العدد 3182 - الثلثاء 24 مايو 2011م الموافق 21 جمادى الآخرة 1432هـ

«الصوت ثقيل»!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

غريب هو أمر النّاس، عندما يوافق كلامك توجّهاتهم، فإنّك تجد صوتهم حنوناً سخيّاً في مشاعر الطيبة، وعندما توجّه إصبعك لموقف لا يتّفق ووجهة نظرهم أو اتجاهاتهم، فإنّ الصوت يكون ثقيلاً ومتغيّراً، حتى أنّك تكاد تشك في صاحب الصوت، إن كان هو ذاته أم أحد غيره يجاوب عنه!

يُصبح الصوت ثقيلاً عندما يشعر أخوك بخطر، أو بذنب، أو بتأنيب ضمير، أو بغضب عن موقف معيّن، وأنت قد تعلم بأنّ هذا الصوت الثقيل ليس هو ذاته الصوت، ولكّنك قد تبلعها، لا لخوف اجتاحك أو ضيق في نفسك، وإنّما إن كنت مؤمناً بقضيّة أو بموقف معيّن. فلا الصوت الثقيل يؤثّر فيك، ولا صاحب الصوت يستطيع إقناعك بما تسمعه في ثنايا الحديث.

من العجب عندما تلاحظ بأنّ الصوت مفتاح بين طرفين، فأحدهما يتلقّى ما بين السطور، والآخر يحاول إخفاءه وعبثاً يحاول، وخاصة من تعوّد على الصوت الطيب الخفيف، فإنّ صوته الثقيل المتحشرج لا ينطبق عليه.

أنتَ رأسي يا صوت، وعن طريقك تتواصل الأمم وقد تهلك، فأهمّيتك في إقناعك وبساطتك، وليس في ثقلك وعلوّك في الأفق، إذ إنّ أكثر الأسود زئيراً هي أكثرها ضعفاً على الإطلاق.

تحدّثت إلى شخص عزيز لدي بالأمس، فوجدت صوته ثقيلاً تغيب عنه مشاعر الود التي كانت بيننا، ونستغرب من حال البشر الذي لا يرضى بأن تحاول تعديل خطأ كان في جناحه أو مؤسّسته، فيحاول إسكاتك عن طريق ذلك الصوت، وإن كان هذا الشخص ما زال عزيزاً علينا، فإنّنا نتمنى منه الاهتمام بما تطرّقنا إليه، وإن كان مُكرهاً، فقد تكون محاسبة النفس في الدنيا أفضل من محاسبة الله لها في الآخرة، وخاصة إن كان الكلام عن مظلوم ما، أو عن شخص تمّ طعنه بشتّى الاتهامات.

نحن نعلم علم اليقين الأسباب التي أدّت إلى ثقل الصوت، ولكن هيهات أن تنفع هذه الأسباب، إذا كان المرء من داخله أبيض ولا يرى إلا الحق والعدل، لأنّ هاتين الصفتين لا تتّفقان مع نبرة الصوت الجديدة لبعض الناس.

إن كنّا اختلفنا في فكر، فإننا نتفق في عقيدة ودين، وإن كان الكلام ثقيلاً فإنّ الصوت لم يكن سهلاً خفيفاً، ووجب عدم إثقال الصوت في وجه من يحبّك، فقد تخسره إلى الأبد، وقد تخسر فرداً يحاول تبصيرك إلى من اجتمع للإطاحة بك، فلا تبخس هذا الصوت حقّه، ولا تغلظّ قلبك، فلقد كان المصطفى (ص) سهلاً ليّناً مع أعدائه قبل أصحابه، وكما قال تعالى في كتابه الكريم: «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك» (آل عمران: 159).

قبل أن تتكلّم فكّر في نبرة صوتك حتى لا تخسر من حولك، واعلم بأنّ الإنس والجن لن يفيدوك عندما تلقى الله، وأن من تواضع لله رفعه وعلاّ شأنه، فهل تحاول مرّة أخرى التفكير في صوتك؟ أم إنّ ما تمّ ذكره ما هو إلا حشر كلمات لا تتساوى مع معاني ما تشعر به هذه الأيام! والعبرة في النهاية يا إخوتي الكرام

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3182 - الثلثاء 24 مايو 2011م الموافق 21 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً