العدد 3162 - الأربعاء 04 مايو 2011م الموافق 01 جمادى الآخرة 1432هـ

قلق متزايد بشأن التشارك بالماء في جنوب آسيا

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

في الوقت الذي يصنع التطرف وعدم الاستقرار عناوين الأخبار عندما يعود الأمر إلى جنوب آسيا، تستحق قضية التشارك في الماء المزيد من الاهتمام. أصبح التشارك في الماء بين دول مثل أفغانستان وباكستان والهند مصدراً للقلق المتنامي له مضامين لا تتعلق فقط بالاستقرار المحلي وإنما بالاستقرار الإقليمي كذلك.

لاحظت الولايات المتحدة هذه القضية، وقد تم في الواقع إعداد تقرير خاص مؤخراً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي حول تجنب حروب مستقبلية بشأن الماء في وسط وجنوب آسيا. تدرك الولايات المتحدة أهمية القضايا المتعلقة بالمياه في علاقاتها الثنائية مع دول جنوب آسيا، ولها اهتمام في حل هذه القضايا ليس فقط لأسباب تنبع من أهداف السياسة الخارجية، مثل محاولة كبح جماح الإرهاب والتمرد، وإنما كذلك ضمن جهد لحماية مصالحها الأمنية على المدى البعيد في المنطقة.

يضع تقرير مجلس الشيوخ الأميركي - وعنوانه «تجنب حروب الماء: ندرة المياه وأهمية وسط آسيا المتزايدة للاستقرار في أفغانستان وباكستان» - أهمية خاصة على الحاجة لحل الخلافات المائية بين الدولتين اللتين تملكان أسلحة نووية في المنطقة. وتصبح الحاجة أكثر إلحاحاً الآن وقد أصبحت معاهدة «إندوس» للمياه، التي وُقعت منذ فترة طويلة بين الهند وباكستان بعد أن تم إعدادها العام 1960، وتقسم مياه الأنهار الستة بين الدولتين. ويمكن لانهيار هذه المعاهدة أن يكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي الأكثر اتساعاً.

تضع المقترحات بتوسيع الأراضي المروية والتوجهات نحو تحقيق الطلب على الطاقة من خلال تطوير الطاقة المائية ضغوطات جديدة على التشارك بالماء بين الهند والباكستان. كذلك يؤدي استمرار سوء إدارة الماء وتزايد انعدام الكفاءات في أنظمة الري القائمة إلى تفاقم المشكلة.

وفي الوقت الذي تصبح فيه نتائج التغيرات المناخية أكثر بروزاً، سوف تتأثر المجموعات السكانية التي تعيش على الزراعة في كلا البلدين، والتي تعتمد على مياه العواصف الموسمية وذوبان ثلوج الأنهار الجليدية لري محاصيلها الزراعية. وسوف يؤدي أي انخفاض في تدفق المياه إلى تضخيم انعدام الثقة السائد. ويمكن للمعاني الضمنية بالطبع أن تكون بعيدة الأثر بالنسبة للعلاقات بين المجموعات العرقية المختلفة، فمن المعروف أن ندرة المياه تستطيع إشعال حروب قبلية أو عرقية. كذلك عُرِف عن كبار أصحاب الأراضي مصادرتهم لحقوق المياه من المزارعين الأكثر فقراً بالتواطؤ مع المسئولين في دوائر الري. ويقع عبء جمع المياه في المجتمعات الفقيرة التي تتعرض إلى ضغوطات مائية بشكل واسع على النساء وبناتهن، الأمر الذي يؤدي بشكل واسع إلى ترك الفتيات مقاعد الدراسية.

وتملك الهند أجندة طموحة لبناء السدود، وتدَّعي أنها تلتزم عن كثب بشروط وأحكام معاهدة إندوس المائية. إلا أن تقرير مجلس الشيوخ يعترف بأن النتيجة الكلية لمشاريع بناء السدود هذه يمكن أن تعطي الهند القدرة على تخزين كميات كافية من المياه بحيث تحدد مبدئياً إمدادات المياه إلى باكستان في لحظات حرجة أثناء الموسم الزراعي.

ورفضت الهند هذه النتائج بشكل كامل، واستمرت بدلاً من ذلك بالتشكيك بأن باكستان تقوم بمفاقمة النزاع في كشمير لضمان سيطرتها على مصادر المياه هناك. وبدورها تشعر باكستان بعدم الرضى لقيام الهند بمساعدة أفغانستان على بناء سد على نهر كابول وتطوير مشروع مائي لتوليد الطاقة الكهربائية، يمكن كذلك أن تكون له تداعيات خطيرة على تدفق المياه إلى باكستان. وقد يُساعِد تدخل الولايات المتحدة في هذه العملية على تشجيع الإدارة المشتركة لباكستان وأفغانستان في حوض نهر كابول على الحد من انعدام الثقة المتزايد هذا.

ويوصي تقرير مجلس الشيوخ وبشكل صحيح بالحاجة إلى التركيز على عمليات الحفاظ على الماء بدلاً من محاولة زيادة إمدادات المياه. ويمكن لتوفير المدخلات الفنية الأساسية إلى جميع الدول المعنية على شكل جمع بيانات النقاط القياسية أن يساعد بدوره على تحسين عمليات إدارة المياه والحد من الضغط الإجمالي على موارد المياه المشتركة. ويمكن للولايات المتحدة كذلك أن تساعد من خلال عقد حوارات في حوض النهر وإنشاء مشاريع إدارة مائية على مستوى المجتمعات المحلية حول المناطق المائية المشتركة.

وإذا أخذنا في الاعتبار أن التدفقات المائية الطبيعية تبقى غير آبهة بالتوزيع والتقسيم الاصطناعي مثل الحدود الوطنية، يمكن لعملية التشارك بالمياه أن تفاقِم التوترات القائمة بشكل سريع بحيث تتطور لتصبح نزاعاً كبيراً، وخاصة في بيئة يسودها النزاع أصلاً بين الدول المجاورة. وتستطيع الولايات المتحدة أن تلعب دوراً إيجابياً في تجنب كارثة كهذه من خلال دفع دولة مجاورة مترددة نحو التعاون إقليمياً وإيجاد ترتيبات أكثر شمولية في التشارك بالمياه في جزء من العالم له أهمية جغرافية استراتيجية حيوية ابتليت بقدر كافٍ من العنف

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3162 - الأربعاء 04 مايو 2011م الموافق 01 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً