دعا رئيس الوزراء المصري عصام شرف إلى اجتماع طاريء لمجلس الوزراء اليوم الأحد بعد مقتل 12 وإصابة أكثر من مئتين وثلاثين في اشتباكات بمنطقة إمبابة في القاهرة الكبرى بسبب اعتناق مسيحية الإسلام. وكان هذا الاشتباك الطائفي الذي اندلع مساء أمس السبت الأسوأ منذ مقتل 13 شخصا في أعمال عنف في التاسع من مارس آذار في القاهرة بسبب حرق كنيسة جنوبي العاصمة كما يمثل تحديا جديدا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في ثورة شعبية في الحادي عشر من فبراير شباط. وحدث إطلاق للنار لفترة قصيرة اليوم في حي امبابة الذي اندلعت به الاشتباكات واستمرت نحو ثماني ساعات الليلة الماضية. وقال التلفزيون المصري اليوم إن حظرا للتجول فرض على شارع الاقصر بحي امبابة إلى الساعة 11 (0900 بتوقيت جرينتش) من صباح غد الاثنين. وكان نحو 500 من السلفيين احتشدوا أمام كنيسة مار مينا في حي امبابة أمس السبت مطالبين المسيحيين هناك بتسليم امرأة قالوا إنها اعتنقت الإسلام وإنه يجري احتجازها في الكنيسة رغما عنها. وانضم مسلمون آخرون للسلفيين وطالبوا بدخول الكنيسة لمعرفة ما إذا كانت المرأة بالداخل. وتصاعدت التوترات وبدأ إطلاق النار وتبادل الجانبان إلقاء القنابل الحارقة والحجارة. وأطلق أفراد من الجيش والشرطة النار في الهواء واستخدموا الغاز المسيل للدموع للفصل بين الجانبين لكن التراشق بالحجارة استمر حتى الليل في الشوارع الواقعة قرب الكنيسة. وأدى انقطاع الكهرباء إلى غرق المنطقة في الظلام مما جعل من الصعب على قوات الأمن إخماد أعمال العنف. وأضرمت النار في كنيسة أخرى هي كنيسة العذراء في مكان قريب من مسرح الاشتباكات ولحقت بها تلفيات كبيرة. وبحلول صباح اليوم أرسل الجيش دبابات إلى الشوارع المحيطة بالكنيسة وقام بتفتيش كل من يمشي في المنطقة. وطلب السكان من المارة تجنب حي امبابة الذي ساده الهدوء بصفة عامة اليوم باستثناء ما حدث من إطلاق للنار. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم عن رئيس قطاع الطب العلاجي بوزارة الصحة هشام شيحة أن 12 قتلوا في الاشتباكات وأصيب 232 آخرون. وأضاف أن 179 من المصابين غادروا المستشفيات وأن الإصابات تراوحت بين إصابات بالرصاص وحروق وجروح وكدمات وكسور واختناقات نتجت عن دخان الحريق وغير ذلك من الإصابات. وتابع أن هناك نحو 11 مصابا "حالاتهم خطيرة وحرجة وغير مستقرة." وقال جمال عيد وهو كاتب ونشط في مجال حقوق الإنسان إنه يعتقد أن الجيش في حالة من التشوش. وأضاف أن الجيش يخشى اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتطرفين خشية اتهامه بقمع تلك الحركات. وقال الجيش المصري في صفحته على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي اليوم إن 190 شخصا شاركوا في العنف سيحاكمون أمام محكمة عسكرية. وجاء في الصفحة أنه تقرر "إحالة جميع من تم إلقاء القبض عليهم في أحداث الأمس وعددهم 190 فردا إلى المحكمة العسكرية العليا لتوقيع العقوبات الرادعة." وتنشب من حين لآخر توترات طائفية بين المسلمين والمسيحيين إما بسبب اعتناق أفراد دين الطرف الآخر أو بسبب نزاعات عائلية أو بناء كنائس. وأبدى المسلمون والمسيحيون تلاحما كبيرا خلال ثورة 25 يناير كانون الثاني التي أطاحت بمبارك لكن التوترات الطائفية برزت إلى السطح مرة أخرى. وألغى رئيس الوزراء شرف جولة خليجية كانت مقررة اليوم داعيا لعقد اجتماع طاريء لمجلس الوزراء صباح اليوم لاتخاذ قرار حول كيفية مواجهة الأحداث. كما تعقد مؤسسة الأزهر أعلى سلطة دينية في مصر اجتماعا طارئا لبحث أمر الاشتباكات. وقال على عبد الرحمن محافظ الجيزة التي تقع بها الكنيسة إن أقارب القتلى والجرحى سيحصلون على تعويضات. وقال بعض المسيحيين إن قوات الأمن تباطأت في تفرقة الحشود التي تجمعت أمام الكنيسة وكانت تراقب من بعيد الأوضاع بينما خرجت التوترات عن نطاق السيطرة. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن إحدى الجثث عثر عليها داخل كنيسة مار مينا. وفي مدينة الإسكندرية الساحلية شارك مئات المسلمين والمسيحيين في مظاهرة تدعو للتهدئة. وردد المتظاهرون هتافات تقول "مسلم ومسيحي إيد واحدة" و"لا لا للإرهاب" و"مسلمين مسيحيين.. كلنا واحد مصريين". ورفعوا لافتات كتبت عليها عبارات "الشعب يريد إخماد الفتنة" و"لا للتعصب الأعمى" و"لا للفتنة الطائفية".