إن من أبرز تجليات حقوق الإنسان هو حق الكرامة التي كفلها الله منذ وجد الإنسان حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً» (الإسراء: 70).
وتحت مفردة الكرامة تندرج كثير من الحقوق سواء الطبيعة، منها أو المدنية فحق العيش بكرامة مكفولة للإنسان منذ تكونه في بطن أمه، من الغذاء والمحافظة عليه، وقد جاء في المبدأ الثاني من إعلان حقوق الطفل الذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة 1386 (د-خ) المؤرخ في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1959 «يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وأن يمنح، بالتشريع وغيره من الوسائل، الفرص والتسهيلات اللازمة لإتاحة نموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نمواً طبيعياً سليماً في جو من الحرية والكرامة وتكون مصلحته العليا محل الاعتبار الأول في سن القوانين لهذه الغاية» وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة 217 (د-3) المؤرخ في 10 ديسمبر/ كانون الأول 1948 «يولد الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلاً وضميرًا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضًا بروح الإخاء».
وبعد والدته له حق التعلم، والاعتقاد بأي دين أو مذهب أو الانتماء إلى أي توجه سياسي، أو العمل وجميع الحقوق التي تضمن له العيش بكرامة وحرية، حتى حين موته فهناك عادات وتقاليد تستخدم للميت في المجتمعات التي تضمن حقوق الإنسان، ففي الشريعة الإسلامية هناك تغسيل الميت، والصلاة عليه تغطية جميع جسده ودفنه، وتختلف هذه العادات عند الديانات الأخرى لكن فحوى هذه العادات هي احترام حقه ميتاً كما هو حي.
وحق الكرامة لجميع خلق الله من البشر فلا يختلف أحد عن الآخر بسبب الدين أو العرق أو القومية أو اللون فالآيات السابقة قد خصت جميع بن آدم بحق الكرامة فلا يجوز لأحد إهانة أو سلب هذه الكرامة لأنها من الحقوق الطبيعة التي إلا يختلف عليها في جميع الأقطار المجتمعات وقد جاء في المادة الأولى من وثيقة حقوق الإنسان في الإسلام.
أ - البشر جميعاً أسرة واحدة جمعت بينهم العبودية لله والبنوة لآدم، وجميع الناس متساوون في أصل الكرامة الإنسانية وفي أصل التكليف والمسئولية من دون تمييز بينهم بسبب العرق أو اللون أو اللغة أو الإقليم أو الجنس أو الانتماء السياسي أو الوضع الاجتماعي أو غير ذلك من الاعتبارات.
ب - إن الخلق كلهم عبيد لله، وإن أحبهم إليه أنفعهم لعباده، وأنه لا فضل لأحد منهم على الآخر إلا بتقوى.
وفي المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «لكل إنسان حق التمتع بكل الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، من دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو إلي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع أخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.
للحق معانٍ كثيرة إلى جانب الواجب أبرزها الثبوت فقد جاء في لسان العرب: حق الأمر يحق ويحق حقا وحقوقاً: صار حقاً وثبت، وفي القرآن الكريم قوله تعالى «حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ» (الزمر71 ) أي وجبت وثبتت.
ومعنى الوجوب في لسان العرب: وجب الشيء يجب وجوباً إذا ثبت، ولزم. وفي الآية الكريمة «وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ» (يونس82) أي يثبته (الحاقة)أي النازلة الثابتة.
وفي الاصطلاح: شيء ثابت بالدليل والقانون يخص فرداً أو جماعة يحق لهم المطالبة به وعدم التنكر لأحقيته ولهم الحرية في التصرف به.
وجاء في كتاب «رجل السياسة دليل في الحكم الرشيد» لتوفيق السيف في الحقوق في الفكر القانوني المعاصر.
تعريف وسلي هوهفلد، يشير إلى أربعة معانٍ للحقوق هي الدعوى والحرية والسلطة والحصانة.
1.الدعوى: الحقوق هي منافع بالقوة، وليست - بالضرورة – منجزة أو فعلية.
2.الحرية: إذا كنت صاحب حق فأنت تستطيع التصرف ضمن حدود هذا الحق من دون استئذان من أحد.
3.السلطة: صاحب الحق له ولاية على كل ما هو موضوع للحق. واقرب المصاديق الفقهية إلى هذا المعنى هو مفهوم السلطنة.
4.الحصانة: إذا تصرف الإنسان فيما هو حق له، فليس عليه مؤاخذة أو عقاب.
وقسم عبدالكريم سروش معنى الحق إلى خمسة معانٍ؛ هي معنيان حقيقيان وهي الواقع والحقيقة التي تتطابق مع الواقع العيني والخارجي وكذلك تطلق على الإدراك المطابق للواقع. وثلاثة معانٍ اعتبارية وهي حق الإباحة والرخصة والذي مثل له بالسفر فعندما تقول إن الناس يملكون الحق في السفر فهذا يعني ألا مانع من سفرهم ولا يوجد رادع شرعي أو قانوني يمنعهم من السفر وهذا الحق يلازم التخير وحرية الإنسان في استخدامه.
والمعنى الثاني للحق قد أطلق عليه سروش بالمتعدي وهو الذي يرتبط بوجود الآخرين في الحركة الاجتماعية من قبيل حقوق الدولة على الأفراد وحقوق الدولة على الأفراد.
أما الحق الثالث وهو الذي أسماه الاستحقاق فعندما يعاقب أحد المجرمين على عمل مشين فيقال حينئذ هذه العقوبة حقك أو يثاب أحد على عمل جيد يقال له هذا حقك من الثواب. «السياسة والتدين»
1.الحقوق الطبيعية التي هي التي جاءت من عند الله، والذي يشترك فيها جميع الناس وهي قيم كونية عابرة للزمان والمكان ولا تختلف من مكان لآخر أو زمان دون زمان أخر كحق العيش والحياة الكريمة وحق التعليم وحق الحرية والتي تندرج تحتها حرية الدين والمعتقد وحرية التعبير عن الرأي بجميع وسائله، وحرية الانتماء إلى أي توجه سياسياً كان أو اجتماعياً، وحق الأمن والسلامة وهناك الكثير لكن شاهد الكلام هي هذه الحقوق مشتركة بين جميع الناس وفي أي موطن وأي زمان.
2.الحقوق المدنية: وهي التي يخلقها قانون البلد التي ينتمي بها، كحق المشاركة في صنع القرار وبناء الدولة.
ثمة ثقافة سائدة في كثير من المجتمعات وهي ثقافة نظام التكليف والتي تأتي في مقابل الحقوق، وإنها ليست جزءاً من حياتنا على جميع المستويات الاجتماعية والسياسية، فليست هناك برامج يتعرف الزوج أو الزوجة على حقوقهما الزوجية، والمواطن بعيداً كل البعد عن معرفة حقوقه أمام المسئول، والطالب لا يعي ما عليه وما له في المؤسسة التعليمية.
الحديث عن الحقوق لأن هناك تغيباً لهذه الثقافة من الحكام والمستبدين حيث أنهم لا يريدون من شعوبهم بعكس ما جاء عن الإمام علي عليه السلام حينما تولى الخلافة أوضح حقوق الرعية وحقهم عليه قال: «أيها الناس إن لي عليكم حقاً ولكم علي حق: فأما حقكم عليّ فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كيما تعلموا. وما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد والمغيب، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم». (الخطاب الإسلامي وحقوق الإنسان لحسن الصفار)
وأن شيوع هذه الثقافة بين الناس هي الطريق الواسع للكرامة ينبغي أن يتصفون بها لأن ما عليهم للآخرين لهم، يقول الإمام علي عليه السلام: «فالحق أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له. ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصاً لله سبحانه دون خلقه».
عيسى محمد العيد
وفي الحقيقة لقد حاولت علاج الطفلة التي تعاني من إعاقات متعددة في بعض المستشفيات والعيادات الخاصة فلم أفلح، حيث أشار الأطباء الى حاجتها إلى تخدير كامل وعملية، بينما ذكر أحد المستشفيات أنه لا يجري عمليات الأسنان للأطفال إلا في يوم واحد في الأسبوع.
وعلى رغم إعطاء الطفلة بعض المضادات الحيوية والحبوب المهدئة فإن الآلام استمرت معها فأخذتها إلى عيادة أخرى؛ فقال لي الطبيب إنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا ونصحني بأن أذهب إلى المستشفى الدولي.
وحينما ذهبت إلى المستشفى أعطاها طبيب الأسنان بعض الحبوب المسكنة وطلب أن أحضرها في اليوم التالي لإجراء العملية. وفعلاً أجريت لها العملية في اليوم التالي بعد تخديرها تخديرا كاملا وشارك في العملية ستة أطباء، وبعد العملية طلب الطبيب المسئول إبقاءها في المستشفى لمدة يوم إضافي. وقد نجحت العملية والحمدلله وزالت الآلام الشديدة عن ابنتي وعندما توجهت إلى دفع فاتورة العلاج التي توقعت ألا تقل عن ألف دينار قال لي الموظف إنها معفية من مصاريف العلاج لأنها معاقة ، فلا يسعني هنا إلا أن أعبر عن شكري الجزيل لمستشفى البحرين الدولي على علاج ابنتي وعلى مواقفه النبيلة تجاه المعوقين.
عبدالجليل عاشور المؤلف
والد المريضة تقى
أوجه ندائي الى المسئولين في الدولة، إذ إنني شاب بحريني حاصل على البكالوريوس ولدي عائلة وطفلة وملتزم بقروض. تبدأ قصتي بعد أن قررت الدراسة خارج البلاد، وحصلت على الشهادة وهذا بعدما قدمت استقالتي بسبب سفري الدائم ومنذ أن تخرجت في 2006 أصبحت جميع الأبواب مغلقة بالنسبة لي لا أعلم اذهب الى من؟ حيث تقدمت الى شركة مرموقة كبرى عدة مرات إلى أي وظيفة ولكن لم أحصل حتى على رد منهم، وقد حاولت مع وزارة العمل ولم احصل على وظيفة الى الآن، حتى انني قدمت في كثير من الشركات والوزارات الحكومية، فأرجو ممن يقرأ ندائي أن يساعدني في إيجاد وظيفة كريمة احفظ بها كرامتي.
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
أشاحت بوجهها حزينة... استدارت بهدوء وكل جوانب الخوف والوحشة تحيط بها...
كانت تطارد الحلم المستحيل... مع البعد الممدد أصبح القريب بعيداً.. تطارد سراباً في صحراء قاحلة ... في عالمٍ مظلم كالسجن القاسي بقضبانه يشل التفكير و يحبس الأمل الذي الى أين استكان وتلاشى؟!!
في عالم لا تُسمع همساتها إلا للشموع الليلية الباكية كقطرات دموع والدموع في عينيها تعاني المسيل وتشتكي من الظلمة المخيفة... تشتكي... تبوح... لمن؟!!
في ليلة تكدست فيها مرارة الانتظار على أضواء شموعها الليلية تودع كل شعاع للضياء الهارب وكأنها في ميدانٍ حاصرتها جيوش الأحزان... تتلقى السهام الصائبة في قلبها...
ليلة بعد ليلة... أطفأت الظلمة نور الشموع وأذابتها كثرة دموعها الباكية على حالها سجينة للظلمة... لم يبقَ أثر للنور في زواياها...
ماذا بعد هذا الانتظار القاتل؟!!
تهادت نظرات عينيها إلى النافذة الخشبية... حينما دقت نواقيس الذكرى أصداءً في فراغ زواياها تفتحها والخوف يمزق قلبها... آثرت البقاء في مكانها... تمقت ترسم في مخيلتها ضوءاً لقمر ساطع بنجومه ترمقه من نافذتها ويديها تشد متمسكة بقضبانها الحديد...
تبكي والدموع تتقاتل في العين والأهداب... تترجى وتتنهد بصوتها المتقطع المخنوق قائلة لا ترحل لتضيء عتمة سجني المظلم... فإني سئمت من طقوس الظلمة في هذه الغرفة...
دعنا ساهرين... و النجوم تحف بنا...
لحظات وتنكس وجهها خجلاً والصمت يعزف أنغامه على أوتار الليل الصاخبة الموجعة وفي أقصاها ألم وعذاب يخنق صوتها ويحبس أنفاسها...
صورتها بائسة والظلمة تحيط بها وهي تتمسك بقضبان النافذة بنظراتها المؤلمة والمتهالكة
وقفت طوال الليل في سجنها ومن نافذتها تتأمل ضوء القمر.
صالح ناصر طوق
العدد 3183 - الأربعاء 25 مايو 2011م الموافق 22 جمادى الآخرة 1432هـ