تعتبر الشبكات الاجتماعية الجديدة من أهم تطبيقات الويب 2.0، على رغم كونها سابقة له على المستوى الزمني، إذ يعود تاريخها إلى منتصف التسعينيات من القرن الماضي، عندما أطلق موقع Friend Finder في العام 1997، وتبعه موقع Match.com في 1998. ويؤرخ البعض للشبكات الحديثة بالعام 2002، عندما دشن موقع Friendster، على يد مصممه جوناثان أبرام (Johnathan Abrams).
وقد وضعت الكثير من التعريفات للشبكات الاجتماعية، لكن أكثرها شيوعاً هو أنها «مواقع تشكل مجتمعات إلكترونية ضخمة وتقدم مجموعة من الخدمات التي من شأنها تدعيم التواصل والتفاعل بين أعضاء الشبكة الاجتماعية من خلال الخدمات والوسائل المقدمة مثل التعارف والصداقة، المراسلة والمحادثة الفورية، وإنشاء مجموعات اهتمام وصفحات للأفراد والمؤسسات، المشاركة في الأحداث والمناسبات، باستخدام الوسائط المتعددة كالصور والفيديو، والبرمجيات».
هذه مقدمة لابد منها لفهم ظاهرة رافقت الأحداث الأخيرة وشاعت، حتى تحولت إلى ما يشبه حفلات الزار، لكنها قائمة على منصات إلكترونية، بدلاً من صالات الرقص التقليدية، حيث تجاوزت الرسائل القصيرة، وتلك التي على «التويتر»، والتي نشرت على «الفيسبوك»، حدود اللياقة الأخلاقية، وضربت عرض الحائط بالعقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقات بين أفراد المجتمع البحريني. فتسلمنا وقرأنا وشاهدنا ما تقشعر له الأبدان ويرفضه المنطق، حيث انتحلت، باستخدام أسماء مستعارة، شخصياتها لمكانتها الاجتماعية والسياسية، بمن فيهم مسئولون في الدولة، وقيلت على لسانهم عبارات بذيئة ونابية، كما جرى توجيه تهم لبعض الأفراد المحترمين، أدت إلى أن يُجرّوا إلى مراكز الشرطة، وغرف التحقيق. وتحولت محتويات تلك الشبكات إلى حملات مسعورة تسيء للمواطن، وتعرض سلامته الاجتماعية للخطر على أيدي أناس فقدوا إنسانيتهم، وتحولوا إلى ما يشبه المتحلقين في حفلات الزار الذين تزداد نشوتهم التي تطال قدرتهم على التحكم في سلوكهم، مع استمرار مشاركتهم في حفلات الزار تلك. تطور اليوم كل ذلك كي ينتقل من خيم الزار التقليدية، إلى تقنيات الاتصالات المعقدة.
لقد طفح الكيل، ولم يعد المواطن آمناً على عرضه، بل على مستقبله، إذ تكفي رسالة من أحد أعضاء فرق الزار الإلكترونية هذه، يرسلها عبر إحدى الشبكات الاجتماعية، كي تنتشر كالنار في الهشيم، وتصبح في ثوانٍ معدودات إلى ما يشبه الحقيقة الراسخة التي يصدقها الكثيرون ويبنوا مواقفهم من ذلك الشخص عليها. ولا يقتصر الأمر على العلاقة بين الأفراد، بل أصبحت أيضاً تمس علاقة الأفراد بمؤسسات الدولة، وفي المقدمة منها المؤسسات الأمنية، التي تحولت هي الأخرى إلى ضحية من ضحايا تلك الحملات الإلكترونية المسعورة.
نأمل أن تنتبه أجهزة الدولة كي تأخذ الإجراءات السليمة الكفيلة بإيقاف هذا الوباء الاجتماعي، على أن تتوخى الدولة أقصى درجات الحيطة والحذر عند قيامها بذلك، فليس المقصود هنا حظر استخدام هذه القنوات، أو قطع خدماتها، وهي ذات فوائد جمة، بقدر ما أردنا لفت النظر إلى ذلك الاستخدام السيئ لها، وهو ما ينبغي التصدي له وإيقافه، كي لا تتحول الشبكات الاجتماعية بفوائدها الغنية، إلى صالات تنطلق منها حملات الزار الإلكترونية المضرة
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3179 - السبت 21 مايو 2011م الموافق 18 جمادى الآخرة 1432هـ