غداً بإذن الله سيكون عيد العمال... وهو مناسبة تحتفل فيها البحرين وتعطل فيها جميع الوزارات والشركات في الدولة... وزارة العمل سوف تكون في إجازة... ولكن بوأحمد سيكون على الدوام، لأن الراتب الذي يستلمه لايكفي لسد احتياجات الأسرة... وهو مجبور على العمل في الإجازات...
الأخ فيصل (وكنيته بو أحمد) هو فرد من أفراد المجتمع البحريني المكافح... كان يعيش في جدحفص (وهي إحدى القرى الكبيرة على الساحل الشمالي لجزيرة المنامة) ثم انتقل إلى سكنه الحالي في منطقة إسكان سلماباد، هو متزوج ولدية أسرة مكونة من زوجة وأبناء، كما وأن لديه أباً عاجزاً... وهو يعمل بكل جد وإخلاص في إحدى الشركات البحرينية الخاصة بوظيفة سائق شاحنة لنقل المياه.
أبو أحمد مخلص في عمله بشهادة الجميع، وبشهادة صاحب العمل نفسه، وهو يعمل في هذه الوظيفة منذ العام 1989. وحتى هذه اللحظة... يعني 17 سنة ميلادية من دون تعب ولا أكل، وبكل جد وإخلاص... العمل اليومي المضني، وفي عز الصيف، مع الرطوبة الخانقة والشمس الحارقة ولمدة عشر ساعات يومياً، كل هذا براتب شهري قدره مئتان دينار بحريني فقط لاغير... وأنا الآن أريد من الجميع أن يقولوا (من قلوبهم) لهذا العامل البحريني المخلص والمظلوم كلمة واحدة... قواك الله يا بو أحمد.
سبعة عشر سنة متواصلة والعامل النشيط (بو أحمد) يعمل بكل إخلاص في مؤسسة واحدة، وبالوظيفة نفسها والراتب نفسه، من دون إجازات مرضية ومن دون إجازات عرضية ومن دون إجازات عيارتية... وحتى عندما أصيب في العمل بخلع في الكتف وأعطيت له إجازة مرضية رفضها، رفض الإجازة التي هي حق من حقوقه فقط لأنه مخلص في عمله... 4 شهور من عمره وهو يذهب للعلاج الطبيعي ومن ثم يعود لعمله... أي إخلاص هذا؟... ومع ذلك لم ينصفه الدهر في تعديل راتبه الذي بقي طوال هذه السنين على مئتين دينار فقط.
الدولة تقول إن يوم غد ستعطل جميع الوزارات لأنه عيد العمال... ووزارة العمل تقول افرحوا يا عمال البحرين فهذا عيدكم قد هل هلاله... وبو أحمد يقول بأي حال عدت يا عيد، وأنا مضطر للعمل المضني حتى أوفر لقيمة العيش لأسرتي... بو أحمد يقول ويسأل أين مكافأتي على سنوات خدمتي؟، وأين التكريم يا وزارة العمل في اليوم الذي هو عيدي... أين؟... أين التكريم للعمال النشيطين والمخلصين الذين يعملون برواتب لا تغني ولا تسمن يا وزارة العمل؟... أين كلمة الشكر للعمال الذين لا يعملون المشكلات ولا يتنططون من شركة إلى أخرى؟... وأين الوزارة من مراقبة سجلات الخدمة لجميع الموظفين العاملين في الشركات الخاصة والعامة ؟... وهل التكريم يكون بالواسطة يا وزارة؟
كم بو أحمد لدينا في البحرين... الكثير طبعاً... ولكن من الذي يقدرهم ويقف معهم إذا كانت الوزارة التي هي من المفروض أن تكون الساعد الأيمن لعمال البحرين تنكرت لهم وتجاهلتهم... وزارة العمل لابد وأن تعلم بأن هؤلاء العمال المخلصين يحسون باللوعة في كل يوم يسمى عيد العمال، وهو يشكل لهم عقدة كبيرة... لأن الذي يعمل بكل جد والذي يعمل بكل إهمال هم في نظر الوزارة عمال متساوون.
غداً هو الأول من مايو/ أيار وهو عيد العمال... ونحن بهذه المناسبة نطالب من وزارة العمل أن تضع الحلول الناجحة للبحرينيين المخلصين في أعمالهم، وتجبر الشركات الخاصة والعامة والتي لديها موظفون من أصحاب السجلات البيضاء والنظيفة على إعادة النظر في حجم الرواتب المصروفة لهم، وحجم الزيادة السنوية المفروضة على الرواتب، وحجم العلاوات ونوعيتها... الوزارة مطالبة بما هو أكثر من فقط إيجاد فرص العمل للبحرينيين العاطلين، هي مطالبة أيضاً بالمحافظة على استقرار العمال في وظائفهم ، وهي مطالبة أيضاً بتحسين الظروف العامة للعمل وظروف المعيشة لجميع عمال البحرين وذلك من خلال تحسين الرواتب.
وزارة العمل مطالبة بأن تضع التشريعات لرفع الأجور للعامل البحريني، وبما يتناسب مع الأسعار المعيشية في السوق البحرينية... فمن غير المعقول أن يكون هناك عامل بحريني يعمل في شركة خاصة ولمدة 17 سنة متواصلة، ووظيفته هي سواقة سيارة ثقيلة تحمل المياه، ويعاني لمدة عشر ساعات يومياً في جو حار ورطب ، وكل ذلك براتب مئتين دينار في الشهر.
نحن نطالب الوزارة أن تقول لهذا العامل... قواك الله يا بو أحمد..
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1332 - السبت 29 أبريل 2006م الموافق 30 ربيع الاول 1427هـ