العدد 3169 - الأربعاء 11 مايو 2011م الموافق 08 جمادى الآخرة 1432هـ

التوترات الطائفية اختبار لحكام مصر بعد مبارك

توم فايفر comments [at] alwasatnews.com

.

يواجه العسكريون في مصر معضلة نتيجة توجه أكثر جرأة يتبناه إسلاميون في حقبة ما بعد الرئيس السابق حسني مبارك، ما أدى لتفاقم التوترات الطائفية ومطالبات بحملات على غرار تلك التي قوضت شعبية الرئيس السابق.

وأسفرت اشتباكات مسلحة بين مسلمين محافظين ومسيحيين عن مقتل 12 شخصاً بإحدى ضواحي الجيزة، ما أشعل احتجاجات غاضبة لبعض سكان العاصمة الذين طالبوا الجيش بمواجهة المحرضين بقبضة حديد. وعمـَّقت أعمال العنف المخاوف بين المسيحيين الذين يشكون من ضعف حماية الشرطة والتسامح مع متشددين إسلاميين في الفترة الأخيرة، ما يهدد بتجدد الاشتباكات في البلد الذي يعاني من الفقر وارتفاع الأسعار وتداعي الاقتصاد.

وتخلت الشرطة عن مواقعها إبان الانتفاضة التي اندلعت ضد مبارك في شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط، وعاد عدد كبير من رجال الشرطة لعملهم ولكن كثيرين من المصريين يقولون إن الشرطة فشلت في وقف سرقات وجرائم عنيفة تتفشى مع ترقب مصر لأول انتخابات حرة في سبتمبر/ أيلول. وقال المحلل السياسي ايساندر العمراني: «يمثل تساهل الدول مشكلة في الوقت الحالي»، وتوقع أن تتبنى حكومة تسيير الأعمال موقفاً صارماً مع جماعات سلفية محافظة وغيرها من المحرضين على الكراهية الدينية. ومضى قائلا «لن تلقَ قبولاً بين قطاع من المواطنين ولكن الحكومة تضطر للقيام بأمور غير مقبولة شعبيا أحياناً».

وشهدت مصر - التي تعتمد على صورتها كدولة مستقرة لاجتذاب ملايين من السائحين - زيادة مطردة في أعمال العنف بين مسلمين ومسيحيين على رغم توقفها خلال الانتفاضة. وتجمع ملايين المسلمين والمسيحيين في ميدان التحرير متحدين الجهاز الأمني القوي لمبارك وحملوا لافتات جمعت بين الهلال والصليب. وأدان كثير من المسلمين الاشتباكات التي وقعت في مطلع الأسبوع في إمبابة والتي بدأت باحتشاد مجموعة من السلفيين لتفتيش كنيسة للاشتباه في احتجاز امرأة أشهرت إسلامها بداخلها رغماً عن إرادتها.

وقالت امرأة محجبة في الأربعينيات من عمرها لصديقتها في وسط القاهرة: «لماذا نشتت أنفسنا بمثل هذه الحماقة؟ ينبغي أن نكرس جهدنا لبناء البلاد وليس الاحتجاج والاقتتال»، وقال رمضان حبيبة وهو محاسب ملتح يرتدي بزة خارج احد المساجد «أدعو الله ألا يفرق بيننا أي خلاف، إذا ترك أي شخص ديانته فحسابه عند الله وليس لي أو أي شخص آخر أن نحاسبه. في الإسلام نقول لكم دينكم ولي دين».

وأشار الجيش لموقف أكثر صرامة وأعلن عن محاكمة 190 شخصاً أمام محاكم عسكرية بسبب أعمال العنف في إمبابة. ويمثل القرار تحولا عن الممارسة السابقة حيث كانت الحكومة في عهد مبارك تلجأ لشخصيات دينية تتفاوض للمصالحة بين مسيحيين ومسلمين لإنهاء منازعات طائفية، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفي السيد: «أعتقد بأن مثل هذا التوجه يشجع المتطرفين على تصعيد هجماتهم».

وعلى رغم قمع حكومة مبارك للإسلاميين اتهمت جماعات حقوقية مسئوليه بالفشل في معالجة العنف الطائفي بشكل مباشر باحتجاز مرتكبي حوادث العنف أو معاقبة المحرضين عليها. وعزت الجماعات الحقوقية هذا الموقف الحذر للخوف من إثارة ضغينة الإسلاميين ضد الدولة بصورة أكبر. ويوم الأحد تعهدت حكومة تسيير الأعمال بتشديد القوانين التي تجرم مهاجمة دور العبادة، ولكن محللين قالوا إن هذه الإجراءات محل ترحيب، لكنها غير كافية.

وفي الأسبوع الماضي أقام سلفيون «صلاة الغائب» في مسجد النور بحي العباسية في القاهرة على روح زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي قتلته قوات أميركية خاصة في مخبئه في باكستان. وهرع عشرات من أفراد الشرطة العسكرية لوقف الصلاة في المسجد وهو رمز لمساعي السلفيين لبسط نفوذهم ولكنهم وقفوا بلا حول ولا قوة فيما أقيمت الصلاة تحت لافتة تحمل صورة بن لادن.

وعلى مدار أسابيع منع سلفيون إمام المسجد الذي تعينه الحكومة من اعتلاء المنبر لإلقاء خطبة الجمعة. وربما يهدف تعامل الجيش المتساهل مع السلفيين حتى الآن لتفادي مواجهات دينية في ظل التوازن الاجتماعي الهش في مصر. ويقول محللون إن عيوب هذا الأسلوب ظهرت في إمبابة في مطلع الأسبوع

العدد 3169 - الأربعاء 11 مايو 2011م الموافق 08 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً