كثر القيل والقال في قراءة الشأن السياسي البحريني، فمنهم من هو فرحان بما يحدث، ومنهم من يظن بأنّه خسر المعركة، ومنهم مازال في فورة غضبه على أهل الدوّار وعلى الحكومة.
وإليكم بعض من القيل والقال: الحوار سيبدأ، وبعض الحقوق سترجع، وأنّ من تمّ إيقافه سيرجع إلى عمله، وهناك إشاعة بأنّ هناك من رجع بالفعل، وكذلك هناك من يقول بأنّ حرباً عالمية ثالثة ستبدأ من البحرين، وهناك وهناك وهناك!
لا نعرف ماذا يريد الشارع المتوتّر إلى الآن من الحكومة حتى تقضي على الفتن وعلى التذبذب، وحتى تحتوي الشارعين الشيعي والسنّي في شارع واحد وطني، فالُحوار أعجب أُناساً وأغضب أناساً، ومحاولة معاقبة من أساء إلى الحكم وإلى القيادة الرشيدة كان على العكس من ذلك، لقي صداه عند البعض وانتقده البعض الآخر.
ماذا تصنع الدولة في ظل هذه الظروف؟ وكيف تُرضي جميع الأطراف؟ وخاصة أنّ رضا الناس غاية من المستحيل أن تُدرَك! وعليه فإنّ ما نجده من توجّه بدأته الدولة مع قرار انتهاء قانون السلامة الوطنية هو توجّه إيجابي، يبشّر بقرب انتهاء الأزمة من أجل إرجاع الأمور إلى نصابها الصحيح، حتى لا تفلت الأحداث أكثر من الانفلات الذي حدث بعد 14 فبراير/ شباط.
لابد من أن يعقل الناس أمراً مهمّاً وهو مصلحتهم بالدرجة الأولى، إذ ليس من مصلحة الجميع إطالة الأزمة، وقد تضرّر منها الأطفال قبل التجّار، والأمّهات قبل الرجال، وقد اعتقل من اعتقل، وحوسِب من حوسب، وبدأت الدولة في مجريات حقيقية لفتح المبادرة في إصلاح الأمور.
إنّنا مع إصلاح الأمور بالطّبع، حتى لا يخسر المواطن البسيط أكثر ممّا خسره، ففي النّهاية اقتصاد البحرين يؤثّر في معيشة المواطن، وإن نزل الاقتصاد أكثر فإنّنا سنواجه أزمة أصعب من الأزمات التي مرّت خلال هذه الشهور.
لابد لنا من وضع أيدينا مع القيادة الرشيدة حتى نصنع بحرين جديدة، نقضي من خلالها على المشكلات والأزمات، في محاولة للوصول إلى القمّة، وهذه القمّة لا تتأتّى بالتشتّت والانقسام الطائفي، بل تتأتّى عن طريق زرع الحب والعطاء بين جميع طوائف المجتمع.
الولايات المتّحدة الأميركية قضت على العنصرية وعلى الانقسام الطائفي والديني في نهاية الستيّنيات، وبعد ذلك حقّقت مكاسب كبرى من خلال الوحدة، وإن كان هناك من يقول بأنّ هناك مجموعة من العنصريين داخل المجتمع الأميركي، فإنّنا نجيبهم بأنّهم أقلّية، فالمجتمع وصل إلى درجة من الوعي الثقافي الذي حتّم عليه صهر الطائفية والانقسام والعنصرية العرقية، وبدأ بالنمو، واستفاد من خبرات المجتمعات الأخرى، واهتمّ بالتعليم، فنحن عندما نعلّم نخلق جيشاً جرّاراً، نستفيد منه في مواجهة التيّارات الخارجية الخطرة ضد الدولة.
مصطلح آخر نودّ أن نضيفه هنا، هو مصطلح المواطنة، إذ لابد لنا من إعادة النظر في كيفية زرع المواطنة في نفوس الشباب والأجيال القادمة، وكذلك نحتاج إلى تكثيف الجهود في صهر المجتمع إلى مجتمع واحد بحريني.
لا يهمّنا القيل والقال وإن كثر، وليساعد الله الدولة فيما تحاول الخلاص منه، وفيما تحاول خلقه من أجل المواطن، ونحن متعطّشون اليوم إلى إرجاع الأمان والآمال لأهل البحرين، فهم اليوم منهزمون ضاقت بهم الدنيا، مهما كان مذهبهم أو جماعاتهم
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 3187 - الأحد 29 مايو 2011م الموافق 26 جمادى الآخرة 1432هـ