لأول مرة نكتشف أن اسم سوزان مبارك الأصلي هو سوزان ثابت، وذلك بعد نشر خبر ترحيلها الجمعة الماضي إلى سجن القناطر، بعد اتهامها بالكسب غير المشروع!
الخبر كان صاعقةً، حتى صاحبة الشأن لم تتوقع أن تبلغ الجرأة برجال قسم الكسب غير المشروع، أن يقرّروا حبسها. فقبل شهرين كان أيٌ من هؤلاء الموظفين يحلم بأن تتفضل عليه بإلقاء نظرة عابرة.
الصحافة المصرية اهتمت أمس (السبت) بتغطية الخبر، ولأول مرة تكتب اسمها مقترناً باسم أبيها صالح ثابت، بعدما اقترن ثلاثين عاماً باسم زوجها حسني مبارك. حتى ألقاب زوجها تغيّرت إلى الرئيس السابق، والمخلوع، والمسجون، بعد تلك الألقاب التي أنعم بها عليه الإعلام الرسمي والصحافة الرخيصة، وأشهرها «نسر الحرب الجوية» و «بطل الضربة الأولى» والأخيرة!
سوزان، وُلِدت في 28 فبراير/ شباط 1934، وبرز نجمها بعد تعيين زوجها رئيساً، حيث ورثت لقب «السيدة الأولى» من جيهان السادات، وسارت على نهجها حذو القذة بالقذة! فترأست «اللجنة القومية للمرأة المصرية»، وتولّت رئاسة «المركز القومي للطفولة والأمومة». وساهمت في تأسيس «جمعية الرعاية المتكاملة»، ورأست «جمعية الهلال الأحمر المصري». وفي السنوات الأخيرة تولت منصب رئيس «المؤتمر القومي للمرأة». المناصب الكثيرة مهمة، فهي أكبر دليل على الجهود الجبارة التي تبذلها من أجل نهضة مصر، وإيصالها إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى، المتقدمة تكنولوجياً، والمزدهرة اقتصادياً، والراسخة ديمقراطياً.
الثقافة كانت لها نصيبٌ أيضاً من جهود سوزان مبارك المباركة، فقد كان الهم الثقافي يشغلها ليل نهار، فدشّنت «مهرجان القراءة للجميع»، باعتبارها راعيةً للثقافة. وأطلقت من خلاله مشروع «مكتبة الأسرة»، بهدف طبع كتب علمية وأدبية بأسعار زهيدة، في الوقت الذي تزايدت نسبة الأمية في عهد زوجها إلى ثلاثين في المئة!
البعض يذهب إلى القول بأنها كانت تتمتع بنفوذ كبير، حتى على مستوى تعيين بعض الوزراء والوزيرات، إلا أن الأهم ما تكشفت عنه الأسابيع الأخيرة، من تهم بالاختلاسات وتكوين الثروات الكبيرة، في بلد يرزح نصف سكانه تحت خط الفقر. وقبل يومين، قرر «مساعد وزير العدل لشئون جهاز الكسب غير المشروع» حبسها 15 يوماً، بتهمة تحقيق ثراء غير مشروع، مستغلةً موقع زوجها، وهو ما أفقدها وعيها فاستُدعِيَت سيارة (أمبلوس) بسرعة لإسعافها.
الصحف الغربية نشرت قبل أسبوعين تقارير تضمنت مجموع الثروات التي استطاعت تحصيلها مع زوجها وولديها علاء وجمال، خلال الثلاثين عاماً الماضية، وتراوحت بين 40 و70 مليار دولار، بين أموال سائلة وجامدة وغازية! فالجميع كان منهمكاً في تنفيذ المشاريع التي تؤدي إلى تطوير مصر، والنهوض بها اقتصادياً وعلمياً وثقافياً وديمقراطياً. وبالأرقام، كان معدل تراكم الثروة كبيراً ومذهلاً، إذ يتراوح بين مليار و300 مليون دولار سنوياً، ومليارين. ولذلك كتبت إحدى الفنانات المصريات عند سقوط مبارك، على صفحتها الخاصة بالفيسبوك: «70 مليار مبروك».
كانت سيدة مصر الأولى ثلاثين عاماً، تصدّرت أخبارها المانشيتات وصورتها مئات الكتب، ووضع اسمها على الكثير من المدارس والمؤسسات. إنها حلقةٌ أخرى من التاريخ الفارغ، فقبلها بسبعة قرون، حين قُتلت شجرة الدر بالقباقيب في أحد قصور مصر، كتب عنها ابن تغري بردي: «كانت رئيسة عظيمة في النفوس، لها مآثر وأوقاف في وجوه البر»!
ثروةٌ بالمليارات، وإعلامٌ لزجٌ وبلطجيةٌ وموقعة جمل شاهدها الملايين في الفضائيات. وجلّ الله في علاه: «واضرب لهم مثلَ الحياةِ الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماءِ فاختلط به نباتُ الأرضِ فأصبح هشيماً تذروه الرياحُ وكان اللهُ على كل شيءٍ مقتدراً» (الكهف:45)
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3172 - السبت 14 مايو 2011م الموافق 11 جمادى الآخرة 1432هـ