العدد 3162 - الأربعاء 04 مايو 2011م الموافق 01 جمادى الآخرة 1432هـ

في اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافة والمواطنة والتنوع الثقافي

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، منذ العام 1993، يوم 3 مايو/ أيار يوماً عالمياً لحرية الصحافة. ومنذ ذلك الحين يُحتفل في هذا اليوم في كل عام بالذكرى السنوية لإعلان ويندهوك. وتدعو وثيقة الإعلان لوسائل إعلام مستقلة وحرة وقائمة على التعددية في جميع أنحاء العالم، معتبرة أن الصحافة الحرة أمر لا غنى عنه لتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وإننا نعتز بهذا اليوم ونجلـُّه محلياً ودولياً لما فيه من إكبار لدور رجال الإعلام وتقدير لمجهودهم الذي وصل ببعضهم في أحيان كثيرة إلى الموت في سبيل البحث عن الخبر وإيصاله إلى المتلقي أو بغاية التعبير الحر عن الرأي. لكن لِمَ لا يتم الحديث عن المتلقي أي الطرف الثاني في الرسالة الإعلامية بمناسبة هذا اليوم؟ قد يبدو السؤال غريباً لكنه ملح لأكثر من سبب، ليس أقلها الدور العظيم والأثر الجليل لوسائل الإعلام بشتى أنواعها في توجيه الرأي العام بل وصنعه من عدم. لذا يجدر بوسائل الإعلام أن تلتفت - وخاصة في مجتمعاتنا العربية - إلى تعميق الإحساس بالمواطنة وتعزيز التفاعل الثقافي مع الآخر نظراً لِمَا لهذين البعدين من قيمة في بناء إنسان يعتز بجذوره الوطنية منفتحا على الآخر الثقافي بكل تسامح.

ولكي تؤدي وسائل الإعلام دورها كاملاً في تمكين المواطن والمساهمة في غرس روح المواطنة وتعميقها لابد أن يكون مفهوماً أن حرية الصحافة لا تقتصر فقط على حرية الصحافيين في إنتاج الموضوعات والتعليق عليها، بل إنها لابد أن تأخذ في الاعتبار عالم الطفولة والشباب وتحرضه على الانخراط الإيجابي في صناعة الإعلام والانتفاع منه، حيث نلحظ للأسف قلة تواصل بين الإعلام و قراء المستقبل وخاصة في الإعلام المكتوب (صحف يومية) أو المسموع (إذاعات و...) إما لقلة الصفحات المخصصة لهم أو لعدم دعوتهم للمساهمة في إنتاج مادة الصحيفة.

في حين ترى وفي دول كثيرة أخرى ظاهرة المراسلين الصحافيين سواء في المؤسسات أو في المدارس حيث يكتب الطلاب بأقلامهم للصحف المحلية أو يسهمون في تأثيث أركان للشباب أو للطفولة في الجريدة ذاتها، بغض النظر عن الملاحق، فيكتسب الطفل ومنذ الصغر عادة تصفح الصحيفة وقراءتها وبذلك نؤسس لعلاقة مستقبلية حميمية بين الصحيفة والقراء المستقبليين لها.

وبإمكان وسائل الإعلام أن تعزز قيم المواطنة باستمرار من خلال مواصلة تزويد القراء والمستمعين بالمعلومات والحقائق ذات الصلة العميقة بمفهوم المواطنة، إذ لا يخفى على أحد أن التعليم عبر وسائل الإعلام وسيلة مهمة لتنمية مهارات قيمة ستسهم في وضع حد للعنف والقضاء على أشكال التمييز كافة.والأهم من ذلك، تشجع وسائل الإعلام على اكتساب الحس المدني وتيسِّر الحوار بشأن قضايا الساعة بين أبناء الوطن.

وليس بعيدا عن هذا، فإن وسائل الإعلام قادرة على أن تسهم إيجابيا في مجال الحوار الثقافي بين الحضارات، فكما لا يخفى على أحد يعترف إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي الذي اعتُمد في العام 2001 بأن التنوع الثقافي يمثل تراثاً مشتركاً للإنسانية، وتم رفد هذه الاتفاقية في العام 2005 باتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي. وتؤكد على العلاقة بين التنوع واحترام الحريات الأساسية، إذ جاء في المادة 2 من هذه الاتفاقية: «لن يتسنى حماية التنوع الثقافي وتعزيزه ما لم تُكفل حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مثل حرية التعبير والإعلام والاتصال».

وحري بنا التأكيد في هذا المقام أن استخدام المعلومات والاتصال بهدف فسح المجال أمام مختلف الثقافات للتعبير عن نفسها بكل حرية - وبالطرق التي تناسبها - أمر لابد منه لترسيخ أسس التفاهم بين الشعوب والحوار بين الثقافات. وبمقدور وسائل الإعلام تيسير هذا الحوار بين الثقافات، وذلك من خلال التصدي للمواقف السائدة والمزاعم فيما يتعلق بـ «الآخرين» مهما كان مرجعهم، ويمكن لوسائل الإعلام أن تتجاوز التصورات النمطية الموروثة، وتبدد الجهل الذي يغذي سوء الظن بالآخرين وينمي الحذر منهم، ومن ثم تعزيز روح التسامح والقبول بالاختلاف بحيث «يصبح التنوع فضيلة وفرصة للتفاهم»

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3162 - الأربعاء 04 مايو 2011م الموافق 01 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً