العدد 3171 - الجمعة 13 مايو 2011م الموافق 10 جمادى الآخرة 1432هـ

أوصيكم بالضَّعِيفيْن

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قال لي أحدهم: الحمد لله الذي لم يخلقني امرأة. قلت لماذا؟ قال: أجِدُ نفسي عاجزاً عن تحمل أي شيء تقوم هي به. فأنا لا أستطيع أن أتزوج لكي أسمع وأطيع ما يقوله الرجل. ولا أستطيع أن أتسربل بكومة من ملابس قاتمة. ولا أستطيع أن أحبل ثم أنتفخ ثم أعيش بين حياتَيْن حتى أضع جنيني فأرضعه وأسهر عليه ثم ينهض ليبصق على وجهي عندما يكبر.

ولا أستطيع أن أجهد نفسي أمام القِدْر والنار صباح مساء لأطبخ نفسي في مَرَقِ الزوج وذوقه المتقافز الذي لا سقف له ولا حدود. ولا أستطيع أن أسبح في دماء ثلاثة تزورني كل شهر. ولا أستطيع أن أنادي في كل صباح لبَعْلِي كما يُنادي الحور العين في الجنة «نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، فطوبى لمن كان لنا وكنا له» نعم لا أستطيع أن أكون كذلك، لكنني أنحني لكل امرأة احتراماً لها على ما هي فيه من بلاء ونَكَد.

صفَّقت وقلت له: أجدتَ فيما وصَفت. ثم أضفت شيئاً فيه من الغرابة الكثير وجدته في كتب التندّر والأمثال التي تهكَّمت من المرأة. فقد كان اليابانيون يقولون: بأن الشيطان أستاذ الرجل وتلميذ المرأة. وقال التشيكيون: لا تستند إلى الجدار المائل ولا إلى المرأة. وقال الإنجليز: بأن آخر ما يموت في الرجل هو قلبه، وفي المرأة لسانها. وقال اليونانيون: لا تثق بالمرأة حتى وإن ماتت، وأن وعودها تكتب على صفحات الماء. وهي أوصاف ونعوت فيها من الدُّونيَّة ما يفيض.

في كلّ الأحوال، فإن أوضاع كثير من نسائنا لا تحتَمَل. السبب بالتأكيد أطوار الرجل. إحداهُن تقول: يطلب مني زوجي (وبإلحاح لا يقلّ عن واجب الفرض) أن ألصق بطني بظهري بعد أن وضعت حملي الثالث، رغم أن هذا الزوج البَطِين له من الكرش المتدلي حتى ركبتيه. تقول أخرى: يطلب مني زوجي أن أضَمِّخ شعر رأسي بشتى أنواع الأصباغ كلما رأى مذيعة أو هاوية فنٍّ مسرحي تعجبه، ثم يطلب أن لا يرى بقعة في جسدي إلا وهي مَلسَاء في الوقت الذي يمتلك فيه هو جلد حِرذُون لا يُطاق، وشعراً يُطلّ عليَّ من سِعَة جبينه حتى أخمص قدَمَيْه.

إحدى النساء تقول ممن يعمَلنَ في مجال التعليم، بأنها تستيقظ من الصباح الباكر، تُنهِض أبناءها واحداً بعد الآخر وتعدّ جَهَازهم، ثم تأخذهم إلى مدارسهم تِباعاً. وبعد انقضاء الدوام المدرسي تكرّ راجعة بهم في لهيب القيظ، حيث تعدّ الطعام المفروض عليها شكله ومقاديره سلفاً من الزوج المبجَّل الذي يأتي من عمله عابساً مقضَّب الجبين ليقول رأيه النافذ فيه.

وبعد أن يُغرِق بطنه بالطعام والشراب، يُغرِق رأسه تالياً بالنوم، مع شرط أن لا يسمع حتى فحيح الأفعى تزعجه، في الوقت الذي تذهب فيه الزوجة إلى بيت الخلاء تنظف قاعه، وتلمِّع الأواني المتسخة ببقايا الطعام، ثم تباشر في دَعْكِ الملابس ورمسها في الماء ثم نشرها أمام الشمس وكَيِّها حتى المساء، دون إغفال الالتفات إلى واجبات الأطفال المدرسية ومتطلبات الزوج وحقوقه الغريزية. لكن هذا الزوج يُقيم الدنيا ولا يُقعدها ويختلق الأعذار تلو الأعذار عندما تطلب منه عقيلته المنهوكة أن يأتي لها بعامِلَة تعينها على أحمال البيت!

أيّ أنانية هذه التي يتلبّس هذا الصّنو من البشر؟! ليس من المعقول أن يُعيد الرجال مفهوم السُّخرَة والعبودية بطريقة جديدة عبر إنهاك زوجاتهم بشدائد الأعمال وثِقل الأحمال وكأنها من زنوج السهوب الأميركية أيام الرِّق حين سامَهُم الرجل الأبيض بسوء العذاب.

كما أنه ليس من المعقول أن يبقى الزوج كالعفريت الأزرق، يريد من زوجته أن تكون موظفة تعين الأسرة براتبها الشهري، ويريد منها طعاماً جيداً، ويريدها غنوجة شَبِقة في مهجعه، ويريدها مُربيّة لأولاده، ومُنظفة لبيته ومرتعه، ثم يُريدها كالملاك يفوح منها المسك وتتدلّى منها القلائد، تظهر له متى ما أرادها بطلعة بهيّة، وهي بلا مُعين. إنه الاستعباد بكامله.

كلّ العظات التي وصلتنا بشأن الزوجة كانت تحث على الرحمة بها. وكلّ الوصايا التي جاءت كانت توصي بالرأفة بها. أما التغني بذلك الموروث ومبادئ الأخلاق دون الالتزام بها فهذا سَفَه عظيم. وليتذكر هؤلاء أن من أنصف الناس من نفسه رُضيَ به حَكماً لغيره، كما جاء في الأثر

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3171 - الجمعة 13 مايو 2011م الموافق 10 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً