في ظل البركان المتفجر طائفيا من العراق على المنطقة، المسلمون بحاجة إلى تصحيح خطابهم تجاه بعضهم البعض للبحث عن المشتركات، فلابد من إعادة قراءة الخطاب الاسلامي في داخل كل البيوتات الاسلامية، لابد من إعادة صوغ وتصحيح وتفكيك لكي تصنع أوقية مصفحة تحصن الجسد الانساني من الطعنات والضربات البرغماتية. دكاكين فتحت تاريخيا وإلى يومنا هذا تعتاش على علب السردين المؤدلجة التي توزع على العوام من الناس. روايات تتفجر على المنابر عدائيا، وخطابات في حال انشطار دائم تقسم المسلمين ضد بعضهم بعضا، بلغة تخوينية، إذ أصبح كل واحد يدعى احتكار الجنة وتسجيلها في السجل العقاري الخاص به.
المتطرفون موجودون في كل الأطراف وهم وراء ابتلاءات العالم ثقافيا وسياسيا واجتماعيا، كانوا في السياسة أو الدين. قبل أيام قرأت كتيبا للداعية الشهير يوسف القرضاوي: «مبادئ في الحوار والتقريب بين المذاهب الاسلامية»، يدعو فيه إلى التواصل العملى بين الشيعة والسنة.
الكتاب قيم ومن أراد التوسعة في هذا البحث فليرجع إلى كتاب الشيخ محمد الغزالي واسمه :(دستور الوحدة الاسلامية) بين المسلمين وألف ايضا كتاب: «التعصب والتسامح بين المسيحية والاسلام». دار نهضة مصر.
كتيب القرضاوي يعكس رؤية حداثوية تواصلية تعكس مدى ادراك الدعاة إلى اهمية الحوار بين المذاهب خصوصا بعد الام العراق الاخيرة التي مازالت تقذف بحممها على الدول العربية والاسلامية. القرضاوي طرح عشرة مبادئ في الحوار والتقريب وهي:
1- حسن الفهم، وحسن الظن والتركيز على نقاط الاتفاق والتحاور في المختلف فيه وتجنب الاستفزاز واجتناب تكفير كل من قال (لا اله الا الله) والبعد عن شطط الغلاة وطرح اقوال المعتدلين من الشيعة والسنة في القضايا الخلافية وطرح اهمية المصارحة بالحكمة والحذر من دسائس الاعداء واخيرا، ضرورة التلاحم في وقت الشدة. اعتقد ان الطوائف بحاجة إلى قراءة مثل هذه الكتب خصوصا في القضايا الخلافية، وطرح عبر هذا الكتيب الرؤية الشيعية الحقيقية كإخوانهم من السنة
وذكر بانهم يؤمنون بمصحف واحد بلاتحريف واستند إلى اقوال العلماء الشيعة كالشيخ الصدوق وصاحب مجمع البيان ونور الله الشوستري أو في الصلاة على التربة الخ. الكتيب كان موفقا في التقريب وان كان لا يخلو من بعض الملاحظات .وهذا امر طبيعي ان أية دراسة لا يمكن الاجماع على كل ما فيها، ولكن اذا كانت نسبة النجاح تقدر بـ 90 بالمئة فهو نجاح يستحق الشكر والدعم والتقدير.
اليوم تعقد المؤتمرات للحوار بين الاديان وهذه خطوة ايجابية، لكن اعتقد في موازاة ذلك بحاجة إلى حوار بين المذاهب، بل بين المذهب ذاته. هذه الاختلافات إذا قبلت بروح عالية تصبح اثراء للامة وتنوعا وتوصلنا إلى حيث التحضر والحضارة. اليوم الناس تبحث عن خطاب يقرب لا يبعد بين المجتمعات، وهذه قضية تحتاج إلى علاج، وليس الناس بحاجة إلى مزيد من اشعال الحرائق في داخل بيوتات المسلمين أو حتى الاديان. في الاديان الاخرى يوجد اضاءات انسانية واخلاقية تدعو للمحبة والسلام والوفاء والصدق والاخلاق والتواصل فلماذا لا نمد الجسور؟وما المانع من أن نقيم العلاقات معهم، بعيدا عن النرجسية المؤدلجة أو الاستعراض في ادعاء كامل الحقيقة؟ الامل يحدو الجميع بطرح خطابات تقرب بين الاديان وبين الشعوب والمجتمعات تحت المظلة الانسانية وأن يتم احترام طقوس الاخرين.لعل المفكر الاسلامي خالص جلبي من افضل المفكرين الاسلاميين في دعوته لنظرية الاعنف، وفي اطروحاته المتميزة الداعية إلى اللقاء الانساني، مع التمسك بالاصالة دون الغاء العصر والتطور الحضاري بين البشر. شبابنا اليوم بحاجة إلى قراءة فكر خالص جلبي وابراهيم البليهي والشيخ محمد الغزالي ومحمد اقبال وهاني فحص كي يعرفوا كم هو الاسلام جميل عندما يعرض بفكر منفتح وسطي سلمي معتدل غير معبأ أو متورم تجاه أحد، ودائما ما يبحث عن الواقعية والبحث عن المشتركات. المسلمون بحاجة إلى تصالح بينهم وبين المسيحيين ايضا بلغة تعتمد على المحبة والبحث عن المشتركات
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1332 - السبت 29 أبريل 2006م الموافق 30 ربيع الاول 1427هـ