العدد 3185 - الجمعة 27 مايو 2011م الموافق 24 جمادى الآخرة 1432هـ

مواجهة الراديكالية في أوساط الشباب المسلم البريطاني

ديلوار حسين comments [at] alwasatnews.com

.

تعرضت الجامعات البريطانية لقدر كبير من الرقابة والتمحيص مؤخراً، وخاصة بعد أن ثبت أن عمر فاروق عبدالمطلب الذي حاول يوم عيد الميلاد تفجير طائرة متوجهة إلى الولايات المتحدة العام 2009، تلقى دراسته الجامعية في الكلية الجامعية بلندن.

ويؤكد التحقيق الذي تبع العملية والتقرير الذي صدر في مطلع هذه السنة من قبل «جامعات المملكة المتحدة»، وهي الهيئة المهنية التي تمثل القطاع، الحاجة إلى الحرية الأكاديمية وحرية التعبير والكلام، وفي الوقت نفسه تشجيع ورفع مستوى الوعي بين الشباب في حرم الجامعات.

ولكن حتى قبل ذلك الوقت، كان يُنظر إلى الجامعات على أنها «مشكلة»، بالنسبة إلى تسييس الشباب المسلم وتحويلهم إلى راديكاليين. حتى لو شعر الشباب المسلم، كما يقول التقرير «نراهم ولا نسمعهم: أصوات الشباب البريطاني المسلم»، بالمعارضة نفسها لوجهات النظر الراديكالية تماماً مثل أي قطاع آخر من المجتمع، فإن هناك نزعة للحديث عن هؤلاء الشباب، بدلاً من انخراطهم بشكل مباشر.

هناك تفاعل متبادل معقد جدّاً من العوامل الثيولوجية (العلمية الدينية) والاجتماعية والسياسية تعمل وتوجِّه بعض شباب الجامعات نحو التطرف. يقوم بعض الجدل الثيولوجي بتشويه تعاليم الإسلام لعكس صورة عالم منقسم إلى طرفي نقيض أساسيين، تعطى فيهما الأحداث الجيوسياسية القائمة معاني جديدة تتماشى مع طروحات عدائية بين الإسلام والغرب. وتخلق الحقائق الاجتماعية من حيث الاستثناء والفقر وعدم المساواة والبنية الأساسية المجتمعية الضعيفة والقيادة الضعيفة بنية يكون فيها للرسائل الراديكالية أسلوب بقاء أفضل مما يجب. أضف إلى ذلك التعقيدات السياسية، التي تضم على أقل تقدير دور الحكومات الغربية في التغاضي عن انعدام العدالة أو شن الحروب في دول من دون قضية عادلة، وعدداً من الشباب البريطاني المسلم الذي يشعر بالإحباط من الوقائع السياسية القائمة.

يعني ذلك بالنسبة إلى البعض أنه لم يعد هناك أمل في عملية شرعية. لذالك يجد عدد من هؤلاء الشباب أساليب غير قانونية للتعبير عن غضبهم، ثم يحاولون جعل ذلك شرعيّاً من خلال إيجاد عقيدة يأس خاصة بهم.

وإذا أخذنا في الاعتبار الطبيعة المعقدة جدّاً لهذه الصورة؛ فمن الصعوبة بمكان حتى أن نبدأ بالتفكير بما يفعله المرء لمجابهة ذلك. هناك صبر قليل، وهذا أمر مفهوم، للولوج إلى حل المشكلة ويبحث جذور أسباب الغضب والإحباط.

تدرك الحكومة البريطانية أن المعركة طويلة الأمد، وتنطوي على «الفوز بقلوب وعقول» المسلمين محليّاً وفي الخارج، وكذلك الإتيان بتغيير حقيقي في الأسلوب الذي يتم فيه التفكير بالسياسات الخارجية والمحلية وتطبيقها.

كما أدركت المجتمعات المسلمة أن وجود طرح ناضج بحق ومنفتح ومثير للتفكير في التطرف من الداخل يحتاج إلى الرعاية بشكل فاعل.

هناك مؤشرات على التقدم. عندما تم مؤخراً انتقاد العالِم المقيم في لندن، أسامة حسن، لمناقشته أن التطور التاريخي متناسق مع الإسلام (بما في ذلك تسلمه تهديداً بالقتل ومحاولة طرده من مركزه في المسجد)، خرج الآلاف للدفاع عنه في حملة على شبكة الإنترنت من أجل حرية التعبير. لم تكن القضية الحقيقية عن التطور التاريخي بحد ذاته، وإنما وجوب وجود ساحة لحوار مفتوح داخل الجالية المسلمة.

وبالمثل، يجب أن يكون هناك في الجامعات مساحة للحوار المفتوح لتحدي وجهات النظر المتطرفة. وحتى يتسنى لنا أن نكون منفتحين بشكل كامل، يجب أن يشرك الحوار وجهات النظر المتطرفة ومصادر القلق، حتى لو كانت النية مجابهة هذه الآراء بنشاط. لا يمكن إلا لحوار مفتوح عن الإحباطات والمخاوف بل وحتى الغضب الذي يشعر به الناس أن يولّد حواراً له معنى. فالقانون قد وضع الحدود للتسامح. ومن الأرجح أن يقع الطرح الذي يدافع عن الحقد أو يحث على العنف خارج تلك الحدود.

ومن الأساليب الإبداعية في التعامل مع بعض هذه الحوارات ما بدأه مشروع «Campusalam»، وهو مشروع يعمل داخل جامعات المملكة المتحدة، قرر تبني الكوميديا كأسلوب للحديث عن القضايا المتعلقة بتعليم الراديكالية والتطرف.

قام المشروع بتنظيم مناسبات كوميدية محضراً هزليين مسلمين إلى الجامعات لفتح حوارات بأسلوب خفيف مرتاح عن قضايا مثل الإرهاب ومواضيع أوسع كذلك مثل الهوية والحجاب، إلخ.

النقطة هنا هي أن هناك حاجة إلى المزيد من الحوار، وليس أقل داخل مجتمعنا.

نحن بحاجة إلى رعاية روح الحرية بدلاً من الحدودية. فعن طريق عيش القيم نفسها التي نشعر أنها مهددة، بدلاً من وضعها تحت ضغوط أكبر، سنربح معركة الأفكار

العدد 3185 - الجمعة 27 مايو 2011م الموافق 24 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً