العدد 3162 - الأربعاء 04 مايو 2011م الموافق 01 جمادى الآخرة 1432هـ

الكتابة والترويض

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

تستوقفنا الفكرة... نقلـِّبها...نقبض عليها... نعيد صوغها... يبدأ النص في التشكل مستوياً من خلالها... لا نطمئن إلى أنها استوت... نعيد تقليبها... تتناسل مجموعة من الأفكار، مخربة، محرّضة على تجاوز الأولى والثانية والعاشرة، نتوهم أننا قبضنا عليها في أجمل صورها وإمكانات تمريرها لمجموعة من القيم التي نريد، لننقض ما سبق من نصوص، ونستوي على طمأنينتنا بتوهم أننا بلغنا نهاية الشوط مع الفكرة، ندفع بالنص إلى حيث نريد (مطبوعة، صحيفة، مجلة، أو صفحة إلكترونية) نتلقى/ نستقبل النص بصورة مختلفة حين يستوي في المكان الجديد، المكان المشاع للناس كل الناس، ندخل في شراكة على مستوى الجدل معه، مثلما يفعل الآخرون في استقبالهم له. يمر عام... عامان... عقد، نبدأ من حيث انتهينا، أن نعتقد بإمكان ترويض الفكرة، ومن ثم تسخيرها في المدهش والجميل مما نكتب، ولكننا نكتشف مع مرور الوقت، أن ما نقوم به هو نقض للأفكار، وبث حال من التحريض في وسطها، مع كل فكرة جديدة تطرأ... مع كل نص جديد نخرج به على الناس، تلك هي الكتابة: نَفَسٌ طويل في توهم موهبة الترويض، ونَفَسٌ طويل في الإيمان بحتمية تمردها بعد ذلك.

***

هنالك من يورِّط نفسه، أو يتم توريطه في الكتابة بشكل منتظم في الصحافة المحلية، وفي كلتا الحالين - التورُّط والتوريط - يظل الكاتب مسئولاً عما يكتب، وكثيراً ما تأتي الكتابة تلك فارغة من مضمون حقيقي، أو فكرة ذات قيمة، ولا تحتاج إلى أن تكون ضليعاً لتكتشف الفراغ والسطحية التي تسم معظم تلك الكتابات.

يمكن إرجاع جانب كبير من إصرار بعض أولئك الكتـَّاب على الاستمرار في الخروج على الناس بتلك الكتابات التي باتت منفـِّرة، وتحاول أن تتلمس طرق الجذب والالتفات إليها بتصنـِّع «خفـَّة الدم»، فيما هي « أثقل من الهم على القلب»، أو تحاول - عبثاً - التلاعب باللغة في استعراض لا يخلو من فشل، وتارة ثالثة تحاول أن تضرب على أوتار يتهافت على سماعها كثيرون، إلا أنها في نهاية المطاف لا تعدو كونها محاولات يائسة في ممارسة الفشل وبشكل منتظم!

ويمكن القول، إن جل تلك الكتابات عبارة عن مواعيد مضروبة لاستفزاز الناس، والترويج لبضائع نخر فيها الكساد فباتت غير صالحة للاستهلاك.

في الصحافة لا يمكنك أن تثبـِّت حضورك وتحفر اسمك في الذاكرة ما لم تنجز المختلف والمغاير والملفت والغني بالمضامين من الكتابة المنتظمة، فيما أنت تسعى إلى النقيض من كل ذلك حين يأتي إنجازك على مبعدة من الاختلاف والمغايرة والغنى

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 3162 - الأربعاء 04 مايو 2011م الموافق 01 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً