ليس هناك من لا يقدر الوضع الحرج الذي وجد النواب السبعة من كتلة «الوفاق»، ومن ورائهم الجمعية، أنفسهم فيه، فمن جهة يصعب عليهم سحب الاستقالة التي كانت جزءاً من تلك الاستقالة الجماعية التي شملت 18 نائباً وفاقياً، أصروا على الانسحاب من المجلس النيابي، فقبلت استقالة 11 منهم، ولحقها أمس قبول استقالة البقية الباقية من الكتلة الوفاقية، ومن جهة ثانية كان إصرارهم على الاستقالة، وقبول المجلس بها (وهو ما تم)، استئصالاً للوجود الوفاقي من المجلس، وبتراً لمشاركتهم في مؤسسة كانوا حتى فترة قريبة يشكلون الكتلة الأكبر حجماً فيها.
عكست الحوارات التي دارت في المجلس بعض أجزاء من المشهد السياسي الذي يسود البحرين اليوم، ففي دعوة رئيس المجلس خليفة الظهراني النواب الوفاقيين إلى إعادة النظر في طلبهم مؤشر قوي على رغبة السلطة في عدم خلو المجلس النيابي من «نكهة وفاقية» تضيف مسحة معارضة له، في حين جاء تشدد الكتل النيابية، وإجماعها على قبول الاستقالة، تجسيداً لمحاولة الكتل الأخرى تجريد «الوفاق» من تربعها على كرسي الأغلبية في المجلس لدورتين متتاليتين، وتأكيداً لأهمية حضورها فيه.
الحالة اليوم، تضع الوفاق، وليس المجلس أمام مفترق طرق جميعها وعرة. فالانسحاب ربما يهز من مكانة الوفاق السياسية التي اكتسبتها على امتداد الدورتين المتتاليتين (2006 - 2010)، فمهما يكن من علاقة الوفاق بجماهيرها، تبقى للمجلس أهميته الخاصة، ومكانته المميزة في تعزيز العلاقة بين الوفاق وتلك الجماهير. من جانب آخر لم يكن بوسع الوفاق التراجع عن الاستقالة، لأنه تم قبول استقالة 11 نائباً في مرحلة مبكرة، ويصعب تقسيم القرار، لأنه قد يؤثر سلباً على الجسم التنظيمي الوفاقي بشكل عام.
بعيداً عن هذا وذاك، يبقى هناك خيار ثالث، وهو عودة الوفاق للبرلمان من «نافذة» الانتخابات التكميلية، وهي خطوة جريئة ربما تقدم عليها الوفاق لتحقيق هدفين: الأول هو جس شعبيتها بعد كل التطورات التي عرفتها البحرين جراء الأحداث الأخيرة، والتي أدت فيما أدت إليه، إلى إعادة خلط الأوراق، بما فيها أوراق الوفاق، في الشارع السياسي، ففي حال نجاح مرشحي الوفاق وكسبهم المعركة، يؤكد ذلك استمرار شعبية الوفاق، واستعادة ثقتها بجمهورها وبنفسها على حد سواء. الثاني، وهو في حال عدم وصول المرشحين «الوفاقيين» إلى قبة البرلمان، ففي ذلك تنبيه لها كي تعيد النظر في خطها السياسي، ومن ثم علاقاتها بجماهيرها.
من هنا ربما يكون الخيار الأفضل أمام الوفاق، على رغم صعوبته وتعقيداته، أن تخوض الانتخابات التكميلية، كي تستطيع أن تستخدم الانتخابات كترمومتر سياسي تقيس به علاقتها بشارعها السياسي
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3175 - الثلثاء 17 مايو 2011م الموافق 14 جمادى الآخرة 1432هـ