التاريخ مازال يلعب بذاكرة المجتمع العربي والإسلامي وكذلك مازال يشتغل على الحساسيات بين الأديان. اليهود يذرفون الدمع على ما جرى عليهم وقصة الهولوكوست تقفز طيلة الوقت في خطب بعضهم واحاديثهم، وفي الوقت ذاته تلمح بعضا من المسلمين مازال لا يفرق بين المسيحيين والصليبيين، وان هناك فرقا كبيرا بينهما فالمسيحيون يرفضون التسفيه ويرون ان الحملات الصليبية ليست منهم ولهم تفاصيل في الموضوع، بل وتجد الكثير من الزعماء المسيحيين يرفضون ان تنسب لهم اخطاء القادة السياسيين للدول الغربية، بل وتجد منهم من يصدر بيانات ضد هذه السياسات ويدين أعمال الاجرام التي تجري بحق الفلسطينيين من قبل الإسرائليين. في مؤتمر الدوحة الرابع لحوار الاديان تحدث المطران جورج صليبا «مطران جبل لبنان للسريان الارثوذكس» وقدم ورقة رائعة، وللحق كانت كلمته متميزة وكان بمثابة من يبحث عن اضاءة تلاقي بين الأديان ربما تساعده لفتح علاقات تواصلية مع الآخر والمطران راح يدين وبشدة التطاول الذي قامت به بعض الصحف الدنماركية على الرسول (ص) وأكد أيضاً على وجوب عدم الخلط بين أعمال هؤلاء الحمقى على أي ديانة ودعى إلى تعزيز العلاقات بآليات عملية على الواقع.
ما كان مميزاً في المؤتمر أيضاً البروفيسور جاكوب بيندر وهو خبير الأديان بالشرق الاوسط وهو أيضاً يهودي، إلا أنه يمتاز بنكهة غريبة وجميلة في ذات الوقت، فهو يعمل على إخراج فيلم وثائقي يريد ان يسلط به على مواضع التلاقي بين الديانات الثلاث، المسيحية والإسلامية واليهودية فهو يفرق بين هذه الديانات فيما تدعو به الى السلام والمحبة وبين ما يمارس على الأرض من سياسات طائفية - الأديان بريئة منها - في المجتمعات. انه يمتلك جرأة نقد «اسرائيل» وما تمارسه من اجرام ضد الفلسطينيين.
المؤتمر ناقش الكثير من القضايا منها: الدين والعولمة وتعزيز القيم الخلقية والقيم والمصالح اساس العلاقات بين الديانات الإبراهيمية. وكان من ضمن المتحدثين المطران سيبوه سركيسيان، مطران ابرشية طهران للكنيسة الارمينية التابعة لكاثوليكوسيتنا في ايران وكذلك اللورد هيلتون عضو مجلس اللوردات في لندن. قيمة المؤتمر تمثلت في وجود كل هذه النخب وعلماء الدين ورجالاته فتجد هناك الحاخام والمطران والاب والبطريرك وعلماء دين مسلمين، كلهم مجتمعون ويتحدثون والجلسات لم تخل من اثارة وبعض الحمم التي قذفت بنفسها من التاريخ، بيد ان ايقاع المؤتمر بقي مستقراً ومتقارباً حتى نهاية المؤتمر الذي جاء بتوصيات منها تأسيس مركز للحوار بين الاديان يكون مقره قطر. بالنسبة الي سعدت كثيراً وشعرت أني اضفت إلى نفسي الكثير من الأفكار والمعلومات عن الأديان السماوية وغيرها إذ جلست مع رجال دين من الطوائف المسيحية المختلفة من الطائفة المارونية أو الارثوذكسية أو الإنجيلية وهناك أيضاً التقيت بالسفير البابوي للفاتيكان في الخليج وكانت له هو الآخر رؤى جميلة، وقراءة مستقبلية للاديان والعلاقة بينها. الإضاءة الأخرى هي توفقي لإجراء حوار صريح بمعية المطران صليبا وعميدة كلية الشريعة عائشة المناعي واليهودي جاكوب بيندرخبير الأديان في أميركا في قناة الجزيرة سيبث يوم الاثنين المقبل في الساعة العاشرة والخمس دقائق بتوقيت قطر. لا أريد ان احرق الحوار لكنه اطل على كل الآراء الناقدة أو الداعمة للمؤتمر. نقطة اخيرة تقال: ان عنصر النساء كان بارزا في المؤتمر وهناك حضور للمرأة القطرية في المشاركة والاعداد وهذه نقطة مدنية جميلة تعكس آفاقاً تطلعية لدور بارز للمرأة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1331 - الجمعة 28 أبريل 2006م الموافق 29 ربيع الاول 1427هـ