ما ورد من مقاطع في حديث جلالة الملك في لقائه مع القيادات الدينية، بشأن مستقبل العمل السياسي في البحرين، وإعلان جلالته عن رفع حالة «السلامة الوطنية» قبل موعدها بأسبوعين، وتخفيف الحكم على المتهم بالشروع في القتل إلى سجن مؤبد، بعد أن أوحت التهم الموجهة إليه أنه يمكن أن يواجه حكماً بالإعدام، وإعلان الحاكم العسكري عن الإفراج عن 24 طبيباً وممرضاً من الطاقم الطبي بمستشفى السلمانية، مراعاة لظروفهم الإنسانية، جميع هذه الظواهر، وأخرى كثيرة غيرها، تبشر بصيف سياسي جميل ينتظر البحرين.
وإذا كانت القيادة السياسية قد بادرت وأظهرت حسن النوايا، فهذا يضع على عاتق المعارضة السياسية مسئولية الاستجابة من أجل تأكيد نواياها الحسنة أيضاً، من خلال إبداء استعدادها للتفاعل الإيجابي مع تلك الخطوات السياسية التي من شأنها، متى ما تعززت من قبل الطرفين، أن تساهم في انتشال البحرين من مأزقها السياسي الذي ولدته الأحداث الأخيرة.
ليست هذه دعوة طوباوية، تحاول أن تقفز على الواقع، فالجميع يدرك أن هناك بعض الملفات الساخنة، التي ما تزال عالقة وتشكل حاجزاً سميكاً يحول دون توصل الطرفين إلى نقطة لقاء مشتركة، تذيب الجليد القائم بينهما. لكن من ينظر للمستقبل بعين متفائلة، سيجد أن «حلحلة» تلك الملفات المعقدة، غالباً ما يقتضي البدء بمعالجة تلك الأسهل من بينها، علها تساهم في رأب الصدع بين الطرفين، وتوفير الأرضية الملائمة التي تساعد على انطلاق حوار إيجابي ومثمر بينهما.
ربما آن الأوان كي يجلس الطرفان إلى طاولة الحوار، ويضعا خريطة طريق قابلة للتنفيذ، تساهم في تفعيل ما أشار إليه جلالة الملك في خطابه مع القيادات الدينية، وفي المقدمة منها إعادة الثقة في المؤسسات الدستورية، وتفعيلها كي تمارس دورها الطبيعي في الإسراع بخطى المشروع الإصلاحي أولاً، وإعطاء المزيد من السلطات للمؤسسات التشريعية، دون الإخلال بمعادلة التوازن المطلوبة بينها وبين المؤسسات التنفيذية.
قد تبدو الصورة قاتمة بعض الشيء، عندما ننظر إليها، ونحن نعيش الظروف التي تحكم الشارع السياسي اليوم، وربما ترتفع بعض الأصوات اليائسة التي «كفرت» بالمشروع الإصلاحي، وأصبحت تعتبره مجرد «مسرحية» القصد من ورائها امتصاص النقمة الجماهيرية الداخلية، بشكل أساسي، وإسكات الأصوات الخارجية الضاغطة بشكل ثانوي. لكن من يؤمن بقدرة النضال من داخل المؤسسات الشرعية القائمة داخل السلطات الثلاث، ومن خارجها أيضاً، لابد وأن يحس بالنسمات المنعشة التي نأمل أن تهب علينا خلال الصيف القادم، فتنقشع غيوم الأزمة، ويعود للبحرين وجهها المشرق وبسمتها الدافئة
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3170 - الخميس 12 مايو 2011م الموافق 09 جمادى الآخرة 1432هـ