على امتداد ما يزيد على أسبوع كانت صحيفة «الوسط» مثاراً لتكهنات وشائعات تحدثت عن احتمال توقفها عن الصدور، وكانت هذه الفترة من أصعب الفترات التي عرفها فريق «الوسط» من محررين ومصممين ومصححين لغويين، لكن «الوسط»، وعلى رغم تلك الظروف خرجت وهي أكثر قوةً وأشد إصراراً على المُضيِّ قُدُماً من أجل تأدية دورها الوطني في سوق الإعلام البحرينية.
وقبل الحديث عن العوامل التي أمَّنت لـ «الوسط»، مقومات الصمود والاستمرار، ندعو الله أن يسامح من شمتوا، ويغفر لمن فرحوا، لأن الحقيقة كانت محجوبة عنهم، ولم يكونوا يريدون أن يروها. كما لا يسعنا إلا أن نشيد بمواقف أصدقاء «الوسط» وأحبائها، الذين لم يكفوا عن الاتصال والاستفسار، خوفاً من أن تصدمهم الحقيقة، فيستيقظوا ذات يوم، فإذا بصحيفتهم «الوسط»، لم تدق بابهم.
قدرة «الوسط» على الصمود والاستمرار في الصدور مستمدة من العناصر الرئيسية الآتية:
1 - البيئة الخصبة الغنية التي وفرها المشروع الإصلاحي الذي قاده جلالة الملك المفدى والتي لا تقبل أن تغيب «الوسط» عن قرائها، ولا تسمح لها إلا أن تكون عضواً أساسيّاً في عائلة الإعلام البحريني. كل ذلك بفضل ما توفره لها تلك البيئة من أجواء ليبرالية مناسبة وآفاق حقوقية تحترم حق الصحافة والصحافيين. من جانبها نجحت «الوسط» في تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الحالة، لكي تكون رافداً أساسيّاً من روافد هذا المشروع وعنصراً فاعلاً من عناصر تطوره.
2 - مجلس الإدارة المتماسك الذي نجح بفضل موازنته الدقيقة بين احتياجات العمل التجاري ومتطلبات المسئولية الوطنية. هذا الزواج الموفق الذي راعى قوانينه مجلس الإدارة بأعضائه كافة شكّل رافعة أساسية حققت لصحيفة «الوسط» الحضور السياسي المتميز والنجاح التجاري المطلوب. ومما لاشك فيه أن هذه معادلة معقدة، ويحتاج حلها إلى حنكة سياسية، وخبرة تجارية، ورؤية مشتركة موحدة، وهو ما كان ينعم به مجلس الإدارة الذي ضمن لـ «الوسط» كل مقومات النجاح على المستويين الوطني والتجاري.
3 - فريق العمل الصحافي بمن فيهم هيئة التحرير التي مزجت بشكل خلاق بين المهنية الفردية العالية وروح العمل الجماعية المتكاملة، فجاءت محتويات «الوسط» من أخبار ومقالات وتغطيات وحدة متكاملة أضفت على الخبر عنصر الإثارة، وعلى التحليل عمق الرؤية، وعلى التغطيات شمولية الإحاطة. أدى كل ذلك إلى أن تتحوّل «الوسط» إلى حاضنة إعلامية متطورة تعكس الأوضاع البحرينية بكل متطلبات المهنية الإعلامية من دون الإخلال بقيم وأخلاقيات الصحافة اليومية.
4 - قارئ «الوسط»، المخلص، والأمين الذي حولها من مجرد صحيفة يومية «يتسلى» بقراءة مكوناتها، إلى مصدر بيانات متطور يمده بالمعلومات التي يحتاج إليها، والتحليلات التي لا يمكن أن يستغني عنها. فتحولت «الوسط» بفضل ذلك، إلى ما يشبه الإدمان الصحي، الذي لا يستطيع، ولا يرغب مرضاه في الشفاء منه. وانبنت، بفضل ذلك، علاقة الثقة المتبادلة هذه عبر 9 سنوات من العمل المضني والدؤوب الذي أهّل «الوسط»، للفوز بالعديد من المسابقات، الإقليمية والعالمية، التي كانت تبحث عن أوعية المعلومات التي تجاوزت دورها التقليدي، وكرست عوضاً عنه حضورها الإبداعي. تأسيساً على كل ذلك، احتلت «الوسط» موقعها المتميز في صفوف قنوات الإعلام البحريني وأوعيته، والذي لم يسمح لها إلا أن تستمر.
من هنا ومنذ اللحظة الأولى لصدورها قرر لها قدرُها أن تبقى، من دون أن تتوقف، في المواقع المتميزة، تقيداً بالتزامها الأخلاقي تجاه قرائها أولاً، ووطنها البحرين ثانياً وليس أخيراً. لذلك تملأ الثقة إهاب «الوسط»، وتمدها بالقدرة على مواجهة كل الشائعات التي سادت الشارع البحريني على امتداد الأيام القليلة الماضية، إذ لم يكن أمام «الوسط» من خيار آخر سوى الاستمرار، وسط الأنواء العاتية التي لن تستطيع، مهما بلغت شدتها أن تهز «الوسط»، التي تواصل الصدور وهي أكثر إصراراً، وأقوى عزيمة، على الاستمرار والنمو والتطور. فـ«الوسط» لا تهزها الرياح مهما كانت عاتية.
بقيت مسألة في غاية الأهمية، وهي أن كل تلك الإنجازات، لم، ولن، تغير من طبيعة «الوسط»، ولا من خطها السياسي، بل على العكس من ذلك، سنجدها أكثر تواضعاً، وأشد التزاماً، وهذا هو الإكسير الذي يمدها بالحياة، ويجعلها قادرة على مواجهة الصعاب
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3165 - السبت 07 مايو 2011م الموافق 04 جمادى الآخرة 1432هـ