فيما نحن على أبواب الخروج من نفق «السلامة الوطنية»، بدأنا نلمس دبيب النشاط في جسد التيار الوطني الديمقراطي في إطار التململ الذي بدأ يسري في جسم الحركة السياسية البحرينية، وأول غيثها ما يقوم به «المنبر التقدمي» و«التجمع القومي»، اللذان علمت «الوسط»، ومن مصادر رسمية أنهما يتدارسان الموقف من أجل التنسيق في مواقفهما من الانتخابات التكميلية التي ستجرى في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل. من الطبيعي، والمنطقي أيضاً، أن تكون جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) غير غائبة عن ذلك التنسيق، لكن ظروفها الخاصة تمنعها من ممارسة أنشطتها بشكل رسمي في الوقت الحاضر.
يشكل هذا الحراك من هذين الفصيلين، وإن بدا خجولاً، انطلاقة صحيحة من الفئة الأكثر تنظيماً في صفوف التيار الوطني الديمقراطي البحريني، الذي يحاول أن يشق طريقه اليوم، وسط ظروف معقدة، تجعله في حاجة ماسة إلى الكثير من الحكمة السياسية، والحنكة التنظيمية، على حدٍّ سواء، إن شاء هو أن يحتل، وكتيار مستقل، مقعده المميز، في الشارع السياسي البحريني اليوم.
الخطوة الأولى والضرورية والتي لا تحتمل أية مساومة على هذه الطريق، هي اقتناع هذا التيار الديمقراطي المنظم، ذاتياً وداخلياً، بمكانته المهمة في صفوف المعارضة السياسية. هذا الاقتناع، كي يكون ناجحاً، لابد وأن ترسخه خطوات أخرى تعكس ثقة هذا التيار بنفسه، كي لا يتحول، ولو للحظة واحدة، إلى ظاهرة ذيلية تسير في دبر الحركة السياسية المنظمة الأخرى، بدلاً من أن يسير، وكما يقول منطق التاريخ، في مقدمتها، وربما يقودها.
هذا التميز، ليس القصد منه التحول إلى سلوك متعال، ينظر إلى القوى الأخرى نظرة دونية، أو حتى معادية. بل إن أحد أهم صمامات أمان تنامي هذه التيار، واتساع نطاق انتشاره في صفوف المواطنين، إنما هي قدرته على الاحتفاظ بعلاقات حميمة مع القوى الأخرى، وفي المقدمة منها التيارات الإسلامية بكل تلاوينها، ليس من منطلق تكتيتكي/ انتهازي، وإنما استراتيجي/ تكاملي. وبالقدر ذاته، ليس مطلوباً من هذا التيار، إن هو شاء أن يحافظ على هويته الإصلاحية غير «الطفولية»، أن يتحول إلى جهة مناوئة للسلطة ومناكفة لها. وبقدر ما تكون المسافة بين هذا التيار وقوى الإسلام السياسي إيجابية متكافئة، بقدر ما ينبغي أن تكون علاقته مع السلطة انتقادية بناءة، لا «اقتناصية» مدمرة. بفضل هذا الموقع المتميز، بوسع هذا التيار، متى ما عزز ثقته بنفسه وفي جماهيره، وهذه الأخيرة قوة من الخطأ الاستهانة بثقلها السياسي والاجتماعي، بوسعه أن يمارس الدور القيادي الذي نتحدث عنه.
من الطبيعي أن تكون البدايات صعبة، والخطوات لا تمتلك السرعة التي نطمح إليها، لكن أول الغيث قطرة، ورحلة المئة ميل تبدأ بالخطوة الأولى، التي لابد لها أن تكون سليمة، وفي الاتجاه الصحيح، هذا أذا أريد لها الوصول إلى نهاية الطريق، دونما انحراف أو ضياع
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3187 - الأحد 29 مايو 2011م الموافق 26 جمادى الآخرة 1432هـ