أتذكّر في مطلع العام 2010م، قدّمت لبرنامج دراسة الماجستير في الصحافة السياسية عن طريق السفارة الأميركية، ولم أُقبَل في هذا البرنامج، ولكن الأسئلة التي طُرِحت عليَّ كانت في منتهى الأهمّية للأيام التي نعيشها هذه اللحظة، وخاصة سؤالاً واحداً وددتُّ مشاركتكم، كان تنبّؤًا سياسيّاً منّي بما سيحدث للبحرين، بسبب الوضع الذي كنّا نلاحظه في تلك الفترة الزمنية.
سألني عضو من أعضاء اللجنة عن رأيي في السياسة البحرينية ورأيي عن مستقبل البحرين سياسيّاً، وأجبته عندها بأنّ البحرين تعيش في حالة من الفوضى السياسية، تعجّب الرجل ونظر اليّ كأنني لا أعرف ما أقول، فطلب منّي التفسير، فما كان منّي الاّ تفسير الوضع الذي عشناه في تلك الفترة، على رغم الانفتاح والحرّيات التي كانت لدينا.
قلت له ولبقيّة الأعضاء إنّ المواطنين ليسوا جميعهم متجانسين مع الحكومة، وبالتالي فإن من المنطقي أن تعي الحكومة هذه المسألة، وهذا لا ينفي وجود العديد من المشاريع التي تقوم بها، وعلى رأسها المشروع الاصلاحي لجلالة الملك. لكن ما هو مطلوب أكثر من ذلك؛ إذ على الحكومة والشعب فهم بعضهما بعضاً ووضع النقاط على الحروف، كي لا تحدث كارثة حقيقية في البحرين لا تحمد عقباها، وبالطبع لم يُعجب اللجنة آنذاك ما ذكرته، وكم تمنيت أن أتناول ذلك في مقالات سابقة توضّح الأسباب التي دعتني الى ما تنبّأت به.
ليس هناك من بوسعه أن ينكر أهمية ما قام به جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله من أجل تحسين عيشة المواطن، وخاصة من خلال مشاريعه، وعلى رأسها المشروع الإصلاحي، ومشروع البيوت الآيلة للسقوط، ومشروع الأرامل والمطلّقات والأيتام، وغيرها من المشاريع التي عادت بعوائد ضخمة علينا.
ولكننا اليوم ونحن في هذه المحنة نحتاج إلى المصارحة وإلى وضع النقاط على الحروف واستخدام مشروع المسئولية الاجتماعية الذي كتبنا عنه سابقاً، وكتب عنه الكثير من الصحافيين البحرينيين وطالبوا به فعلاً واقعاً في البحرين.
لسنا نريد من الدولة القيام بالمشاريع تلو المشاريع، ولا نريد الانفتاح أو الحرّية اليوم، ولكننا نريد أوّلاً الرجوع إلى بعض من التجانس الذي كنّا نعيشه قبل العام 2011م، وذلك الالتحام الوطني بين الجماعات كلّها، فالطائفية والتجييش الطائفي ذو الأبعاد الشنيعة، خلقا فجوة بين الطائفتين الكريمتين في البحرين، وسيتركا آثارهما السلبية السيئة إلى ما بعد 2020م. ولكن بمواجهة المشكلات الداخلية وتحقيق الإصلاح الحقيقي، سنحقّق ازدهاراً واضحاً وجليّاً للبحرين وأهلها.
واذا ما كنّا نريد إنجاح رؤية 2030م فإنّ العصا يجب أن تدور بطريقة صحيحة لتلاحم شعب البحرين من أجل البناء، وخاصة أنّ الوقت قد نفد، ونحن على مقربة من هذه الرؤية التي ستنعش الاقتصاد وستنمّي الطاقات البشرية، وستخلق أرضاً جديدةً لأبنائنا.
في بعض الأحيان قد يكون تعبيرنا عن وضع نعيشه في وطننا لا نرغب بوجوده، عن طريق الكتابة أو بالرأي، وهذا لا ينافي قانون السلامة الوطنية مادام الغرض هو الاصلاح والخير لهذا البلد، ونتمنى من خلاله استفادة المسئولين في الدولة، بحيث يوازنوا داخل وزاراتهم ولا تأخذهم العاطفة على العقل، فمصلحة البحرين تتطلّب منّا عدم خلط الأجندات أو تضييعها، حتى لا نضيع في كواليس جديدة مظلمة، قد تهلكنا وتزيد من ضررنا.
تضرّرنا كثيراً من أحداث 14 فبراير، سواء من هذه الطائفة أو تلك، وخسرنا علاقاتنا الإنسانية قبل الخسارة الاقتصادية، وأَولى بنا اليوم الخروج من عنق الزجاجة قبل أن نغرق أكثر فأكثر، فهل نستطيع فعل ذلك أم تأخذنا العزّة بالإثم ولا نتخلّص من الشوك الذي حولنا؟
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 3168 - الثلثاء 10 مايو 2011م الموافق 07 جمادى الآخرة 1432هـ