوعود التي تبشر بقرب إقراره، إلا أن هذه التصريحات سرعان ما كانت تنكسر تحت سلطة الواقع تحت ظلال «قبة القضيبية».
يوم أمس الأول ألقى رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني وعداً آخر ذكر فيه أن «قانون الصحافة والنشر سيكون من ضمن أولويات العمل البرلماني في الدور المقبل، وأنه سيلبي طموحات الجسم الصحافي واستشراقات المستقبل، دعماً للمشروع الإصلاحي، وبالتعاون مع الحكومة».
وعلى رغم أن التصريح جد إيجابي، إلا أن الشك بتمرير القانون المجمد منذ أكثر من سبع سنوات ونصف السنة في «ثلاجة» تتقاذفه الحكومة ومجلس النواب، يبدو الأقرب إلى استشراف الجسم الصحافي، الذي عايش مناقشاتٍ سابقة للقانون أفضت إلى إعادته إلى «الثلاجة» مجدداً، من دون أن يبصر النور طيلة السنوات الماضية جميعها.
وأتمَّ مشروع قانون الصحافة البحرينية 88 شهراً بالتمام (سبع سنوات وأربعة أشهر)، منذ تقديمه كمقترحٍ بقانون من قبل مجلس الشورى، لتعديل أحكام قانون الصحافة المعروف بالمرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002، من دون أن يتم إقراره حتى الآن.
وسار القانون الذي لم ير النور بعد، منذ 19 أبريل/ نيسان 2004، حين قدمه مجلس الشورى كمقترحٍ بقانون، وأحالته الحكومة إلى دائرة الشئون القانونية لصوغه كمشروع قانون، وحتى اليوم بمحطاتٍ طويلة، كادت أن تخرج المولود الموعود من رحم السلطة التشريعية، إلا أن الأمور كانت تعود دائماً إلى المربع الأول، ويتوارى قانون الصحافة عن الأنظار مجدداً.
ولعل المحطة الأبرز خلال مسيرة مشروع القانون، كانت في العام 2010، خلال الدور التشريعي الرابع للفصل الثاني المنصرم، إذ بدأت المناقشات النيابية الرسمية للقانون خلال جلساتهم، غير أنها اصطدمت بملفاتٍ سياسية وخدمية اعتبرها النواب أولوية دفعتهم لإعادة القانون للإدراج، وها هو دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الثالث انفض دون أن تتم مناقشته من جديد.
وتسببت الأحداث السياسية الأخيرة وإقرار موازنة عامي 2011 و2012 في تقليص فرص مناقشة قانون الصحافة.
وتضم مواد القانون أربعة أبواب رئيسية، تنقسم بدورها إلى 10 فصول فرعية، الأول يوضح المبادئ العامة والتعاريف، والثاني عن تنظيم الصحافة وفيه سبعة فصول، والثالث عن الطباعة والنشر ويحوي ثلاثة فصول، والأخير جاء بأحكام متفرقة.
وعلى رغم أنه كانت هناك فرصة لإقراره على مدى ثلاثة أشهر قبل فض دور الانعقاد المذكور أي لغاية 11 مايو 2010، إلا أن مناقشات القانون المذكور أصيبت بانتكاسة بالغة، بعد أن تأجَّل إكماله عدة جلسات قبل أن يغلق مجلس النواب أبوابه دون أن ينجح حتى في إنهاء ربع مواده.
يشار إلى أن لجنة الخدمات كانت قد اجتمعت خلال مناقشاتها الماضية خلال الفصل التشريعي السابق والحالي مع اغلب الجهات ذات العلاقة، ومنها جمعية الصحفيين البحرينية ونقابة الصحافيين البحرينية (تحت التأسيس)، ورؤساء تحرير الصحف المحلية، بالإضافة إلى تسلمها رؤى عددٍ من الكتل النيابية إزاء مشروع قانون الصحافة.
ومنذ تسلم لجنة الخدمات النيابية للمشروع بقانون المذكور، حتى انتهائها منه الدور الماضي إيذاناً ببدء المناقشات العلنية لمواده وفصوله، فقد دار لغط كبير حينها بشأن الفصل المتعلق بالعقوبات المفروضة عند مخالفة القانون المشار إليه.
ويثار في الجسم الصحافي جدلٌ واسع عما قيل إنه محاولة للالتفاف على عقوبات الحبس المباشرة للصحافيين وفق مسودة القانون التي أقرتها لجنة الخدمات الماضية، من خلال إحالة بعض مخالفات النشر إلى قانون العقوبات، بدلاً من القانون المذكور، تلافياً لردود الفعل التي قد يبديها الجسم الصحافي حال إقرار مواد تفضي للنص على الحبس، في حين كان رد الجسم الصحافي واضحاً برفض الحالتين، أي وجود عقوبات مباشرة أو غير مباشرة يكون مآلها حبس أي صحافي تحت طائلة مخالفة القانون.
ويعوِّل الصحافيون على الكتل البرلمانية لإقرار قانونٍ يهيئ لهم مزيدا من الحرية والخصوصية، ويكفل لهم المزيد من المساحة في التعبير، ومن غير المعلوم إذا ما كانت تركيبة المجلس المقبل الذي يؤمل أن يكتمل عقده بعد الانتخابات التكميلية في 24 سبتمبر/ أيلول المقبل، ستؤدي إلى مساندة إخراج قانونٍ عصري للصحافة، أو ستقف حجر عثرة إزاءه
العدد 3190 - الأربعاء 01 يونيو 2011م الموافق 29 جمادى الآخرة 1432هـ