شهدت جلسة مجلس النواب في آخر جلساته في الدور الأول من الفصل التشريعي الثالث تمرير تقارير الرقابة المالية والحساب الختامي وسط انتقادات بعد أن كانت مناقشات تلك التقارير تنتهي عادة في الفصل التشريعي الثاني لخلافات حادة بين النواب والحكومة بشأن المخالفات وتؤدي لرفض «النواب» للحساب الختامي لغياب مصروفات أو إيرادات.
ومرر المجلس تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية بشأن الحساب الختامي الموحد للدولة للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2005م وتقرير أداء تنفيذ الموازنة للسنة المالية 2005، الذي أعدته وزارة المالية بعد اعتماد ديوان الرقابة المالية لبيانات الحساب الختامي للدولة للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2005.
كما وافق على تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية بشأن الحساب الختامي الموحد للدولة للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2009 وتقرير أداء تنفيذ الموازنة العامة للسنة المالية 2009، الذي أعدته وزارة المالية.
واستغربت النائب لطيفة القعود أن «التقرير يصدر بهذه السرعة من دون الالتقاء بأي من الجهات المخالفة والتي عليها ملاحظات في التقرير، وكان من المفترض باللجنة أن تجتمع مع هذه الجهات، والوقوف معها على أين وصلت بشأن هذه المخالفات»، وتابعت «حتى بعد ذلك تأتي اللجنة برأيها من خلال الاستماع للطرفين لا طرف واحد، وإلا سيكون التقرير نسخة من تقرير ديوان الرقابة المالية».
في الوقت نفسه وافق المجلس على تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية بشأن تقرير ديوان الرقابة المالية للسنة المالية 2005.
واعتبر النائب عبدالحميد المير أن «حث الحكومة لا يكفي، وإنما يجب فرض أو إلزام الحكومة بشأن ما ورد في التقرير، لأنه على رغم الحث في كل سنة يخالفون».
وتساءل رئيس كتلة المنبر الوطني الإسلامي النائب علي أحمد عن «الآلية الحكومية في متابعة ومعالجة المخالفات المتكررة لبعض الجهات الحكومية وشبه الحكومية والهيئات والشركات التابعة للحكومة»، وأضاف «لا أعتقد أن تبعية ديوان الرقابة لجلالة الملك لكي يكون ديكور وفي كل عام تعرض المخالفات، والحكومة تعد بالأخذ بالملاحظات، ولكنها في كل مرة تتكرر هذه المخالفات».
ونبه النائب خميس الرميحي إلى أنه «يجب على الحكومة أن تحيل كل من تحوم حوله شبهات فساد بحسب ما جاء في تقرير ديوان الرقابة المالية للنيابة العامة، لأن هناك تجاوزات كثيرة ولم نسمع في يوم من الأيام أنه تم اتخاذ إجراء بهذا الشأن».
ونوهت النائب لطيفة القعود إلى أن «تقرير ديوان الرقابة المالية أُعد بمهنية جيدة جدا ولا غبار على الطريقة التي اتبع بها إعداد التقرير، وهناك المئات من التوصيات الواردة في التقرير»، واعتبرت أنه «لا توجد آليات متابعة للوقوف على ما تم تنفيذه في التوصيات الواردة في تقرير ديوان الرقابة، إلا من خلال اجتماع اللجنة مع الجهات التي وردت عليها ملاحظات، لأن هناك بعض الملاحظات كبيرة»، وبينت أن «ديوان الرقابة المالية يقول إن هناك مخالفات دستورية، وبالتالي أرى أن يقوم رئيس اللجنة بسحب التقرير، من أجل أن ندرس مع الجهات المخالفة للدستور».
وأوضح وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة أن «هذه النقاط نتسلمها دائماً منكم ونتدارسها داخل الوزارة، والحكومة تنظر فيها، وهناك اهتمام كبير لما يصدر عن مجلسكم من رأي»، وتابع «في الفترة الماضية هناك تطور كبير في الجانب الرقابي، واللجان التي شكلتموها نتفاعل معها، وهذه التقارير تأخذها الإدارة المختصة وتقارنها بما يجري على الأرض وترفع تقارير بشأنها»، وواصل «ونرى إذا ما كان بالإمكان تنفيذها من عدمها، والحكومة على مدى الأدوار الماضية تجاوبت معكم في كثير من الملاحظات، وبمقارنة تقرير الرقابة اليوم بما كان عليه في السابق، هناك فرق كبير»، واعتبر أن «الحكومة تنظر في تطوير الرقابة الداخلية وتحسينها، وهناك كثير من القرارات التي تعاملنا معها من مجلسكم، ووجودي على رغم أن تقريري 2005 و2009 سيتخذ بشأنهما مجرد قرار إجرائي، إلا أن هذا دليل على اهتمامي برأيكم».
وفي الجلسة ذاتها مرر مجلس النواب تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية حول تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية السنوي للسنة المالية 2009.
وأفاد مقرر اللجنة مراد أن «الوزير قال إنه يتابع ويصحح الأوضاع، وهناك مخالفات تتكرر من العام 2004 وحتى اليوم، وزيرة الثقافة تهدر 3.3 ملايين دينار بحريني في ليلة واحدة، وتقوم بتوظيف غير صحيح من دون الرجوع إلى ديوان الخدمة المدنية»، وتابع «صندوق العمل (تمكين) يفتقر إلى خطة واضحة، كما أن هناك مخالفة مستمرة لقانون المناقصات، واستمرار هدر المال العام بشراء أعوام إضافية»، ونوه إلى أنه «يمكن العودة للتقرير لتروا الجهات التي قامت بشراء سنوات افتراضية للموظفين، والحكومة تتعذر بعدم زيادة المتقاعدين لوجود عجز اكتواري»، ونبه إلى أنه «لايتم شغل وظيفة التدقيق الداخلي لسبع جهات حكومية، وكيف الوزير يقول إنه تتم متابعة الملاحظات؟»، ولفت إلى أن «العمل الإداري يتطور في عدد من الجهات، ونقول للوزير تكرار هذه المخالفات لا يليق بعملنا كسلطتين تنفيذية أو تشريعية، وأبسط شيء أن تكون هناك رقابة داخلية».
ورد رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية النائب عثمان شريف بالقول إن «مهمة اللجنة المالية تتركز في قراءة وتحليل الأرقام والبيانات الواردة ضمن تقرير ديوان الرقابة، وتقرير ديوان الرقابة فيه الكثير من الأمور والموضوعات التي تم رصدها وتدوينها»، وأشار إلى أنه «من خلال طرح رأي اللجنة، هناك ملاحظات كثيرة، وفي آخر توصية تمت دعوة رئيس ديوان الرقابة المالية لحضور جلسة النواب أثناء مناقشة التقرير، والنواب لديهم الكثير من التساؤلات بشأن التقرير».
وأفاد النائب عبدالله بن حويل أن «الجهات الحكومية تتأخر في تزويد حساباتها المدققة لوزارة المالية، وهناك 24 جهة من أصل 53 تأخرت، وهذا يعني أن نصف الوزارات والجهات الحكومية لم تلتزم بالمواعيد المحددة»، وتساءل «وما هي الإجراءات التي اتخذت بحق هذه الجهات؟ لأن عدم الالتزام يعني تعطيل الرقابة على هذه الحسابات».
وقال النائب علي أحمد إن «الدستور دعا للتعاون بين مجلس النواب والسلطة التنفيذية، ولا نريد أن نعكر الصفو بين مجلس النواب والسلطة التنفيذية، ولكن ماذا نفعل إذا كانت هناك مخالفات مالية وإدارية أكثر من مرة؟»، وتابع «الكثير من ممثلي الحكومة يتهموننا بتعكير صفو الأجواء، وأن الوضع المالي سيتأثر، ووضع لجان التحقيق سيؤدي إلى انخفاض مقياس البحرين أكثر وأكثر. وبشأن المناقصات، ذكرنا من قبل عن مناقصات بعشرة آلاف دينار يتم تجزئتها، ومن بينها مناقصة تغيير الأبواب لبيوت يسكنها مديرو شركة»، وشدد على أن «الحكومة تغض الطرف وتحذر من اهتزاز الوضع الاقتصادي في البحرين، ولكن ماذا نفعل؟، وهل يعقل 90 مليوناً يديرها 14 موظفاً؟، ولا نعرف هذه المشروعات لمن؟، وليتها تصب في برامج تخدم البحرين، وهذه مخالفة لصندوق العمل»، مطالباً بـ «ضرورة إعادة النظر في استمرارية شركة حلبة البحرين الدولية، وهذه إساءة لسمعة البحرين لأنها فلوس تهدر على الفاضي، صكوها وفكونا العبالة».
أبدى النائب عبدالحميد المير اعتراضه على تخصيص «13 مليون دينار لبناء مسرح من قبل وزارة الثقافة لجلب السياحة، إذا كانت النية جلب السياحة»، وتابع «ولكن كان يمكن توزيع هذا المبلغ بدلاً من تخصيصه لمسرح واحد فقط لجذب السياحة، مع العلم أن المسرح السابق كانت كلفته 800 ألف دينار»، مقترحاً «عدم نقل الوزير الذي يخطئ إلى وزارة أخرى، وما نراه مجرد عينات من الأقسام والوزارات، لأن عدد موظفي ديوان الرقابة قليل، ويجب زيادة عدد موظفي الديوان، نريد التشديد على تنفيذ توصيات ديوان الرقابة، لو نفذ ذلك لما احتجنا للاقتراض وزيادة الدين العام».
ونبه وزير شئون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل إلى أن «هذا ليس أول تقرير ديوان رقابة نناقشه، ورئيس ديوان الرقابة من المفترض أن يحضر، ولكن الدعوة توجه له من المجلس لا الحكومة»، مشيرا إلى أن «مبدأ التعاون بين الحكومة والمجلس أساسي ولن نغيره، والتعامل مع تقارير ديوان الرقابة تدرس في مجلس الوزراء وهناك لجنة شئون مالية واقتصادية تدرس كل توصيات ديوان الرقابة المالية لتلافي كل المخالفات إن وجدت، وهناك إجراءات تتبع»، وتابع «أنا لم أقل إنه لا توجد مبالغ للمتقاعدين، وإنما أشرت في وقت سابق أن إعطاء مميزات للمتقاعدين سيؤثر على هيئة التأمين الاجتماعي»، وواصل «يجب أن أذكّر المجلس أنه في الفصل التشريعي الثاني كانت هناك استفسارات وأسئلة للوزراء المعنيين على كل الوزراء المعنيين، وكل موضوع من الموضوعات التي ذُكرت، الديوان حين سأل كان هناك جواب من الوزارة في هذا الشأن».
واعتبر النائب عيسى القاضي أن «لا نتائج حقيقية أو ملموسة على أثر التقارير، مايكرويف بـ4 آلاف دينار، وتم في الفصل التشريعي السابق استجواب وزيرين أثبت المجلس تورطهما، فأين نتيجة ذلك؟»، وبين أن «جلالة الملك أراد من إنشاء الديوان الوقوف على المخالفات، وعلى رأسهم الوزراء الذين كان يجب أن يكونوا قدوة، لماذا وُجِد الديوان؟»، وتابع «يجب أن يتم أخذ الموضوع بجدية، وأن تشكل لجنة لمحاسبة من تورط في المخالفات الإدارية».واستغرب النائب محمد العمادي «وجود مخالفات دستورية وقانونية لا تتخذ بشأنها إجراءات، فيما يتعلق بتخويل إدامة للاحتفاظ بالإيجارات بالكامل مقابل أتعابها الإدارية، وعدم إدراجها في الموازنة، وهذه الشركة من المفترض أن تدخل لنا فلوساً في الموازنة، وهذه مخالفة دستورية كبيرة، وهناك مخالفات قانونية كبيرة»، ونبه إلى أن «وزارة الخارجية تجاوزات الموازنة، والداخلية لم تلتزم بقانون المناقصات، والمجالس البلدية تجاوزت الموازنات».
وقالت النائب لطيفة القعود إن «صندوق العمل لديه نحو 90 مليون دينار، تستقطع من القطاع الخاص، ويراد بها رفع كفاءة إنتاجية القطاع الخاص، أين تذهب هذه الأموال؟»، وتابعت «هناك محاباة لبعض الشركات في قطاع الإنشاء الذي ذهبت إليه الأموال، على رغم أنه ليس القطاع المستهدف في الاستراتيجية، من يراقب مثل هذه الأمور؟»، وتساءلت «هل هناك مدقق خارجي يدقق على أداء هذه الجهة؟، هناك الفساد، وبالتالي عدم ترك مثل هذا الجهاز أن يتلاعب في توظيف الأموال بالصورة التي يرونها»، وواصلت «كذلك الدورات التي قُدمت ليست بالمستوى المطلوب، ومخرجاتها ليست جيدة، فقط عدد من الدورات لكي يعموا بها الناس، نحن مع المشروع، هذا شيء جيد، ولكن إدارته رديئة، والرواتب كأنهم أتوا بها من كوكب آخر»، واستكملت «تكررت عدم وجود مدقق داخلي في عدد من الوزارات، واليوم نجد أن الوزارات نفسها يتكرر اسمها، ومن يحالسب ومن يريد أن يعدل فعلا، عليه أن يوظف مدققين داخليين».
المالكي يطالب بالتحقيق في مبنى تابع لـ «التنمية»
طالب النائب عدنان المالكي بتشكيل لجنة للتحقيق في وزارة التنمية الاجتماعية بالإضافة إلى مشروع البيوت الآيلة للسقوط التابع لوزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني. ونوه إلى أن لديه «قضية على وزارة التنمية الاجتماعية التي أخذت مبنى والوزيرة أنكرته، وقيمته 1.2 مليون دينار، ولم يتطرق إليه تقرير ديوان الرقابة، فأين الديوان عن هذا الفساد؟»، وتساءل «هل هذه واسطات؟، نريد توضيحاً كاملاً، اليوم المواطن يتساءل، حتى الآن لم يتم السكن في هذا المبنى»، وقال: «لدي مستندات تثبت أنها لا تستحق إعادة بناء بيتها، لأنها تملك عقارين، نطالب في دور الانعقاد الثاني أن تكثر لجان التحقيق حتى يعرف كل وزير حدوده».وذكر النائب علي زايد أن «هناك مخالفات متكررة في الوزارات، والشعب يطالبنا بتفعيل أدواتنا الرقابية، نريد دورا بارزا للحكومة، ولابد ان يكون هناك دور رقابي، ونريد تحقيقا فعليا في المخالفات»، واعتبر أن «هيئة الإذاعة والتلفزيون فيها مخالفات جسيمة، ومن بينها قيام الهيئة بتعيين بحرينيين وبرواتب تصل إلى 9 آلاف دينار، وسنقدم سيرتنا الذاتية للعمل هناك»، مطالباً الحكومة بـ «بالإعلان عن اتخاذها إجراءات تجاه المسئولين المخالفين». وطالب النائب عادل العسومي مجلس النواب باتخاذ الإجراءات بحسب الأدوات المتوافرة لديها بدلاً من التعويل على السلطة التنفيذية فقط، وبين أن «التقرير فيه ما لذ وطاب من أصناف المخالفات، الأمور طيبة عندهم، وللأسف أن بعض الوزراء يزعلون من النقد، ودورنا في هذا المجلس المحاسبة وانتقاد الأخطاء، والوزراء (الحساسين) ليروا (بلاويهم) في تقرير ديوان الرقابة»، وقال «يجب أن نستخدم صلاحياتنا كنواب، وهي أمر ليس بالشيء السهل، ونتحدث عن تمكين، قلت إن هذه أعز الأموال لأنها من أموال الشعب»، ونبه إلى أنه «لم يحاسبهم أحد في الحكومة، فلماذا نعطي الأموال إلى أناس لا يستحقون؟، أي وزير يعتقد أنه فوق النقد عليه أن يستقيل ويجلس في بيته».
تعيينات في الجهاز الإداري
في «احتياطي الأجيال»
وكشف وزير المالية عن أن «عملية التوظيف في الجهاز الإداري لصندوق احتياطي الأجيال ستبدأ قريبا، ولكن هناك فريق يتابع إدارة الأموال، وإدارة هذه الأموال ستكون بتحفظ شديد، ولكن لن نغامر فيها».
ورد وزير المالية على الملاحظات بشأن إدامة، وبين أن «إيجارات إدامة، حين سمعنا ملاحظة ديوان الرقابة اتخذنا إجراء بهذا الشأن، الشركة مملوكة للحكومة، وبالتالي الأموال لم تكن معرضة للخطر أو الضياع، لكن بعد استماعنا لملاحظة ديوان الرقابة، لدينا أشهر لندرس الموضوع ونرد على الديوان من وجهة نظرنا، أحيانا يستمع لها وأحيانا ينشرها من دون أن يسمع لنا، لم تكن أموال الحكومة معرضة للخطر في أي وقت من الأوقات»
العدد 3175 - الثلثاء 17 مايو 2011م الموافق 14 جمادى الآخرة 1432هـ