يحتضن فضاء متحف القصبة وفضاءات أخرى بطنجة وتطوان بالمملكة المغربية خلال الفترة الممتدة بين 2 و 5 يونيو/حزيران 2011 الدورة السابعة من الندوة الدولية السنوية لفرقة البحث في المسرح التابعة إلى كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبدالمالك السعدي والمركز الدولي لدراسات الفرجة وباقي شركائهم تحت شعار «الوسائطية والفرجة المسرحية».
وتتميز هذه الدورة على غرار سابقاتها بحضور باحثين ومفكرين ومبدعين مختصين في دراسات الفرجة بعامة والوسائطية خصوصاً، والمنتمين إلى أكثر من 12 دولة من القارات الخمس. على رأس هؤلاء مديرة المعهد الدولي لتناسج ثقافات الفرجة بجامعة برلين الألمانية، المفكرة الألمانية إريكا فيشر، كابرييل براندسلتر وكريستل فايلر من الجامعة الحرة ببرلين، عميد النقد المسرحي بالمغرب، حسن المنيعي، عميد البحث بجامعة لندن ورئيس مجموعة الوسائطية والفرجة المسرحية بالفيدرالية الدولية للبحث المسرحي، أندي لافندر. وشخصية الدورة، مؤسس المسرح الإذاعي بالمغرب، أستاذ الأجيال عبدالله شقرون، والمؤلف المسرحي والمدير العام لمؤسسة بيان اليوم محمد قاوتي، والمدير الجهوي للثقافة بأغادير الباحث عز الدين بونيت، وثلة من فرسان البحث العلمي في مجال المسرح من العراق، مصر، الجزائر، فرنسا، إيطاليا، هولندا، ألمانيا، النمسا، البرازيل، كندا، أميركا، لبنان، سورية، وموريتانيا.
يذكر أن الممارسة المسرحية شهدت في العقود الأخيرة تغيرات عميقة نتيجة ظهور وسائل إعلام وتقنيات رقمية جديدة. فأصبحت تتحكم في إنتاج وتلقي العديد من العروض المسرحية المعاصرة دراماتورجيا بصرية ومؤثرات رقمية قلّما يمكن إخضاعها للنّص الدرامي، تضع الصيرورة الوسائطية اللغات الواصفة موضع تساؤل، كما تستلزم الدفع بالجمهور إلى اختبار هاوية التمثيل باستحضار وسيط معين ضمن وسيط آخر. وعلى رغم أن التراتبيات والاختلافات بين الحضور الحي والنسخة المسجلة (كالإحداثيات المكانية والزمنية، الفروقات بين الأصل والنسخة) هي متداخلة فيما بينها، فإنها تزحزح الافتراضات المسبقة حول الحضور والتمثيل؛ وتعمل على تغيير إدراك المتلقي. وهذا التحول في الإدراك لا يقلل من جودة الفرجة الحية، وإنما يؤكد - كما ترى الباحثة الألمانية إريكا فيشر - أن الأداء الحي والأداء ألوسائطي لا يختلفان كثيراً عن بعضهما البعض
إن تزايد الاهتمام النقدي بالوسائطية في المسرح المعاصر يسعى إلى تقصي أشكال تعاطي الفرجة المسرحية للمضاعفة. فمن المؤكد أن هذه الظاهرة؛ التي أصبحت خاصية مميزة لبنية التفكير؛ تتوزع خطابات عصر «ما بعد الحداثة» لدى الغرب، ومقابلها في الضفة الجنوبية «ما بعد الاستعمار»؛ إذ لم يعد العالم مجرد فضاء شاسع من العناصر المتنقلة/المتحركة؛ بل فضاء من «الذوات الانعكاسية» المستقبلة والحوارية في أبنيتها.
يقول منظمو الندوة: «إذا كنا سجلنا دخول بعض التجارب المسرحية العربية في هذه الدائرة التي وصفها هانس ليمان بـ (مسرح ما بعد الدراما)، والتي تتميز عموما بحوارية تقعيرية وانزياح متعمد للسيميوزيس المسرحي عن التسنين الخطي المعتاد، فإن ما تقوم عليه هذه التجارب يدفع إلى تأجيل القبض على المعنى، ذلك الذي لم يعد ينبثق من انتساب إلى مدلول موضوعي خارجَ مدار المسرح بقدر ما ينبني (كسيميوزيس) ضمن العلاقة الحرة الناشئة عن حلقة الأثر المرتد التي تؤطر علاقة المؤدين والمتفرجين داخل فضاء الفرجة ذاتها».
ألم يحن الوقت إذن للتحقيق في هذه الممارسات المسرحية التي أصبحت تغزو المسارح العربية المعاصرة؟
في هذا الاتجاه تسعى الندوة إلى تعميق التفكير في تواتر النصوص والفضاءات الوسائطية، ومختلف العلائق الوسائطية المتاحة بينها ضمن تفاعل الوسيط المسرحي المتسم بالحيوية والمباشرة مع تقنيات السينما والتلفزيون، والتقنيات الرقمية خصوصاً. سواء في ضوء النقاشات النظرية، أو ضمن مسارات التأمل الذي تخضع له أشكال الأداء والتقبل المسرحيين لهذه النصوص المفعمة بحيوية الوسائطي
العدد 3182 - الثلثاء 24 مايو 2011م الموافق 21 جمادى الآخرة 1432هـ