يقال إن الماء هو إكسير الحياة والله سبحانه قال في محكم كتابه «وجعلنا من الماء كل شيء حي» (الأنبياء: 30). في الحقيقة، تعتبر قضايا المياه أحد التحديات المعروفة للدول العربية التي لا تمتلك مصادر طبيعية للمياه والتقارير الدولية الدورية تؤكد هذه الحقائق بصورة دائمة. أحد هذه التقارير التي تم إصدارها حديثا هو التقرير المدعم بأرقام ويتضمن مؤشر الإجهاد المائي في العام 2011 من قبل الشركة البريطانية المختصة بتحليل المخاطر (Maplecroft) مابليكروفت.
قبل الخوض في تفاصيل الموضوع من المهم تعريف «الإجهاد المائي». هذا المفهوم له تعريفان ويتم استخدام التعريفين لإصدار الخرائط الموضحة للإجهاد المائي في دول العالم. التعريف الأول يوضح كميات المياه المتوافرة في الطبيعة، وبالتالي تعطي صورة عن مصادر المياه المتاحة للاستخدام. التعريف الثاني يوضح توافر المياه للسكانن أي تصنيف الدول بحسب كمية المياه المتاحة للفرد سنويا والتعريف الثاني هو المستخدم من قبل الشركة البريطانية لتحليل معطياتها.
بلغة الأرقام تعتبر الدولة معرضة للإجهاد المائي حين ينخفض الإمداد المائي السنوي لما دون 1700 متر مكعب لاستهلاك الفرد سنوياً أما حين تكون الكمية بين 1000 و1700 متر مكعب فمن المتوقع حدوث نقص في إمداد المياه للمستهلكين، أما حين تنخفض كمية المياه لما دون 1000 متر مكعب فمن المتوقع مواجهة الدولة ما يعرف بظاهرة ندرة المياه. وبحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) فمن المتوقع بحلول العام 2025 أن يعاني 1.8 مليار من سكان الكرة الأرضية من مشكلة ندرة المياه بينما يعاني ثلثا سكان الأرضية من حالة إجهاد مائي.
وهذه الأرقام تدق جرس الإنذار للعديد من دول العالم فالماء هو الحياة. شركة مابلكروفت أصدرت لائحة بالدول المهددة وكانت دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (المعروفة بمنطقة «مينا») حصلت على المواقع 16 في أعلى الترتيب بالنسبة للدول المهددة. بالنسبة لترتيب الدول الخليجية فهي كالتالي: مملكة البحرين (1)، دولة قطر (2)، دولة الكويت (3)، المملكة العربية السعودية (4)، سلطنة عمان (14)، دولة الإمارات العربية المتحدة (19). وهذا الترتيب مقلق بالنسبة لحكومات الدول الخليجية، فالنقص في إمدادات المياه سيؤدي - بحسب الشركة البريطانية - إلى إعاقة التنمية الاقتصادية وخلق اضطرابات اجتماعية، فتضاؤل الموارد المتوافرة سيؤدي الى ارتفاع الأسعار وينتج عنه نقص وصول المياه الى السكان.
أما أسباب حصول الدول الشرق أوسطية على هذه المرتبات العالية فوجدت أن السبب الرئيسي هو الانفجار السكاني فقد ازداد عدد السكان من 127 مليوناً في العام 1970 الى 305 في العام 2005 أي ضعفان ونصف الضعف خلال 35 سنة، ما يستدعي مزيداً من الإمدادات المائية. لكن من أين يأتي الماء الصحي لمستلزمات الحياة؟
استثمرت الدول الخليجية المليارات من الدولارات في إقامة محطات التحلية المكلفة لمواجهة مشكلة نقص المياه وقامت باستيراد المنتجات الزراعية من الخارج لسد الاحتياجات الغذائية لكن بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً أدى الى التفكير في طرق جديدة لتوفير النقص. أحد الحلول التي يتم الاستثمار فيه هو شراء أوإيجار مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في الدول الآسيوية أو الإفريقية وقد نجحت الدول الخليجية جزئيا في هذا الاستثمار الطويل المدى
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 3178 - الجمعة 20 مايو 2011م الموافق 17 جمادى الآخرة 1432هـ