العدد 1332 - السبت 29 أبريل 2006م الموافق 30 ربيع الاول 1427هـ

السياسة والمشاعر والعلاقات العامة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

المراقب لممارسات وتصريحات الجهات الأهلية والرسمية يلحظ مدى اختلاط السياسة بالمشاعر بتصريحات العلاقات العامة. فسفير البحرين في واشنطن يصرح أثناء اجتماع له مع قادة يهود أميركان بتصريحات تتناسب والأجواء التي كانت تحيط به. فهو في وسط يهودي متنفذ وعليه أن يصرح بعدد من الأمور التي ترغب هؤلاء النافذين في البحرين.

وربما لم يتوقع السفير ناصر البلوشي أن تقوم إحدى الصحف الأميركية بنقل ما قاله لاحقا، ولم يتوقع ان تنقل «الوسط» ما قاله للرأي العام البحريني، ومن ثم تتابع بعض وكالات الانباء ردود الأفعال ... وحتى «الوسط» لم تترجم كل ما ورد في التقارير الصحافية، إذ كانت بعض العبارات حادة ضد حركة حماس وضد إيران، بينما كانت ترحيبية بكل ما يتعلق بمستقبل العلاقات السياسية والاقتصادية مع «إسرائيل».

لاشك أن السفير كان يستخدم لغة «العلاقات العامة» وهو يجتمع مع قادة من اليهود الأميركان، كما أن وزير الإعلام وزير الدولة للشئون الخارجية محمد عبدالغفار كان في أميركا الأسبوع الماضي واستخدم خطاب العلاقات العامة للترويج للبحرين في الدوائر السياسية المؤثرة.

وبينما كان السفير يتحدث بلغة العلاقات العامة، كانت هناك مجموعات أهلية تشارك في مظاهرة ضد الاحتلال الأميركي في العراق وتدعو إلى مناصرة حماس، بل وترتفع صور أسامة بن لادن أثناء مسيرة الجمعة (أمس الأول). الحال هنا مختلفة، فبإمكان أي شخص أو مجموعة صغيرة الدخول على الخط وتوزيع الصور لكي ترتفع أثناء المسيرة من باب التعاطف والأحاسيس والمشاعر... ومثل هذه الحال تجدها أيضاً في بعض النشاطات التي تقوم بها فئات أهلية أخرى عندما ترفع صوراً لعلماء دين يتسنمون مناصب سياسية في إيران أو لبنان.

وهكذا إذاً، نعيش بين مشاعر متضاربة، وتحت ضغوط متناقضة. فتصريحات السفير البحريني في أميركا تناسب جداً الأجواء التي يعيشها، كما أن بعض المظاهر تتوافق مع مشاعر وعواطف بعض الجهات الأهلية تجاه هذا الموضوع أو ذاك. ولكن هل السياسة تخضع للمشاعر والعلاقات العامة إلى الدرجة التي تنفلت البوصلة وتتجه بصورة متناقضة في وقت واحد؟ وهل من المناسب أن نفسح المجال للضغوط التي تواجهنا بأن تبلور مواقف عملية على الأرض ربما لا تتناسب وأجندتنا الوطنية؟

ربما تكون البحرين صغيرة، ولذلك فإنها تتأثر بسرعة بما يدور حولها، ولكن صغر المجتمع بالإمكان أن يوفر لنا فرصة لكي نسيطر أكثر على أوضاعنا بحيث لا تصبح أجندتنا الوطنية ضحية لضغوط العلاقات العامة، أو ضحية لمشاعر جياشة قد ترسل الرسالة الخطأ وتضر بمصالحنا كمجتمع ودولة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1332 - السبت 29 أبريل 2006م الموافق 30 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً