يسابق مجلسا الشورى والنواب الزمن لإكمال عرض تقارير اللجان العاملة فيهما على جداول أعمال الجلسات التي ستعقد خلال الأسبوعين الجاري والمقبل، ترقباً للأمر الملكي السامي بفض دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الثالث الذي بدأ في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2010.
وكان رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني ذكر في جلسة 26 أبريل/ نيسان الماضي أن فض دور الانعقاد سيتم منتصف هذا الشهر، إذا لم يتأخر إقرار الموازنة العامة للدولة للعامين 2011 و2012، والتي أقرت بالفعل في جلسة الأسبوع الماضي.
ويعد دور الانعقاد الحالي أحد أقصر أدوار الانعقاد لمجلسي الشورى والنواب، إذ إنه إذا ما تم بالفعل فضه منتصف هذا الشهر، فيعني ذلك أن مدة انعقاده لم تزد على خمسة أشهرٍ فقط، على رغم أن المادة 72 من الدستور تقول إن «دور الانعقاد السنوي لكل من مجلسي الشورى والنواب لا يقل عن سبعة أشهر، ولا يجوز فض هذا الدور قبل إقرار الموازنة».
إلا أن المادة التي تليها تشير إلى أنه «استثناء من حكم المادتين السابقتين يجتمع المجلس الوطني في اليوم التالي لانتهاء شهر من تاريخ تعيين مجلس الشورى أو انتخاب مجلس النواب أيهما تم آخرا، إلا إذا قرر الملك دعوته إلى الاجتماع قبل هذا التاريخ».
وتضيف «إذا كان تاريخ انعقاد المجلس في هذا الدور متأخراً عن الميعاد السنوي المنصوص عليه في المادة (71) من الدستور، خُفضت مدة الانعقاد المنصوص عليها في المادة (72) منه بمقدار الفارق بين الميعادين المذكورين».
ومن المؤكد، فإن فضَّ دور الانعقاد لن يتم قبل أن يحسم النواب الـ 22 موقفهم من استقالة سبعة النواب وفاقيين الباقين، ومن المتوقع أن يبت في قبولها في جلسة الثلثاء 17 مايو الجاري.
مع إقفال هذا الدور، سيطوي المجلس الوطني بغرفتيه المنتخبة والمعينة صفحة شديدة الحساسية من تاريخ العمل البرلماني في البلاد، ترافقت مع واحدة من أشد الأحداث تأثيراً على الوضع السياسي والأمني المحلي.
إلى ذلك، فمن المقرر أن يُصوِّت مجلس النواب يوم غدٍ (الثلثاء) في سابقةٍ هي الأولى على تعديلاتٍ جزئية على الدستور المعدل قبل تسع سنوات «دستور 2002» وهي تعديلات قادتها كتلة الوفاق النيابية المستقيلة خلال الفصل التشريعي الماضي، أفضى حراكها حينها إلى التوافق مع كتلتي «الأصالة» و«المنبر الإسلامي» على تعديل المواد «68» و«83» و«86» و«87» و«92 فقرة أ» و«102» و«109 فقرة د».
وسيكون النواب على موعدٍ في هذه الجلسة، إما على التمسك بمشروع التعديل الدستوري أو إسقاطه بحسب المادة 102 من اللائحة الداخلية للمجلس، وينص على تعديل جزئي يطول 7 مواد دستورية رفعها مجلس النواب إلى الحكومة في الفصل التشريعي الثاني ورفضته الحكومة في مذكرتها المرفقة بالتعديل في مجلس النواب.
وبحسب مبررات مقدمي التعديل فإنها تناولت «زيادة المساحة للسُّلطة التشريعية لممارسة الأدوار التشريعية والرقابية التي تجعل من التجربة مقاربة لما تقوم عليه الديمقراطيات العريقة وفق ما أشار إليه ميثاق العمل الوطني، وقد جاءت التّعديلات المقترحة لتلبية الحاجة التي كشفها التطبيق العملي لنصوص الدستور، إذ كشفت المدة القصيرة بعض الأحكام التي من شأن تعديلها الارتقاء بالتجربة الديمقراطية في البحرين».
ولعل أبرز محطات الحراك النيابي خلال هذا الدور الذي يوشك على الانصرام، محطتان بارزتان الأولى تمت في جلسة الثالث من مايو/ أيار الجاري وتمثلت في إقرار أضخم موازنة للعامين 2011 و 2012 في تاريخ البحرين، إذ يعتبر هذا الملف هو العنوان الأساس لهذا الدَّور، إذ أحالت الحكومة الموازنة إلى النواب بعد افتتاحه بقرابة أسبوعين، وتم إقرارها قبل انتهائه بنحو أسبوعين أيضاً.
وعلى رغم أن النواب خيَّبَوا آمال آلاف المواطنين، وقاموا بتمرير مشروع الموازنة إلى مجلس الشورى، من دون تحقيق أية زيادة في الرواتب للقطاعين العام والخاص والمتقاعدين، فإنهم نجحوا في إضافة 25 مليوناً لعلاوة الغلاء في العام 2012 وتم اعتماد المعايير الجديدة المتوافق عليها بشأن هذه العلاوة والتي تقسم المستفيدين لثلاث فئات، فيما يبلغ الحد الأعلى للمستفيدين من لا تزيد رواتبهم على 1000 دينار.
وتمت إضافة 5 ملايين دينار إلى موازنة عوازل الأمطار لكل عام، بالإضافة إلى زيادة موازنة مشاريع التطوير الحضري 100 مليون دينار.
كما أقر النواب زيادة موازنة وزارة الداخلية 25 مليون دينار، منها 10 ملايين للعام 2011 و15 مليوناً للعام الذي يليه، وكذلك زيادة مخصصات الضمان الاجتماعي 12 مليوناً مناصفة بين العامين.
وبلغ العجز الذي حوته الموازنة 835.696.000 دينار للعام 2011 و726.958.000 دينار للعام 2012، أي ما مجموعه 1.562.681.000 دينار للعامين معاً، وهو أعلى مقدار عجز حوته موازنة في تاريخ البحرين.
أما المحطة الأخرى البارزة، فكانت استقالة 18 نائباً وفاقيّاً من مجلس النواب في 27 فبراير/ شباط 2011، وقد تم قبول استقالة 11 نائباً منهم في 29 مارس/ آذار الماضي، وأرجأ النواب البتَّ في استقالة سبعة نوابٍ آخرين، على رغم كونهم قرروا في جلسة 8 من مارس تأجيل البتِّ في استقالة جميع النواب الوفاقيين الـ 18 لمدة شهرين.
وقبل النواب الحاليون أواخر مارس الماضي استقالة رئيس كتلة الوفاق عبدالجليل خليل، والنائب الأول لرئيس المجلس خليل المرزوق، والنواب: جواد فيروز، محمد المزعل، السيدهادي الموسوي، سلمان سالم، عبدالمجيد السبع، مطر مطر، علي الأسود، جاسم حسين، حسن سلطان.
ومن المتوقع أن يقوم الأعضاء الـ 22 بمجلس النواب بالتصويت خلال جلسة 17 مايو المقبل- بعد طلب 11 نائباً من النواب الـ 22 وضع استقالتهم على جدول أعمال جلسة 3 مايو الماضية، ثم تأجيل البت فيها لأسبوعين- على قبول استقالة كلٍّ من نواب الوفاق المستقيلين المعلقين السبعة، وهم: سيدمحمد سيدمجيد (خامسة الشمالية)، عبدعلي محمد حسن (خامسة الوسطى)، وعبدالحسين المتغوي (ثالثة الشمالية)، والسيدجميل كاظم (ثامنة العاصمة)، والسيدعبدالله العالي (ثانية الوسطى)، والشيخ حسن عيسى (خامسة الشمالية)، وعلي العشيري (سادسة المحرق).
وسيفتح قبول استقالة جميع نواب الوفاق الباب على مصراعيه لانتخاباتٍ تكميلية تتوارد الأنباء عن أنها قد تعقد بعد انتهاء قانون السلامة الوطنية، أي بعد 15 يونيو/ حزيران المقبل، وهو ما يعني أن مجلساً نيابيّاً بتشكيلة مختلفةٍ عما كان عليه في 2010، سيقود المشهد النيابي خلال ثلاث السنوات المقبلة الباقية من الفصل التشريعي الثالث الحالي
العدد 3166 - الأحد 08 مايو 2011م الموافق 05 جمادى الآخرة 1432هـ