العدد 3172 - السبت 14 مايو 2011م الموافق 11 جمادى الآخرة 1432هـ

اشتقاق أسماء لأسماك محلية بحسب صفات جسدية أو سلوكية (2)

سنواصل في هذا الفصل ما بدأناه في الفصل السابق، وسنذكر هنا عدداً من أسماء الأسماك المحلية التي اشتقت لها بسبب صفة جسدية أو سلوكية.

اللزاق Remoras

اللزاگ أو اللزاق هو الاسم العامي الخليجي لنوع من الأسماك يلتصق بسمك القرش أو الشفانين (اللخم) وأحياناً السفن، وهو يلتصق بتلك الأسماك الكبيرة ليتغذى على فضلات غذائها، وقد أشتق اسم السمكة من اللزق أي اللصق وكلتا اللفظتين وردتا في اللغة، وتتميز هذه الأسماك بأن الزعنفة الظهرية لها تحولت إلى ممص والذي بواسطته تلصق نفسها بالأسماك الكبيرة كالقرش والقشر والشفنين وغيرها. وتسمى أيضاً بالإنجليزية Suckerfish. وتعرف هذه الأسماك في المعاجم العربية باسم اللشك.

وهناك عدة كنايات ذكرها الدرورة في كتابه «الكنايات البحرية» ارتبطت بهذه السمكة، فالعامة تقول: «لزگة لزاگ» أي «لزقة أو لصقة لزاق»، وهو يضرب لمن يبتليك الله به فلا ينفلت عنك أبداً أو يطلق على الرجل الذي يلزم مجلس أحدهم أو يتصل به دائماً إنه (لزاق)؛ إذ إن سمكة اللزاق تلصق في الأسماك الكبيرة، فأينما تذهب الأسماك فهي معها إن لم تكن تشاركها في غذائها، وهي كذلك تلصق في سطح السفينة من الغاطس، فأينما تذهب السفينة فهي تذهب معها وقد تمكث ثلاثة أيام على هذه الحال. كذلك يطلق العامة كنية «چنه لزاگ» (أي كأنه لزاق) على من يتقرب حتى يصبح مكروهاً فهو كالعالة على الآخرين لا يحب أن يفارقهم وهو لا يشعر وهم متذمرون منه، إلى جانب أنهم - ربما - لا يستطيعون البوح بما يكنونه له بما سببه من ضيق لهم.

ومن الكنايات المرتبطة بهذا النوع من الأسماك قول العامة «شرمة أو أشرمة لزاق»، والشرمة هي إفلات السمكة من سنارة الصيد فيحدث شق في فمها. وقد عرف عن اللزاق أنه سمكة شديدة الحذر فإذا حدث ووقعت في السنارة وأفلتت منها فلا يمكن أن تعود إليها ولا إلى غيرها من مصيدة. فتلك الشرمة تصبح بمثابة الدرس الذي تعلمته هذه السمكة. ويقال هذا المثل لمن وقع في ورطة وبلية عظيمة كان لها أبلغ الأثر على نفسه فاتخذها درساً وعبرةً للحذر من الوقوع في مثلها، أو لمن نوى فعل الشر فتصدى له من يلقنه درساً ليصبح له بمثابة الدواء الناجع لعدم العودة لمثله مستقبلاً.

القيون Parrotfishes

هذه مجموعة من الأسماك الجميلة المتعددة الألوان وإن غلب عليها اللون الأخضر، وتتميز هذه الأسماك بفمها الذي يشبه منقار الببغاء ومنه جاءت التسمية الإنجليزية والتي تترجم بعدة مسميات، منها: السمك الببغاء أو ببغاء البحر، وكذلك تسمى درة البحر والجمع درر البحر. قال الدميري في حياة الحيوان «الدرة بضم الدال المهملة الببغاء»، ويقابلها بالإنجليزية Parrot.

وتسمى هذه الأسماك في الخليج العربي اگيون (قيون) والمفرد گَين (قين) وتسمى أيضاً متّو ومتّوه. وربما الاسم قيون مشتق من القين أي الزينة، ومنه تقيّنت المرأة أي تزيّنت، وهذه الأسماك تتميز بألوانها الزاهية والجميلة. أما الاسم متّوه والذي يطلق في الغالب على الذكر البالغ من هذه الأسماك، فهو اسم عامّي خليجي لطائر الببغاء. والصغير من هذه الأسماك عادة ما يغلب عليه اللون البني المحمر، أما الذكر البالغ فعادة ما يغلب عليه اللون الأخضر؛ فلذلك اعتادت العامة أن تُسمي الذكر البالغ متوه.

ومن الأسماء التي ذكرها معلوف في معجمه عن فورسكال لهذه الأسماك هي: أبو مصقار ودرة البحر وغبان وحريد وغيرها. وقد اختار أمين معلوف الاسم أبومصقار وعممه على هذه العائلة، وقال عن هذه التسمية إنها يونانية معربة. وفي قاموس الحيوان «أبومصقار وهو يوناني معرب ولفظه في اليونانية Skaros». قلت ومنه اسم العائلة العلمي وهو Scaridae.

وقد فضلت الاسم «درة البحر» على باقي الأسماء لأنه يصلح كترجمة للاسم الإنجليزي وكذلك لأنه قريب من التسمية العامية. وقد ورد الاسم «حريد» في القاموس المحيط وجاء فيه أن الحريد هو السمك المقدد أي المقطع وربما سمي بذلك لأنه يقطع. وقد ورد الاسم حريد في الموسوعة الثقافية. وجميع الأسماء التي ذكرها فورسكال نقلها أيضاً صاحب محيط المحيط.

أبو الدم أو التبن Tuna

أبو الدم والتبن والتبان وچباب جميعها أسماء لنوع من أنواع التُّن أو التونة، ويعرف هذا النوع في الكويت باسم صداه، وذكره White في كتاب «اسماك دولة الإمارات» باسم «صداه» و»سهواه». والاسم «صداه» في الأصل «الصدى» وقد ورد هذا الاسم في معاجم اللغة، فقد ورد في القاموس المحيط للفيروزآبادي «الصدى سمكة سوداء طويلة».

ولون هذه السمكة أزرق قاتم وهي ضخمة. قلت ربما الاسم «صداه» تحريف للاسم «صدى». وذكر White الاسم «كباب» (قباب) لأحد أنواع التن، قلت ربما چباب تحريف قباب، وقد ورد الاسم قباب في القاموس المحيط بمعنى سمك.

أما الأسماء تبن وتبان فهي تحريف للاسم تن بالمغايرة. وقد ذكر الاسم تبان White وخص به أحد أنواع التن. وتلقب العامة في البحرين هذه الأنواع من الأسماك بـ «أبي الدم» وذلك بحسب زعمها أن لحمها يكثر به الدم. قلت ويتميز هذا السمك بأن لحمه أحمر اللون ومنه جاءت هذه الكنية والتوهم بأنه كثير الدم.

أما الاسم العربي لهذا النوع من التن المتواجد في المياه الإقليمية لمملكة البحرين فهو «تن البحر المتوسط». ويعرف هذا النوع في مصر باسم «البلميطه». وفيما يخص الاسم «تن» وأصله فقد ذكره أمين معلوف في معجمه، وملخص ما ذكره معلوف:

«التُّن يونانية معربة تعريب Thynnos. وقد ذكر ابن البيطار «التن» وقال إنها تعرف في سواحل الشام باسم «التنه» ولاتزال تعرف بهذا الاسم حتى يومنا هذا. وكذلك في الإسكندرية يطلق الاسم تن على نوع من هذه الأسماك».

وجاء في معجم Webesters عن لفظة Tuna إنها تحريف للاسم الإسباني Atun المأخوذ من اللفظة العربية «تن» المأخوذة من اللفظة اللاتينية Thunnus من اليوناني Thynnos. وهذا يعني إن أصل Tuna من العربي، ولا أدري كيف لايزال البعض يكتب تونه وأحياناً تكتب طونه إلا إذا كان الاسم اشتق بالمغايرة، فبدلاً من أن نقول تنه بضم وتشديد التاء قلبت إحدى التائين واواً بالمغايرة فأصبحت الكلمة تونة.

النيسر Snapper

النيسر هو السمك المعروف باسم البهار والذي سبق أن ذكرناه بالتفصيل في فصل سابق وذلك في الحديث عن الأسماك التي تعرف محلياً باسم الشقرة والحمرة وهي من نفس عائلة النيسر وتشبهها باستثناء غلبة اللون الأحمر عليها؛ ما أدى إلى تسميتها بأسماء تدل على لونها. أما أسماك النيسر فلا يغلب عليها اللون الأحمر بل يميزها وجود بقعة سوداء في منتصف الجسد بالقرب من ذيلها، والاسم نيسر مشتق من الفعل نَسَر بمعنى نَتَف، ومنها نَسر اللحم أي نَتَفه. وهذا السمك معروف بقوة أنيابه التي يستخدمها في تقطيع أسماك أصغر منه. ومنه الاسم الإنجليزي snapper وترجمته النهاش، وهذا الاسم الأخير؛ أي النهاش، ورد في مؤلفات عربية أو مترجمة حديثاً، وعليه فكلمة نيسر تصلح كترجمة للاسم الإنجليزي

العدد 3172 - السبت 14 مايو 2011م الموافق 11 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً