العدد 3172 - السبت 14 مايو 2011م الموافق 11 جمادى الآخرة 1432هـ

الإصلاح السياسي الشامل

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الكثير من الحالات، وعندما يحاول البعض منا تقويم مرحلة معينة من تاريخ شعب معين، من أجل تشخيص ما هو المطلوب للقيام بإصلاح سياسي شامل، نجد الحديث يأخذ منحى واحداً فقط، إذ تنصبّ المآخذ في جلها على السلطة ومؤسساتها، والدولة وإدارتها. ولاينسى الكثير منا، وهم في غمرة تشريح جسم السلطة، وتسليط الضوء على عيوبها، أن يبرز مفاتن المعارضة، ويثني على محاسنها، والتركيز على إنجازاتها. في مثل هذا المدخل الكثير من التجني على السلطة والكثير من المحاباة للمعارضة أيضاً. فالمطلوب هنا، ولكي يكتسب التحليل موضوعيته، ويتمتع التقويم بالعلمية التي يحتاجها، أن يقاس الطرفان (السلطة والمعارضة) بمقياس واحد، كي تأتي النتائج صحيحة والحلول ناجحة.

نأخذ على سبيل المثال مسألة التأكيد على شبابية السلطة من خلال يفاعة أعمار المسئولين فيها. هذا المطلب غالباً ما تتناساه المعارضة عندما تقوِّم نفسها، فهي لو نظرت إلى نفسها في المرآة، وبشكل موضوعي متجرد من المحاباة، فربما تكتشف أنها أكثر شيخوخة من السلطة، وأن قياديّيها أمضوا أعواماً أكثر في مناصبهم من نظرائهم ممن هم في السلطة.

هناك أيضاً دعوات الالتزام بالديمقراطية التي تسيّر الاثنتين (السلطة والمعارضة)، فبينما تحارب المعارضة السلطة لعدم تقيّدها بآليات الديمقراطية، وتتهمها بمصادرة حق المواطن في ممارسة حقوقه الديمقراطية، كما تبيحها له دساتير وقوانين المجتمعات المتقدمة، نجد المعارضة ذاتها تصادر، بوعي أو من دون وعي، من أعضائها حق ممارسة حقوقهم الديمقراطية داخل مؤسساتها الحزبية، دع عنك منظماتها الجماهيرية الملتصقة بها، أو منظمات المجتمع المدني التي تسيطر على مجالس إداراتها.

نتوقف أيضاً عند التعصب الطائفي، أو التخندق المذهبي، فبينما تهاجم المعارضة السلطة بإدانتها بتحيزها الطائفي الذي يصادر من المواطن حقوق مواطنته، نجدها بشكل فاضح تبني جسمها الأساسي على قيم ذلك التعصب أو التخندق، الأمر الذي يحوّلها من منظمة وطنية واسعة إلى غيتو طائفي ضيّق، يحاصر نفسه من الداخل، ويحجب عن نفسه حقه في الانصهار في البوتقة الوطنية التي تبيح له بناء نفسه على أسس وطنية تهيّئه لقيادة قطاعات واسعة بعيدة عن النزق الطائفي، أو ضيق الأفق المذهبي، في صفوف الطائفة الواحدة.

ليس القصد من ذلك تبرئة السلطة أو إخلاء ذمتها، فمنطق الأمور يضع على عاتقها المسئولية الكبرى المنوطة بها على المستوى الوطني العام، لكن ما نود الإشارة إليه هنا هو التحذير من الكيل بمكيالين، فغالباً ما تكون المحصلة استمراء التبرير لهفواتنا، واستحلاء صب جام غضبنا على السلطة، والمحصلة النهائية لهذه الذهنية سلطة تدافع عن نفسها، ومعارضة تخفي عوراتها، ومجتمع ضائع بينهما غير قادر على التطور، ولا يحمل مقومات النمو، التي لا تتم في غياب نظرة صائبة لمفهوم الإصلاح السياسي الشامل

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3172 - السبت 14 مايو 2011م الموافق 11 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً